أكدت المحكمة الإدارية العليا، أنه يتعين على أساتذة الجامعات التحلّى بالأخلاق الكريمة بما يتفق مع التقاليد الجامعية العريقة، كونهم قدوة لطلابهم؛ يعلمونهم القيم والأخلاق وينهلون من علمهم ما ينفعهم، غير أن من يخرج منهم عن إطار تقاليد الوظيفة الجامعية، ويأتى فعلًا مُزريًا بالشرف، يتعين بتره منها، ليبقى ثوبها أبيض ناصعًا. ديباجة المحكمة السابقة جاءت ضمن حكمٍ أصدرته، برئاسة المستشار عادل بريك، نائب رئيس مجلس الدولة، وقضت فيه بعزل أستاذ بإحدى الجامعات ثبت اغتصابه إحدى طالباته أثناء إعطائه دروسا خصوصية لها فى شقته، بعدما أوهمها بحبه، وذكرت أنه ثبت من الأوراق تقدم والدة الطالبة بشكوى إلى رئيس الجامعة، أوضحت فيها أن ابنتها كانت تحصل على دروس خصوصية فى منزل أستاذ لها، وخلال تلك المدة أوهم ابنتها بحبه رغم فارق السن بينهما، وعرض عليها الزواج والسفر للخارج، واعتدى عليها واغتصبها، ليتبين بعدها أنها حامل منه، إلّا أنه تم إجهاضها على يد أحد الأطباء. وأضافت المحكمة، أن والدة الطالبة ذهبت إلى الجانى وحصلت منه على إقرار بما فعل، ووقع عليه، ثم طلبت التحقيق فى الشكوى المقدمة منها، وتمت إحالة الأستاذ الجامعى للتحقيق ثم لمجلس التأديب الذى قرر عزله، ثم أقام طعنه أمام «الإدارية العليا»، بقصد عودته لعمله من جديد، وأكدت أنها لا تملك فى حدود ولايتها قصاصًا من الطاعن سوى عزله من وظيفته. وأضافت المحكمة، أن الجامعة تختص بكل ما يتعلق بالتعليم الجامعى والبحث العلمى الذى تقوم به كلياتها ومعاهدها فى سبيل خدمة المجتمع والارتقاء به حضاريًا، متوخية فى ذلك المساهمة فى رقى الفكر وتقدم العلم وتنمية القيم الإنسانية، وهو ما يفرض على أساتذة الجامعات التحلى بالأخلاق الكريمة والسلوك القويم، فيجب على عضو هيئة التدريس، أن يحافظ على كرامة وظيفته، وينأى عن ارتكاب أى أعمال تنال من هذه الكرامة، فضلًا عن وجوب التزامه بالتمسك بالقيم والتقاليد الجامعية الأصيلة وترسيخها فى نفوس الطلاب، وأن يبتعد عن كل فعل يمس نزاهته أو كرامته أو كرامة وظيفته، أو يأتى بفعل يزرى بشرف عضو هيئة التدريس، وهو الذى يتصل الأمر فيه بالمقومات الأساسية للقيم العليا فى الإنسان كعرضه وأمانته. وأوضحت المحكمة، أن ما كشفت عنه التحقيقات وتحريات الشرطة وشهادة الشهود الذين أجمعوا جميعًا على أن الطاعن اعترف أمامهم بأنه تعدى جنسيًا على الطالبة، وسوف يتزوجها، وكان ذلك السلوك الممقوت منه والذى يمثل اغتصابًا لها، سعيًا وراء إشباع رغبة جنسية محمومة لا يبصر عواقبها أدت به إلى هاوية الهلاك وسلك بمسلكه ذلك سلوكًا معيبًا ينطوى على إخلال جسيم بكرامة الوظيفة الجامعية التى يتقلدها والقيم الرفيعة المأمولة منه علمًا وتربية، جعلته على شفا جرف هارٍ فانهار به فى نار الوضيعة والوحل، ولا يستقيم مع ما تفرضه تلك الوظيفة عليه من تعفف واستقامة وبعد عن مواطن الريبة والدنايا، ولا يدرأ عنه ذلك الإثم ما سطرته مذكرة دفاعه من دفاع جاء واهيًا مرسلًا ينحل إلى جدل موضوعى فى تقدير الدليل، ما يستقل به مجلس التأديب بغير معقب عليه.