د. جمال شعبان يكتب: الإنسان يحب بقلبه

لقرونٍ مضت، كانت النظرة للقلب من الناحية الفسيولوجية أنه مجرد مضخة للدم فقط. ولكن مع بداية القرن ال 21، ومع تطور عمليات زراعة القلب والقلب الصناعى وتزايد هذه العمليات، بدأ بعض الباحثين بملاحظة ظاهرة غريبة ومحيرة لم يجدوا لها تفسيرًا إلا أن نغيّر نظرتنا إلى القلب طبيًا!. ظاهرة تغير الحالة النفسية للمريض بعد عملية زرع القلب، وهذه التغيرات النفسية عميقة لدرجة أن المريض بعد أن يتم استبدال قلبه بقلب طبيعى أو صناعى، تحدث لديه تغيرات نفسية عميقة، بل إن التغيرات تحدث أحيانًا فى معتقداته، وما يحبّه ويكرهه، بل تؤثر على إيمانه أيضًا!!.
القلب يتذكر ويشعر ويرسل تعليمات لكل أعضاء الجسد، القلب يحوى خلايا عصبية معقدة جدًا، ويفرز هرمونات تتحكم بنظام عمل الجسم، ويستطيع أن يتذكر ويشعر ويتحكم بالعواطف، فكل ضربة يقوم بها القلب يبث للدماغ وبقية أعضاء الجسم رسائل عبر الدم، هذه الرسائل عبارة عن إشارات كهرومغناطيسية. ويتغير إيقاع القلب والإشارات التى يبثها مع تغير الحالة العاطفية. عشرات الأبحاث تؤكد أن القلب يسيطر على كل الجسد، وليس المخ. وبعض الباحثين اليوم يعتقدون أن القلب هو الذى يوجّه المخ فى عمله، بل إن كل خلية من خلايا القلب لها ذاكرة!.
آلية عمل القلب
وقد قام الدكتور Gary بأكثر من 300 حالة زراعة قلب، ووجد أن جميعها قد حدثت لها تغيرات نفسية جذرية بعد العملية. ويقول الدكتور Schwartz: قمنا بزرع قلب لطفل من طفل آخر أمه طبيبة وقد توفى، وقررت أمه التبرع بقلبه، ثم قامت بمراقبة حالة الزرع جيدًا، وتقول هذه الأم: «إننى أحس دائمًا بأن ولدى ما زال على قيد الحياة، فعندما أقترب من هذا الطفل (الذى يحمل قلب ولدها) أحس بدقات قلبه، وعندما عانقنى أحسست بأنه طفلى تمامًا، إن قلب هذا الطفل يحوى معظم طفلى!».
القلب الصناعى يُفقد صاحبه الإحساس بالحب والعاطفة!!
هناك أمر مثير للاهتمام، ألا وهو أن أولئك المرضى الذين استبدلت بقلوبهم قلوب اصطناعية، فقدوا الإحساس والعواطف والقدرة على الحب!.
وهناك الكثير من العمليات قد أُجريت وتمت فيها زراعة القلب الاصطناعى، يقول المرضى بعد العملية مباشرة: «إن مشاعرهم تغيرت بالكامل، فلم يعودوا يعرفون كيف يحبون أو يعبرون عن عاطفتهم وحتى مشاعرهم تغيرت تجاه أفراد أسرهم».
العلماء يعترفون: إنهم لم يدرسوا القلب دراسة علمية كافية
حتى هذه اللحظة لم يستطع الأطباء تفسير هذه الظاهرة، لماذا حدث هذا التحول النفسى الكبير، وما علاقة القلب بنفس الإنسان ومشاعره وتفكيره؟.. يقول البروفيسور Arthur Caplan رئيس قسم الأخلاق الطبية فى جامعة بنسلفانيا فى الولايات المتحدة الأمريكية: «إن العلماء لم يعطوا اهتمامًا لهذه الظاهرة، بل إننا لم ندرس علاقة العاطفة والنفس بأعضاء الجسم، بل نتعامل مع الجسم وكأنه مجرد آلة».
شفرة القلب
يقول الدكتور Paul Pearsall بعد تجارب ومشاهدات استمرت سنوات طويلة: «إن القلب يحسّ ويشعر ويتذكر ويرسل ذبذبات تمكّنه من التفاهم مع القلوب الأخرى، ويساعد على تنظيم المناعة، ويحتوى على معلومات يرسلها إلى كل أنحاء الجسم مع كل نبضة من نبضاته». ويتساءل بعض الباحثين: هل من الممكن أن تسكن الذاكرة عميقًا فى قلوبنا؟، ويقول Paul فى كتابه «شفرة القلب»: «إنك عندما تفاجأ بشىء أو تفرح أو تحزن، فإنك تضع يدك على صدرك دون أن تشعر». من الأبحاث الغريبة التى أجريت فى معهد «رياضيات القلب» أنهم وجدوا أن المجال الكهربائى للقلب قوى جدًا ويؤثر على من حولنا من الناس، أى أن الإنسان يمكن أن يتصل مع غيره من خلال قلبه فقط دون أن يتكلم!!!، كما وجدوا أن دقات القلب تؤثر على الموجات التى يبثها الدماغ (موجات ألفا)، فكلما زاد عدد دقات القلب زادت الترددات التى يبثها الدماغ.
لو سألتنى: الحب بالعين أم بالقلب؟
الإجابة: الحب بالقلب عن طريق العين.
فالعين نافذة على القلب.
مدير معهد القلب السابق