البطريرك يزور كاتدرائية السيّدة العذراء في مدينة ستراسبورغ – فرنسا    «حضر اغتيال السادات».. إسماعيل فرغلي يكشف تفاصيل جديدة عن حياته الخاصة    تهنئة إيبارشية ملوي بعيد الأضحى المبارك    االأنبا عمانوئيل يقدم التهنئة بعيد الأضحى المبارك لشيخ الأزهر الشريف أحمد الطيب    تراجع سعر سبيكة الذهب اليوم واستقرار عيار 21 الآن ثالث أيام العيد الثلاثاء 18 يونيو 2024    بعد الارتفاع الأخير.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الثلاثاء 18 يونيو في ثالث أيام العيد    وزراء البيئة بالاتحاد الأوروبي يوافقون على قانون استعادة الطبيعة    عيد الأضحى يطل على غزة من نافذة الحرب والدمار    ثبات سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الثلاثاء 18 يونيو 2024    أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس يكشف السيناريوهات المتوقعة عقب حل مجلس الحرب الإسرائيلي (فيديو)    اشتباكات بين آلاف المتظاهرين والشرطة الإسرائيلية أمام مقر إقامة نتنياهو    تعليق عاجل من الخارجية الأمريكية بشأن قرار نتنياهو بحل مجلس الحرب الإسرائيلي    شيخ الأزهر يهنئ الملك سلمان وولي العهد السعودي بنجاح موسم الحج    تقرير: رحلة أطفال غزة للحصول على غذاء مستحيلة    تقرير: عيد الأضحى في مأرب اليمنية ككل الأيام في خيام لا تقي النازحين سيلا ولا قيظا    تظاهر عشرات آلاف الإسرائيليين أمام الكنيست يطالبون بانتخابات جديدة    ماليزيا ستبدأ قريبا عملية الانضمام إلى «بريكس»    يورو 2024.. منتخب فرنسا يتخطى النمسا بالنيران الصديقة    بعد الفوز على الزمالك| لاعبو المصري راحة    لسبب جسدي.. أنس جابر تعلن غيابها عن أولمبياد باريس 2024    معركة حسمها إيفان.. حكم الفيديو أنقذنا.. تعليقات الصحف السلوفاكية بعد الفوز على بلجيكا    مدرج اليورو.. الديك الفرنسي والبطاطس البلجيكية وقناع دي بروين (صور)    ملخص وأهداف جميع مباريات الاثنين في يورو 2024    يورو 2024| ترتيب المجموعة الرابعة بعد انتهاء الجولة الأولي    في ثالث أيام العيد.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم في مصر ودرجات الحرارة المتوقعة    وفاة 10 حجاج من أبناء كفر الشيخ خلال أداء مناسك الحج.. اعرف التفاصيل    بيان عاجل من وزارة السياحة بشأن شكاوى الحجاج خلال أداء المناسك    لماذا يتزايد عدد من يتجنبون متابعة الأخبار؟    السيطرة على حريق بمحل بطنطا دون خسائر في الأرواح.. صور    عمرو دياب لجمهوره: «أنا بقدركم وبحبكم».. وعمرو أديب: «أنت خايف ليه؟»    حظك اليوم برج الحوت الثلاثاء 18-6-2024 على الصعيدين المهني والعاطفي    تامر حسني يشوق الجمهور لعمل غنائي جديد    فيلم Inside Out 2 يحطّم الأرقام القياسية في شباك التذاكر    بوجلود.. احتفالات أمازيغية بجلود الأضاحي يمتزج فيها المرح بالرعب    إيهاب فهمي يكشف تفاصيل قصة حبه مع زوجته.. ما علاقة انتخابات المهن التمثيلية؟    حلو الكلام.. بسيط كالماء    عاجل.. أميرة نايف تعلن وفاة والدتها: «اللهم ارحم موتانا»    التحقيق مع حداد مسلح أشعل النيران في زوجته بسبب خلافات بينهما بالعاشر    قائمة الاتحاد السكندرى لمواجهة الأهلى.. غياب مابولولو وميسى    حل مشكلة الصرف الصحى بدير جبل الطير بالمنيا    سرادقات عزاء في عدة مراكز.. المنيا تسجل 6 حالات وفاة اثناء أداء مناسك الحج (صور)    شقق التضامن الاجتماعي.. تفاصيل تسليم 1023 وحدة سكنية ب 400 مليون جنيه    في 10 دقائق.. قرار جديد من التعليم ل خدمة طلاب الثانوية العامة    