البورصة المصرية تربح 1.1 مليار جنيه في ختام تعاملات الثلاثاء    مصر تتعاقد على 20 ألف رأس ماشية لضخها بالمجمعات في عيد الأضحى    8 آلاف طلب لاستخراج شهادات البيانات في مخالفات البناء بالشرقية    إيران تحدد موعد الانتخابات الرئاسية    رسميًا.. توني كروس يعلق حذاءه بعد يورو 2024    انخفاض طفيف في درجات الحرارة مع استمرار الطقس الحار بالإسكندرية    وزير الصحة: رفع درجة الاستعداد بالمستشفيات المحيطة بموقع حادث معدية أبو غالب    بعد الربط بين ألوان فستانها وعلم فلسطين.. تاريخ من المواقف للممثلة «بلانشيت» ضد الاحتلال الإسرائيلي (تقرير)    «الرعاية الصحية»: برنامج تدريبى على الاستعداد للإصابات الجماعية في الأقسام الحرجة بالسويس    مراسل «القاهرة الإخبارية»: المجاعة تعصف بغزة بعد منع إسرائيل لدخول المساعدات    مكتب الإعلام الحكومي بغزة: الرصيف البحري لا يمكن أن يكون بديلا عن المنافذ البرية والمساعدات لم تصل حتى الآن إلى شمال القطاع والوضع كارثي    يوسف زيدان يرد على أسامة الأزهري.. هل وافق على إجراء المناظرة؟ (تفاصيل)    أخبار الأهلي : فرمان جديد لكولر قبل مواجهة الترجي بدوري الأبطال    متحديا يوفنتوس.. رئيس بولونيا: سنعمل بكل قوتنا للحفاظ على موتا    تحقيق جديد في اتهام سائق بالتحرش.. وتوصيات برلمانية بمراقبة تطبيقات النقل الذكي    «بيطري المنيا»: تنفيذ 3 قوافل بيطرية مجانية بالقرى الأكثر احتياجًا    أجازة 9 أيام .. تعرف على موعد وقفة عرفات وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    ضبط طرفى مشاجرة بالقاهرة نتج عنها وفاة طفلة وإصابة آخر    بتهم القتل والبلطجة.. إحالة أوراق عاطل بالقليوبية لفضيلة المفتي (تفاصيل)    تأجيل 12 متهما ب «رشوة وزارة الرى» ل 25 يونيو    «الإسكان»: اعتماد المخطط التفصيلي ل3 مناطق صناعية في بني سويف    علي الحجار يحيي روائع عمار الشريعي بحفل دار الأوبرا    نقيب القراء: لجنة الإجازة بالإذاعة حريصة على اختيار من هم أهل للقرآن من الكفاءات    دعاء النبي في الحر الشديد: كيفية الدعاء أثناء موجة الطقس الحار    «علام» يصل الكويت للمشاركة في افتتاح مقر «جمعية المحامين»    احذروا الشائعات.. مجلس الوزراء يكشف حقيقة بيع المستشفيات الحكومية ووقف الخدمات المقدمة للمواطنين    في اليوم العالمي للشاي.. أهم فوائد المشروب الأشهر    للتوعية بحقوقهن وواجباتهن.. «الهجرة» تناقش ضوابط سفر الفتيات المصريات بالدول العربية    لمواليد برج السرطان.. توقعات الأسبوع الأخير من مايو 2024 (التفاصيل)    منها «التعرق الليلي والتعب».. ما هي أعراض سرطان الدم؟    لهذا السبب.. عباس أبو الحسن يتصدر تريند "جوجل" بالسعودية    «التضامن»: مغادرة أول أفواج حج الجمعيات الأهلية إلى الأراضي المقدسة 29 مايو    كرة اليد، ماذا يحتاج الزمالك لاقتناص لقب الدوري من الأهلي؟    الموعد والقناة الناقلة لقمة اليد بين الأهلي والزمالك بدوري كرة اليد    "مستقبله في الهواء".. الصحف الإنجليزية تُعلق على تغريدة محمد صلاح المثيرة    وزير التعليم: مدارس IPS الدولية حازت على ثقة المجتمع المصري    حفل تأبين الدكتور أحمد فتحي سرور بحضور أسرته.. 