قبل شهر من اليوم تقريبا، خرجت الدعوات لمظاهرات سلمية ضد الفساد والبطالة والدعوة لاستقالة عادل عبدالمهدي وحكومته وتغيير النظام السياسي، ولكن هذه التظاهرات واجهت بالعنف من قبل القوات الأمنية التي قامت بإطلاق الرصاص الحي، واستخدام القنابل الصوتية واطلاق رشاشات المياه والغاز المسيل للدموع ضد المتظاهرين، ووصل الأمر إلى خطف ملثمون للمتظاهرين العزل من قلب ميادين الاعتصام. وفي اليوم الثاني للتظاهرات الموافق الثاني من أكتوبر أعلنت السلطات العراقية عن حظر التجوال في العاصمة بغداد، واغلقت الطرق المؤدية إلى ساحة التحرير، وتم حظر مواقع التواصل الإجتماعي وقطع خدمة الإنترنت في جميع أنحاء البلاد بإستثناء إقليم كردستان، واغتيل الناشط ورسام الكاريكاتير حسين عادل المدني مع زوجته سارة المشاركين في تظاهرات البصرة في منزلهم في البصرة بواسطة عدد من المسلحين الملثمين. طالبت العفو الدولية بالكف الفوري عن استخدام العنف ضد المتظاهرين وطالبت السلطات العراقية بإجراء التحقيقات اللازمة في سقوط قتلى بين المتظاهرين وقوات الشرطة، كما وجهت الاتهامات للميلشيات المرتبطة بإيران كسرايا طليعة الخراساني باطلاقها النار عن طريق القناصة ضد المتظاهرين. وفي الرابع من أكتوبر وجهت المرجعية الدينية الشيعية في النجف أربع مطالب للحكومة، تقضي بتشكيل لجان حكومية لمحاربة الفساد، وتوفير فرص العمل للعاطلين، وتحسين الخدمات، وانهاء الفساد. 5 أكتوبر: دعا رئيس البرلمان العراقي محمد الحلبوسي ممثلين عن التظاهرات للحضور إلى مقر مجلس النواب، والتقى ببعض المتظاهرين في مجلس النواب وبحث مطالبهم، فيما رفض عدد من ناشطي التظاهرت تخويل أي جهة لتمثيلهم بعد سقوط ضحايا في التظاهرات. 6 أكتوبر: وعد رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي بتنفيذ حزمة قرارات لمكافحة الفساد، ووعد بتوزيع قطع أراضي سكنية وتوفير رواتب للعوائل التي لا معيل لها، ووعد بفتح باب التطوع في الجيش. 7 أكتوبر: ارتفع عدد القتلى بشكل درامي إلى 110 شخص، وأعترفت القوات العراقية باستخدام القوة المفرطة ضد المحتجين. وفي 22 أكتوبر، شكلت الحكومة لجنة لأجل التحقيق في مقتل المتظاهرين، وكشف تقرير للجنة عن مقتل 149 مدني وثمانية عناصر من الشرطة، وأصدرت الحكومة قرارات باعفاء قادة للشرطة في محافظاتبغداد وذي قار والديوانية وبابل والنجف وواسط وميسان وتحويلهم للتحقيق، ولم تكشف اللجنة عن اسماء القناصين الذين استهدفوا المتظاهرين ولم تدن الفصائل المرتبطة بالحشد الشعبي والتي اتهمت بقمع التظاهرات. ورغم قرارات الجكومة، توافد المتظاهرين إلى ساحة التحرير بوسط بغداد، في محاولة استباقية لأي إجراءات حكومية من شأنها عرقلة وصولهم إلى المنطقة المحاذية للمنطقة للخضراء شديدة التحصين في وسط بغداد، وأعلنت وزارة الداخلية حالة الإنذار القصوى، وبدأت المظاهرات في منتصف الليل بساحة التحرير وسط بغداد، وهتف المتظاهرين ضد التدخل الإيراني، واستخدمت قوات الأمن خراطيم المياه في تفريق جموع المتظاهرين فيما سمع دوي اطلاق الرصاص في أنحاء متعددة ضمن محيط المنطقة الخضراء، وأكدت مصادر طبية إصابة المتظاهرين بعد إقدام القوات الأمنية على تفريق المظاهرات. وفي مساء الخميس، 24 أكتوبر 2019 أصدر رئيس الوزراء العراقي عادل عبدالمهدي قرارا يقضي بإعادة جميع الموظفين المفسوخة عقودهم في وزارة الدفاع والداخلية ومكافحة الإرهاب والحشد الشعبي. وفي 25 أكتوبر حاول مجموعة من المتظاهرين اقتحام المنطقة الخضراء في بغداد، ولم تفلح الاجراءات الأمنية في وقف تدفقهم، وأطلقت قوات الأمن القنابل الصوتية والغاز المسيل للدموع، وأدى ذلك إلى مقتل عدد من المتظاهرين وأصيب الآلاف بجروح وأغلبهم من حالات اختناق بسبب استخدام الغازات المسيلة للدموع، ومن بينهم أفراد من