وكيل «صحة الشرقية» يقرر نقل 8 من العاملين بمستشفى ههيا لتغيبهم عن العمل    مشروع الضبعة.. تفاصيل لقاء وزير التعليم العالي بنائب مدير مؤسسة "الروس آتوم" في التكنولوجيا النووية    بتوزيع الهدايا للأطفال.. محافظ الأقصر يهنئ متحدي السرطان بعيد الأضحى    الإفتاء توضح حكم طواف الوداع على مختلف المذاهب    منظمة الأغذية: مصر تنتج 413 ألف طن لحوم أبقار سنويًا    انتبه- 3 روائح يصدرها جسمك عند الإفراط في لحم العيد    شروط القبول في برنامج البكالوريوس نظام الساعات المعتمدة بإدارة الأعمال جامعة الإسكندرية    دعاء يوم القر.. «اللهم اغفر لي ذنبي كله»    إطلاق مبادرة «الأب القدوة» في المنوفية.. اعرف الشروط    تعرف أفضل وقت لذبح الأضحية    لبيك اللهم لبيك    ثاني أيام عيد الأضحى 2024.. طريقة عمل كباب الحلة بالصوص    مدير صحة شمال سيناء يتابع الخدمات الطبية المجانية المقدمة للمواطنين    الفرق بين التحلل الأصغر والأكبر.. الأنواع والشروط    الخشت يتلقى تقريرًا حول أقسام الطوارئ بمستشفيات قصر العيني خلال العيد    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المقاهى أندية الفُقراء والكافيهات أندية الطبقة الوسطى
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 02 - 2020

انتشرت المقاهى البلدية فى كل شوارع وأزقة المُدن، بل وفى مداخل بعض العمارات والبنايات السكنية. ومع زيادة التوافد عليها، فقد امتد معظمها إلى رصيف الشارع الذى يقع فيه المقهى، بل وأحياناً عبر الشوارع والأزقة الجانبية. وتعمل معظم تِلك المقاهى ستة عشر ساعة، فيفتح بعضها من السابعة صباحاً ويستمر إلى منتصف الليل، ما لم يكن التصريح الممنوح له رسمياً ينص على غير ذلك. بل وهناك مقهى الخديو بالمهندسين، الذى لا يقفل أبوابه على امتداد أربع وعشرين ساعة يومياً.
ولأن الإنسان كائن اجتماعى، فهو يسعى دائماً للتواصل مع غيره من الكائنات الاجتماعية. وهكذا ظهرت المؤسسات الاجتماعية، بداية من أبسطها، وهى الأسرة أو العائلة بأشكالها الممتدة، والتى كانت تقوم بكل الوظائف الأساسية للبقاء والاستمرار فى الحياة – من إشباع الحاجات الأساسية من مأكل ومشرب، وحماية ورعاية، وتنشئة وتعليم وترويح. ومع تطور الجماعات حجماً ونوعاً، بدأت تظهر المؤسسات التخصصية لأداء بعض الوظائف التى كانت تقوم بها الأسرة –بدءاً برياض الأطفال، ثم المدرسة، بمراحلها المتدرجة، إلى المرحلة الجامعية بالنسبة للقادرين الراغبين.
ونشأت الأندية الاجتماعية والثقافية والرياضية، لتلبية حاجات أبناء المُدن من الطبقات العُليا والمتوسطة. كذلك نشأت وتكاثرت النقابات المهنية، والتى بدأت بوظائف مطلبية لأبناء كل مهنة، ثم سرعان ما أضافت كل نقابة تلبية وظائف اجتماعية وثقافية ورياضية وترويجية.
أما الفئات الأخرى التى لم يتوفر لها مثل تِلك النقابات، فقد وجدت ضالتها المنشودة فى المقاهى بكل مستوياتها، فكان المقهى أو القهوة البلدية، تقوم بوظيفة النادى أو الجمعية الحِرفية. وبشكل تلقائى، تدريجى، يتجمعون فى مقهى معين فى كل مدينة، من ذلك تجمع التجاريين، أو النقاشين، أو البنائين. وقد أغرى ذلك أصحاب حِرف ومهن أخرى على أن تتجمع فى مقاه بعينها. فحتى مع وجود نقابات للمحامين والمهندسين، والتجاريين، والاجتماعيين، إلا أن معظم أبناء تِلك المُدن، فى القاهرة، وعواصم المحافظات، كانوا ينزعون إلى اللقاء فى مقاه بعينها، فى وسط البلد. وربما كان ذلك لمزيد من الحُرية والتنوع فى التعامل مع أخرين من خارج المهنة، وربما للاقتصاد فى نفقات المشروبات والمأكولات.