21 صورة تكشف التفاصيل    «القومي للمرأة» يوضح حق المرأة في «الكد والسعاية»: تعويض عادل وتقدير شرعي    «ختامها مسك».. طلاب الشهادة الإعدادية في البحيرة يؤدون امتحان اللغة الإنجليزية دون مشاكل أو تسريبات    دونجا: ياسين لبحيري حماني من إصابة خطيرة.. وشكرته بعد المباراة    تاريخ المسرح والسينما ضمن ورش أهل مصر لأطفال المحافظات الحدودية بالإسكندرية    رئيس جامعة بني سويف: مناقشة أول رسالة ماجستير بكلية علوم الأرض    خبيرة تغذية توجه نصائح للتعامل مع الطقس الحار الذي تشهده البلاد (فيديو)    لجان البرلمان تواصل مناقشة مشروع الموازنة.. التموين والطيران والهجرة وهيئة سلامة الغذاء الأبرز    أوكرانيا: ارتفاع عدد قتلى وجرحى الجيش الروسي إلى 49570 جنديًا منذ بداية الحرب    وزير الصحة يوجه بسرعة الانتهاء من تطبيق الميكنة بكافة المنشآت الطبية التابعة للوزارة    داعية إسلامي: الحقد والحسد أمراض حذرنا منها الإسلام    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 21-5-2024    تعرف على سعر السكر والزيت والسلع الأساسية بالأسواق منتصف الأسبوع الثلاثاء 21 مايو 2024    مي عز الدين تُطلق مسابقة بين جمهورها على «التيك توك».. ما القصة؟ (فيديو)    حسام المندوه: الكونفدرالية جاءت للزمالك في وقت صعب.. وهذا ما سيحقق المزيد من الإنجازات    مندوب فلسطين أمام مجلس الأمن: إسرائيل تمنع إيصال المساعدات إلى غزة لتجويع القطاع    الطيران المسيّر الإسرائيلي يستهدف دراجة نارية في قضاء صور جنوب لبنان    منافسة أوبن أيه آي وجوجل في مجال الذكاء الاصطناعي    المقاومة الفلسطينية تستهدف قوات الاحتلال قرب مفترق بلدة طمون جنوب مدينة طوباس    دعاء في جوف الليل: اللهم ابسط علينا من بركتك ورحمتك وجميل رزقك    بوتين: مجمع الوقود والطاقة الروسي يتطور ويلبي احتياجات البلاد رغم العقوبات    موعد عيد الأضحى 2024 في مصر ورسائل قصيرة للتهنئة عند قدومه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اعترافات جريئة.. حق اللجوء إلى الحدود

أنا يا سيدتى إمرأة فلسطينية، وٌلدت مهاجرة أحمل قدرى فوق كتفى وأفر من عاصمة عربية إلى أخرى، بحثا عن الإحساس بالآمان، وسعيا خلف عمل شريف..
طفولتى قضيتها أغفو على إيقاع القصف اليومى وأصحو عليه، وشبابى أتقنت فيه أن أرتدى ثوبا أبيض، وأطلق زغرودة كلما أتانا خبر «شهيد».
كنت أكتفى ب «اللبنة والزعتر» زادا، وإعتدت ألا أسرف في أحلامى، أو حتى في دموعى.. كنت مصرة أن أظل مغروسة بالأرض، مثل شجرة زيتون عفية.. لم يتسلل إلى الإحساس بكونى «شريدة».. كنت أغذى شرايينى بالشعر.. وأجمل عقلى الصغير بفكرة :«الوطن».
إقتربت من عامى العشرين بروح مناضلة، أقاوم هزيمة الوطن، وأغزل شالا منقوشا ببصمة المكان.. رئتى الضعيفة لم تكن تحتمل رائحة البارود، لم يكن قطار «السلام» قد دهس الأهل والأرض.. لم يكن لسماسرة الأوطان مكانا في عالمى الصغير.
حتى جاءنى إبن العم بتأشيرة هجرة، ربما يسمع العالم صوت «القضية» من هناك.. لأصبح واحدة ضمن جالية فلسطينية كبيرة، تضمها «عاصمة عربية».
أكذب لو أدعى أننى عشت سوية نفسيا، صوت المدافع لايزال يحتل ذاكرتى، وصور المذابح تطاردنى ليل نهار. من قلب «بغداد» خرجت صرختى مدوية: «لا لكامب ديفيد».. كان الصراخ يزيح عن روحى المجهدة بعض آثار الحرق.. لكن ما أعتبرته «خيانة» آنذاك إكتشفت أنه الحل الوحيد فيما بعد، حتى أسرتى كلها إنضمت إلى «السلطة الفلسطينية».. لم أكن أدرك – ساعتها- أن العرب «ظاهرة صوتية».. وأن النضال «حالة حنجورية».. وأن فلسطين مزادا للريادة والقيادة بين عواصم الإستبداد!.