القوات الأمنية. وفي اليوم التالي ورفع مجموعة من المتظاهرين العلم العراقي فوق مبنى القنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء، كما تم فرض حظر التجوال في 6 محافظات عراقية جنوبية، وطلب برلماني لاستجواب عادل عبدالمهدي نتيجة لإخفاقه في تنفيذ البرنامج الحكومي واستخدام القوة المُفرطة في قمع المتظاهرين. ووخرجت الجامعات والكليات والمَدارس العراقية، تظاهرات طلابية تضامناً مع متظاهري ساحة التحرير، وتضمن رفع الإعلام العراقية أمام مدارسهم وكلياتهم والهتاف باسم العراق، وتوجه قسم منهم إلى ساحة التحرير لمساندة المُعتصمين هُناك، وأعلن الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء الركن عبدالكريم خلف، أن رئيس الوزراء عادل عبدالمهدي أمر بتوجيه جميع مؤسسات ودوائر الدولة والجامعات والمدارس إلى ممارسة الدوام الرسمي بشكل منتظم، وأن أي جهة تحرض على عدم الذهاب للدوام ستحاسب محاسبة شديدة، ليعلن المحجون العصيان المدني والاعتصام في جميع الميادين، وتسبب اعتصام المتظاهرين في تعطيلٍ استمر نحو أسبوع للعمليات في الميناء القريب من مدينة البصرة الغنية بالنفط. وفي الثالث من نوفمبر اغلق محتجون معظم شوارع بغداد مع تصاعد شدة الاحتجاجات، وأقدم بعض المتظاهرين على حرق مبنى القنصلية الإيرانية في مدينة كربلاء، وسقط ثلاثة شبان قتلى لحظة إضرام النار في القنصلية، بعد تعرضهم لإطلاق رصاص حي من داخل القنصلية وخارجها لحظة احتراقها. وفي اليوم التالي، استمرت التظاهرات في عموم البلد وفي بغداد قتل 5 أشخاص ومن بينهم رجل أمن وجرح 60 في مجموعة من الاحتجاجات وسط شارع الرشيد، وأظهر تقرير لوكالة رويترز أن قوات الأمن أردت محتجاً بالرصاص. فيما أكد مصور الوكالة أنه شاهد مصرع ما لا يقل عن 4 آخرين بالرصاص، وحاول المحتجون قطع السير في جسر الاحرار، وجاء الخامس من نوفمبر ليكشف عن الوجه الأكثر قبحا للحكومة العراقية، حيث تم قطع خدمة الإنترنت في عموم العراق عدا إقليم كردستان لمدة 8 ساعات ورجوعها في الساعة التاسعة صباحاً.، لتكشف التقارير الواردة من داخل العراق أن العشرات قتلوا خلال فترة قطع خدمة الإنترنت بشكل ممنهج، وونقلت رويترز عن أحدهم قوله إنه شاهد بعينيه أكثر من خمسين شخصا يسقطون قتلى أمامه منذ بدأت الاحتجاجات المناهضة للحكومة الشهر الماضي. وأضاف «تعودنا على الموت بسرعة، أني شايف ناس، منهم أصدقائي، اختنقوا، غرقوا، أو انقسمت جماجمهم من قنابل الغاز أو الصوتية». وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل نحو 270 شخصاً، بحسب إحصاء لوكالة الأنباء الفرنسية في وقت تمتنع السلطات منذ نحو أسبوع عن نشر حصيلة رسمية. أما عن مواقف الكتل السياسية فقد دعا رجل الدين الشيعي وزعيم تحالف سائرون مقتدى الصدر إلى حقن الدماء وطالب بإستقالة حكومة عادل عبدالمهدي وإجراء إنتخابات مبكرة، واستنكر رجل الدين الشيعي وزعيم تيار الحكمة الوطني عمار الحكيم العنف المفرط ضد المتظاهرين ودعا إلى عقد جلسة نيابية لبحث مطالب المتظاهرين، ودعا رئيس الوزراء العراقي السابق وزعيم إئتلاف النصر حيدر العبادي إلى إجراء انتخابات مبكرة وتشكيل حكومة دستورية مؤقتة في تدوينة لهُ على موقع الفيسبوك، وقال العبادي في رسالة مفتوحة وجهها للشعب والقوى السياسية، إنه «لضمان عدم انسداد الأفق أمام الإصلاحات التي يطالب بها الشعب، تتم الدعوة لانتخابات مبكرة لتشكيل حكومة دستورية شرعية قادرة على القيام بمهامها الوطنية بسقف زمني لا يتجاوز 2020». ولكن ندد القيادي في الحشد الشعبي وزعيم كتلة صادقون قيس الخزعلي بهذه التظاهرات، محذراً من وجود أيادي خلفية ورائها، ونبه رئيس حكومة اقليم كردستان مسرور بارزاني إلى حق التظاهر السلمي، ومحذراً أن تصعيد الاوضاع في البلد والمنطقة ليس من صالح أحد.