وهكذا أصبحت مقاهى وسط البلد، وأحياء معينة – مثل المهندسين، والزمالك، والتوفيقية، ودوران شُبرا، مقاصد مختارة لأبناء الطبقة الوسطى، وتؤدى تقريباً نفس الوظائف التى تؤديها الأندية الانتقائية – مثل الجزيرة، والزمالك، والصيد، والأهلى، وغيرها من النوادى.
ومما جعل تِلك المقاهى تقوم بالوظيفة الاجتماعية أكثر وأكثر، هو الصعوبة المتزايدة فى الانضمام للأندية الكُبرى المعروفة. فثمة صعوبة عددية، وأخرى مالية، وثالثة طبقية. وتتمثل الصعوبة العددية فى أن معظم الأندية الأقدم والأشهر، كانت العضوية فيها عضوية أسرية، ويتوارثها الأبناء والأحفاد. ومجالس إداراتها، حتى لو بالانتخاب رسمياً، إلا أن معظمهم هم من نفس سُلالة مَن كانوا أعضاء قبل قرن من الزمان، أى أننا نتحدث عن أربعة أو ثلاثة أجيال، يتوارثون عضوية تِلك الأندية، ولا يقبلون إلا أعداداً محدودة جداً من راغبى العضوية. وكانت القيمة المالية لرسوم العضوية وسيلتهم لاستمرار الانتقائية لراغبى تِلك العضوية، والتى وصلت إلى ما يقرب من مليون جنيه، فى أواخر القرن العشرين، وبدايات القرن الحادى والعشرين.
والأكثر طرافة أن عدداً متزايداً من المقاهى، أضاف إلى أنشطته التقليدية إلى تقديم المشروبات الباردة الساخنة، تقديم وجبات خفيفة –مثل الفول والطعمية والأجبان.
وهكذا يُلاحظ عُلماء الاجتماع ما يطرأ على المؤسسات الاجتماعية من تغير وتبدل فى الوظائف، لإشباع الاحتياجات الثانوية لأبناء الطبقات المختلفة، ومنها تزاحم أبناء فئات من الشرائح الدُنيا لعضوية المؤسسات الترويجية للفئات الأعلى، وضمن ذلك آليات الضبط الاجتماعى الانتقائية كاشتراطات العضوية، أو تكاليف الخدمات الإضافية التى تقدمها.
وقد لوحظ أن أحد هذه الآليات هو تغيير المسمى من المقهى إلى التسمية الفرنسية «كافيه». والذى لا يُدركه كثيرون هو أن تِلك التسمية الفرنسية المستحدثة هى نفسها مأخوذة من الأصل العربى، وهو المقهى، أو القهوة، والتى نقلها العرب المغاربة إلى فرنسا، وإسبانيا، وإيطاليا، وألمانيا تحت مسمى كافيه أورنيتال، أى مقهى شرقى، مع إضافة الترجيلة، أو الشيشة، وبعض المظاهر الأخرى، كشكل المقاعد والمناضد، والأكواب والفناجين التى تُقدم فيها المشروبات الساخنة.
ويبدو أن ذلك الغزو الثقافى المغاربى للمُدن الفرنسية خصوصاً، والأوروبية عموماً، قد أخذ مداه مع بدايات الألفية الثالثة، ومع فرنسته، عاد تدريجياً إلى المشرق عبر تركيا وبلاد الشام، ليصل إلى أحياء الزمالك والمهندسين ومصر الجديدة، ووسط القاهرة تحت مسمى كافيه، وأحياناً على بُعد شارع أو شارعين من مقاهى البُستان وباب اللوق، والتى تقدم الشاى والقهوة، وأحياناً الحلبة والمُغات.
فسُبحان مُغير الأحوال من المقهى إلى الكافيه، مع زيادة الأسعار لنفس المشروب مُضاعفاً عشر مرات!
وعلى الله قصد السبيل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.