تقرير أممي: التوسع الاستيطاني بالضفة الغربية يبلغ أعلى مستوى له منذ عام 2017 على الأقل    ترامب يثمن دور رئيس الوزراء الماليزى فى السلام بين كمبوديا وتايلاند    زعيمة المعارضة الفنزويلية تؤيد زيادة الضغط على مادورو حتى "يدرك أنه يجب عليه الرحيل"    بعد الخروج أمام الإمارات، مدرب منتخب الجزائر يعلن نهايته مع "الخضر"    مصرع شخص وإصابة 7 آخرين فى حادث تصادم بزراعى البحيرة    ياسمين عبد العزيز: كان نفسي أبقى مخرجة إعلانات.. وصلاة الفجر مصدر تفاؤلي    محمد فخرى: كولر كان إنسانا وليس مدربا فقط.. واستحق نهاية أفضل فى الأهلى    وول ستريت جورنال: قوات خاصة أمريكية داهمت سفينة وهي في طريقها من الصين إلى إيران    اليوم.. محاكمة المتهمين في قضية خلية تهريب العملة    هشام نصر: سنرسل خطابا لرئيس الجمهورية لشرح أبعاد أرض أكتوبر    ياسمين عبد العزيز: ما بحبش مسلسل "ضرب نار"    سلوى بكر ل العاشرة: أسعى دائما للبحث في جذور الهوية المصرية المتفردة    أكرم القصاص: الشتاء والقصف يضاعفان معاناة غزة.. وإسرائيل تناور لتفادي الضغوط    أحمد حسن: بيراميدز لم يترك حمدي دعما للمنتخبات الوطنية.. وهذا ردي على "الجهابذة"    الأهلي يتراجع عن صفقة النعيمات بعد إصابته بالرباط الصليبي    الأهلي يتأهل لنصف نهائي بطولة أفريقيا لكرة السلة سيدات    محمود عباس يُطلع وزير خارجية إيطاليا على التطورات بغزة والضفة    فرانشيسكا ألبانيزي: تكلفة إعمار غزة تتحملها إسرائيل وداعموها    إصابة 3 أشخاص إثر تصادم دراجة نارية بالرصيف عند مدخل بلقاس في الدقهلية    قرار هام بشأن العثور على جثة عامل بأكتوبر    بسبب تسريب غاز.. قرار جديد في مصرع أسرة ببولاق الدكرور    ننشر نتيجة إنتخابات نادي محافظة الفيوم.. صور    تعيين الأستاذ الدكتور محمد غازي الدسوقي مديرًا للمركز القومي للبحوث التربوية والتنمية    رئيس وزراء بلجيكا: لدينا شكوك بشأن منح أوكرانيا قرضًا باستخدام الأصول الروسية    كأس العرب - مجرشي: لا توجد مباراة سهلة في البطولة.. وعلينا القتال أمام الأردن    ياسمين عبد العزيز: أرفض القهر ولا أحب المرأة الضعيفة    الرعاة يدخلون التحدى.. وجائزة جديدة للمتسابقين    محافظ الدقهلية يهنئ الفائزين في المسابقة العالمية للقرآن الكريم من أبناء المحافظة    إشادة شعبية بافتتاح غرفة عمليات الرمد بمجمع الأقصر الطبي    روشتة ذهبية .. قصة شتاء 2025 ولماذا يعاني الجميع من نزلات البرد؟    بعد واقعة تحرش فرد الأمن بأطفال، مدرسة بالتجمع تبدأ التفاوض مع شركة حراسات خاصة    انفجار غاز يهز حيا سكنيا بكاليفورنيا ويتسبب في دمار واسع وإصابات    صحه قنا تعلن موعد انطلاق الحملة التنشيطية لتنظيم الأسرة ضمن مبادرة بداية    عمرو أديب ينتقد إخفاق منتخب مصر: مفيش جدية لإصلاح المنظومة الرياضية.. ولما نتنيل في إفريقيا هيمشوا حسام حسن    سعر جرام الذهب، عيار 21 وصل لهذا المستوى    الإسعافات الأولية لنقص السكر في الدم    مفتي الجمهورية يشهد افتتاح مسجدي الهادي البديع والواحد الأحد بمدينة بشاير الخير بمحافظة الإسكندرية    المطربة أنغام البحيري تشعل استوديو "خط أحمر" ب أما براوة.. فيديو    الأرصاد تعلن انحسار تأثير المنخفض الجوي وارتفاع طفيف في الحرارة وأمطار على