أسئلة نظام التكليف

أعلنت وزارة الصحة مؤخرًا عن نظام جديد لتكليف شباب الأطباء، تم تداول بعض تفاصيله فى وسائل الإعلام ووسائل التواصل الاجتماعى من دون الإعلان عنه بشكل رسمى بعد. والحقيقة هى أن هذا النظام يثير تساؤلات عدة ومتعددة، منها الآتى:
أولًا: هل يوجد عدد كافٍ من المستشفيات المُجهَّزة لتدريب الزمالة تستوعب الدفعات حديثة التخرج كاملة، مع العلم بأن الزمالة الآن تستوعب ألفى طبيب فقط فى السنة، فكيف تستوعب عشرة آلاف طبيب بين ليلة وضحاها؟، وهل سيظل برنامج الزمالة بنفس جودة التدريب، مع مضاعفة العدد إلى خمسة أضعاف بنفس الإمكانيات؟.
ثانيًا: مَن سيقوم بخدمة المواطنين فى الوحدات الصحية خلال السنوات الأربع الأولى فى النظام الجديد؟ فالطبيب فى نظام الزمالة المصرية الجديد يعمل فى الوحدات الصحية ثلاثة أشهر من كل عام، باستثناء أطباء طب الأسرة الذين يعملون تسعة أشهر فى الوحدات الصحية، وبالتالى يكون العجز فى السنة الأولى 75% فى الوحدات الصحية، ثم يقل تدريجيًا.
ثالثًا: أعلنت وزارة الصحة عن أن الطبيب فى نظام التكليف الجديد يقضى تسعة أشهر فى المستشفى، وثلاثة أشهر فى الوحدات الصحية، «بمعنى تقليص مدة التدريب فى الزمالة من خمس سنوات إلى ثلاث سنوات ونصف السنة»، فهل هذه المدة كافية لتدريب الأطباء فى تخصصات مثل جراحة المخ والأعصاب وجراحة القلب والصدر والرمد والعظام وغيرها؟.
رابعًا: كيف لطبيب يتدرب فى تخصص من التخصصات سابقة الذكر مثلًا أن يعمل فى وحدة صحية لمدة ثلاثة أشهر كل عام، أى خمسة عشر شهرًا، خلال مدة التدريب «خمس سنوات»، علمًا بأن معظم الحالات التى تتلقى خدمة طبية فى وحدات الرعاية الصحية هى حالات أطفال وأمراض باطنية مزمنة، فكيف سيؤثر ذلك على توفير خدمة صحية جيدة لمواطنى القرى؟.
خامسًا: ما مصير الطبيب الذى سيُوزَّع على تخصص لا يرغبه أو على مكان لا يستطيع العمل به؟ علمًا بأنه ليس للطبيب فى النظام الجديد فرصة لاختيار التخصص الذى يرغبه أو مكان التدريب الذى يريده، وما مصير الطبيب الذى سيُوزَّع على محافظات تبعد آلاف الكيلومترات عن محافظته، علمًا بأن الوزارة أعلنت أن درجته المالية ستكون بمديريته، فكيف سيتمكن الطبيب فى هذه الحالة من نقل درجته المالية؟.
وأخيرًا، ألن تدفع كل هذه المعوقات إلى زيادة معدلات استقالات الأطباء أو دفعهم دفعًا إلى الهجرة، «وهو ما يحدث الآن»، ومن ثَمَّ إلى تردى الخدمة الطبية فى مصر؟.