كنت أعيش حالة «رومانسية-سياسية»، أتعرف للمرة الأولى على دورى كإمرأة.. بين رجال يتبارون في القمار، ويقايضون الأوطان بأجساد العاهرات!.
قررت أن أنجب ربما تزيدنى «الأمومة» صلابة في الدفاع عن الوطن الغائب.. ومن بغداد إلى الكويت إلى عمان.. كنت أتنقل من منفى لمنفى.. أهاجر خلف لقمة العيش مع أسرتى، وأبى يلحق بنا كل مرة بزوجته الجديدة!. لم أشعر أكن بالغيرة من زوجة أبي، فلا وقت لمشاعر النساء!.
ولم أتمرد على الأب، الذي يستولى على أجرى.. كنت أصمت حين يهين ذكرى أمى ..كنت أشعر أن خسارتى أكبر من أب أنانى.. أو زوج لاه.. وكأننى في خيمة مهترئة بين الحدود العربية، يخترقها أي عابر سبيل.. وأنا أفتش عن الآمان الضائع بين حبات الرمال !!.
كان لابد أن أنهار حين رأيت زوجة أبي في فراش زوجى.. لكنى تحررت من سلطة الأب والزوج معا.. ما أشبه الأب ب «السلطة».. والزوج ب «المقاومة»!.
أكثر من نصف قرن «من القهر» ننتظر تحرير فلسطين لنترك «ثقافة المخيمات» ونعود بشر أسوياء، فلم يطل علينا إلا الأشباح.. وأنصاف الآلهة.. وكانهم فقدوا القدرة على الألم.. ينتظرون قصيدة عصماء ل«زهرة المدائن».. ليرفعون أصواتهم المجروح بمرثية للقدس.
ومع الوقت إكتشفت أن «التاريخ» مجرد «خدعة» لتخدير الشعوب.. وتخليد البطولات الوهمية للحكام.. حتى آن الأوان لأبكي «خرافة» المقاومة.. تلك التي لم ترفع السلاح إلا على الأشقاء!.. وأعترف لنفسى: ( كل الأشقاء خانوك.. يا فلسطنى )!.
سلمونا «عزلا» لمحترفي السياسة، يحرضوننا صباحا برهان المقاومة.. ويودعونا مساء بوعود السلام.
تخيلى أن الأيام جعلتنى أعيش إجتياج الكويت، ثم أنتقل لبغداد لأعيش مرارة سقوط بغداد، تنقلت بين سوريا ولبنان وكأنى أجرب كل أشكال الإحتلال !.
رأيت المهانة والمذلة بكل الأشكال، تزوجت أكثر من مرة وأنجنبت مرتين، ورغم صدمات الزواج من «الأشقاء العرب» كنت أشتغل على نفسي، أتعلم كل يوم شيئا جديدا وأصر على أن يكون لى «مهنة» أتمرس فيها لأستغنى عن رجال العالم وأربى أبنائى في صمت.
حتى جئت إلى القاهرة، نحجت في الإستقرار وعملت أكثر من 15 عاما، وساعدت ولداى في الزواج وهما صغارا بالسن، إعتبرت أن هذا هو «الإنجاز» الذي يمكن أن أضيفه للحياة.. وكنت أسيردائما وبداخلى فراغ هائل يشل حركتى أحيانا، إخوتى مشردون بين العواصم العربية وأبنائى منذ بدأوا حياتهم الجامعية إستقلوا عنى.. وبشكل أو بآخر كنت ولازلت «الممول» الرئيسى لأسرتى!.
لا يوجد رجلا تزوجته إلا وكان طامعا في راتبى الهزيل وشبابى وصحتى وقوت أولادى.. وفى القاهرة كنت قد تحققت وأصبحت صاحبة مركزا مرموق وشقة فاخرة ورصيد بالبنك.. ولم أتصور أن «بنت المخيمات» لا تزال مطمعا للرجال وهى في منتصف العقد السادس من عمرها.. لكن هذا ما حدث.
تزوجت وطلقت في أقل من عام، وقررت أن أعيش لعملى وأولادى وأهلى في الأرض المحتلة فحسب.. وقبل ثلاثة أعوام خسرت عملى أيضا بسبب المنافسة الشديدة في مجالى وقله العمل.