هذه المناطق    غلق مزلقان مغاغة في المنيا غدا لهذا السبب    لجنة المحافظات بالقومي للمرأة تناقش مبادرات دعم تحقيق التمكين الاقتصادي والاجتماعي    تسليم "كنز صوتي" نادر لأحفاد الشيخ محمد رفعت بعد عقود من الغياب    محافظ الإسكندرية: الدولة المصرية ماضية في مشروع التأمين الصحي الشامل    مواقيت الصلاه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ أسوان يأمر بإحالة مدير فرع الشركة المصرية للنيابة العامة للتحقيق لعدم توافر السلع بالمجمع    انطلاقة قوية للمرحلة الثانية لبرنامج اختراق سوق العمل بجامعة سوهاج |صور    اسعار الفاكهه اليوم الجمعه 12ديسمبر 2025 فى المنيا    سويلم: العنصر البشري هو محور الاهتمام في تطوير المنظومة المائية    ضبط المتهمين بتقييد مسن فى الشرقية بعد فيديو أثار غضب رواد التواصل    ناشيونال جيوجرافيك: الدعاية للمتحف الكبير زادت الحجوزات السياحية لعام 2026    هشام طلعت مصطفى يرصد 10 ملايين جنيه دعمًا لبرنامج دولة التلاوة    باسل رحمي: نعمل على استفادة كافة مشروعات الشباب الصناعية من خبرات جايكا    نقيب العلاج الطبيعى: إلغاء عمل 31 دخيلا بمستشفيات جامعة عين شمس قريبا    بتوجيهات الرئيس.. قافلة حماية اجتماعية كبرى من صندوق تحيا مصر لدعم 20 ألف أسرة في بشاير الخير ب226 طن مواد غذائية    في الجمعة المباركة.. تعرف على الأدعية المستحبة وساعات الاستجابة    تحالف جديد تقوده واشنطن لمواجهة الصين يضم إسرائيل و4 آخرين    عاجل- الحكومة توضح حقيقة بيع المطارات المصرية: الدولة تؤكد الملكية الكاملة وتوضح أهداف برنامج الطروحات    كيف أصلي الجمعة إذا فاتتني الجماعة؟.. دار الإفتاء تجيب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



زينب الكفراوى.. نَمِرةُ بورسعيد الباسلة
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 03 - 2020

فتحتُ ذراعىَّ على وسعِهما لكى أحتضنَ امرأةً بحجم أربع دول. دولة هى الوطن مصر، وثلاث دول باغية: (بريطانيا، فرنسا، إسرائيل) تعتدى على الوطن العزيز، فيما تسمّيه الأدبياتُ السياسية: «العدوان الثلاثى على مصر». تصوّروا أن تصافحوا امرأةً بهذا الحجم! امرأةً وقفت فى وجه ثلاث دول عظمى تكتّلت لتنهشَ فى أوصال الوطن! اسمها «زينب الكفراوى».
متى التقيتُ بها لآخر مرة؟ قبل عامين، يوم 18 فبراير 2018، فى المجلس القومى للمرأة، على شرف الاحتفال بزيارة المناضلة الجزائرية «جميلة بوحيرد» لأرض مصر الطيبة. كانت «زينب الكفراوى» فى ملء الجمال والعنفوان والأمل، كما يليق بنَمِرة شرسة تصدّرت صفوف المقاومة الشعبية الباسلة فى بورسعيد، بقوّة جيش كامل العتاد، يصدّ عدوانًا ثلاثيًّا غاشمًا يهدّد وطنها، ما جعل الرأى العالمى بأسره يلتفتُ إلى ذلك العدوان الثلاثى، ويشجبه ويساند مصر. وحّد العدوانُ أهالىَ بورسعيد على قلب رجل واحد يذود عن وطنه فى ملحمة بطولية مقدّسة، دُوِّنت فى كتاب تاريخ مصر بحروف غير قابلة للمحو أو الخفوت. تسعة أيام، من 29 أكتوبر- 7 نوفمبر 1956، لا تشبه بقية الأيام فى روزنامة تاريخ مصر الطويل الشاقّ فى مكافحة المحتلّين والبغاة، الطامعين فى إرثها فى مختلف العهود والحقب منذ آلاف السنين. أيامٌ تسعة عسيرة مرّت بها مصرُ بعد القرار المصرى المصيرى الذى هدّد