أصبحت «وحيدة» خفت صوت النضال والكفاح، مضت سنوات الأمومة بحلوها ومرة، كل رجل تزوجته أخذ من قلبى قطعه ومن شبابى سنينا.. حتى الأصدقاء كانوا يتندرون على لترددى على «طبيب نفسي».. لم يعد في حياتى إلا المهدئات وليالى الخوف والظلام البارد.. حتى أحفادى لا أراهم كثيرا.
الآن لا يرن صوت الهاتف إلا إذا كان أحدهم يحتاج خدمة أو مالا ؟.. وكأننى دفعت وحدى ثمن «قضية الوطن».. وسددت من عمرى وأعصابى وصحتى ثمن إستقرار أهلى وأسرتى الصغيرة.. ولم يبق بين يدى إلا «الندم والحسرة» على العمر الذي ضاع وعل واقعى الخالى من أنفاس البشر.
أعلم يا سيدتى أننى مكتئبة كما هو الحال دائما فهل تساعدينى في حربى الجديدة على الإكتئاب ؟.
يا صديقتى:
سلامة عقلك المستنير من الإكتئاب، أنت «محاربة» من طراز نادر لا تحتاج إلى «سند» بل بالعكس نقدم تجربتها في الحياة عبرة وعظة للآخرين علهم يتعلموا القضاء على مخاوفهم وبناء حياتهم.
عهدى بكل من ترك أرضه ووطنه أنه «جاد ومكافح ومثابر»، فالهجرة تجعل الإنسان يتشبث أكثر بذاته وبأسرته، يحدد هدفه جيدا ولا يتنازل عن تحقيقه.
لكن أحيانا ما يختلط الهم العام بالهم الخاص، فيأتى إلينا من البشر من نحلم بالإستقرار معه «بالزواج» لنجد أنفسنا في متاهة هجرة جديدة من أرضه!.
أعلم – يا صديقتى- أن الظروف تآمرت عليك، وسطر القدر لك حياة فيها من القهر والتجارب المؤلمة ما يحرك الجبال من مواقعها.. ورغم ذلك إستطعت أن تظلى «صامدة» وقادرة على مواصلة المشوار، كلما إنتقلت من مهجر إلى آخر أو من رجل إلى آخر.
وقد توجه الله كفاحك –كما أرى- بأبناء وأسرة كبيرة تعتبرك العمود الفقرى لها، وكان لابد أن تسثمرى فرصة وجود أولاد وأحفاد وتسعين إليهم.
شخصية قيادية –مثلك- قد يصعب على المقربين منها إقتحام عزلتها وفض وحدتها.. لابد أن تفتحى الباب بنفسك، أن تدعى الجميع إلى حياتك الجديدة فأنفاس الأحباء هي التي تشعرنا بالدفء.
أتصور أن لديك «ملكة الكتابة» وأن لديك الكثير من الذكريات التي يجب تدوينها، فلابد أن تجدين متنفسا لروحك المجهدة، وقد جعلت مواقع التواصل الإجتماعى مهمة نشر كتاباتك سهلة وممكنة.. وفى رأيى أنها البديل المثالى للمهدئات ومضادات الإكتئاب.
نحن ننسج مخاوفنا بأيدينا أحيانا، وندخل شرنقة الوحدة بقرار صارم، ربما لأن الآخرون صدمونا عاطفيا وخذلونا إنسانيا.. لكن لا يجب أبدا أن تشعرين ب «الندم» فما قدمتينه من «عطاء» منح أسرا بأكملها «الحياة».
لابد أن تفخرى بما أنجزتى من نجاحات، وما إجتزتيه من عقبات، الزواج الناجح والرجل المحب ليس نهاية أحلام انسانه بعقليتك.. وهو بالمناسبة لا يحتاج لأى مؤهلات للحصول عليه، لكن نجاحك في مصر وإستقرارك وتأمين مستقبلك هو المهمة الأصعب التي يفشل فيها البعض.
يا سيدتى، لقد إعتدت الزحام والعمل الشاق والحركة، وللأسف الطلاق وترك العمل في حالتك «موت إكلينيكى».. فأملأى حياتك –مجددا- بهوايات جديدا وأفتحى قلبك للأصدقاء.. وضمى إلى صدرك الأولاد فمهما إبتلعتهم دوامة الحياة هم في النهاية «قطعة من قلبك».. لو كان بإمكانك السفر أو زيارة الإخوة سيكون هذا بداية جديدة لكسر حصار الوحدة من حولك.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.