مصالحَ دول كانت تروم استنزاف خيرات مصر، فجاء القرارُ الصادم ليفجّر حنقها ضدّنا: قرار تأميم قناة السويس فى 26 يوليو 1956. تحت تلك السماوات المصرية الملبّدة بغبار الطائرات والبوارج الفرنسية والبريطانية، كان الجيش المصرى العظيم يوزّع طاقاته بين الذود عن سيناء، وقناة السويس. هنا برز فى المشهد جيشٌ مصرىّ ثان بكل طاقة الوطنية الغضوب ليذود عن أرضه: المقاومة الشعبية. خرجت كتائبُ المقاومة من البيوت، رجالًا ونساء وأطفالًا، لصدّ الهجوم التترى عن مدينة بورسعيد الباسلة. وكان فى مقدمة الصفوف صبيّةٌ مليحة اسمها «زينب»، بدأت رحلة كفاحها منذ عام 1954، وهى فى الثالث عشر من عمرها، بالمرور على المقاهى، حاملة صندوقًا خشبيًّا، يرافقها عسكرى مصرى، وهى تهتف: «سلِّح جيش أوطانك، واتبرع بسلاحه علشانى وعلشانك»، وكلّما امتلأ الصندوق بالتبرعات، تُسلّمه للسلطات، ثم تعيد الكرّة فى اليوم التالى. بعد عامين، فى خضمّ العدوان الثلاثى، طلبت منها قياداتُ المقاومة الشعبية نقل أسلحة من شاطئ بحيرة المنزلة إلى قلب مدينة بورسعيد، فخبأت الأسلحة فى عربة طفل رضيع تخصُّ ابن شقيقتها، ونقلتها تحت عيون كمائن قوات الاحتلال المنتشرة فى أرجاء المدينة، غير هيّابة بما قد يحدث لها لو انكشف أمرُها. تمامًا مثلما أخفت عن عيون المخابرات البريطانية ضابطًا بريطانيًّا، أسرته المقاومةُ الشعبية المصرية من قوات بريطانيا للضغط على قوى الاحتلال. وتوالت أمجادُ تلك المناضلة المصرية الباسلة، وهى فى أولى سنوات صباها، لتستحق التكريم السنوى من الرئيس جمال عبدالناصر فى يوم 23 ديسمبر من كل عام، مع ذكرى انسحاب قوات العدوان، الذى أصبح عيدًا سنويًّا يلتقى فيه الرئيسُ مع رموز المقاومة الشعبية للتذكّر والاحتفال والتكريم. ولم تتوقف بطولاتُها على مدى العهود والأزمان، ففى فبراير عام 2013، حينما أعلنت مدينة بورسعيد حالَ العصيان المدنى ضد جماعة الإخوان الإرهابية، عادت الفدائية «زينب الكفراوى» لتتصدّر كتائبَ المتظاهرين الشرفاء فى ميدان الشهداء ببورسعيد، مثلما تصدّرت الصفوف فى ثورة 30 يونيو 2013، هاتفةً بصوت لم تَنَلْ من جلائه السنواتُ: «يسقط حكم المرشد».
ومثلما كرّمها الرئيس جمال عبدالناصر فى صباها المبكّر عام 1956، كرّمها الرئيس عبدالفتاح السيسى فى هِرَمِها عام 2017، أثناء زيارته لمدينة بورسعيد للاحتفال معهم بعيد النصر، وأمر بتسجيل اسمها وأسماء عدد من رموز المقاومة الشعبية فى سجِلّ رموز مصر الخالدة.
قبل رحيلها عن عالمنا إلى دار الخلود، أوصتنا «زينب الكفراوى» بالاهتمام بالشباب والنشء لأن الشباب هم الحلقة الأضعف التى يستغلها العدوُّ للنفاذ إلى قلب مصر. أوصت بالاهتمام بهم وعدم تركهم لبراثن المخدرات أو شرَك الابتعاد عن لغتهم وتراثهم التاريخى وهويتهم المصرية، كما أوصت بالاهتمام بالمرأة لأنها تربّى أولئك الشباب وتصنع منهم رجالًا يحمون الوطن. تحية احترام للنَّمِرة البورسعيدية، التى أثبتت أن المرأة المصرية جيشٌ باسلٌ، بعزيمتها ووطنيتها ووعيها. أستاذتى الجميلة «زينب الكفراوى»، ارقدى فى سلام وانعمى بفردوس الله الأعلى، فقد أديتِ دورَك نحو وطنك الطيب. «الدينُ لله، والوطنُ لمَن يحبُّ الوطن».
twitter:@fatimaNaoot


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.