سعر الذهب الآن في سوق الصاغة.. يسجل 3090 جنيها للبيع    أسعار اللحوم اليوم الجمعة 10 مايو 2024 في أسواق الأقصر    محظورات تمنعك من التصالح على مخالفات البناء.. تعرف عليها    «القابضة للمياه»: ندوة لتوعية السيدات بأهمية الترشيد وتأثيره على المجتمع    مسئول أمريكي يكشف سر مكالمة أشعلت فتيل الأزمة بين بايدن ونتنياهو    شهداء وجرحى في قصف للاحتلال استهدف غزة    رئيس الحكومة اللبنانية يبحث مع هنية جهود وقف إطلاق النار في غزة    لاعب غزل المحلة: المنافسة على لقب الدوري «حق مشروع»    طقس حار على أغلب الأنحاء اليوم.. وفرص لسقوط أمطار على هذه المناطق    استعدادات العائلة لعطلة الصيف: توقعات إجازة عيد الأضحى 2024    صلاة الجمعة.. عبادة مباركة ومناسبة للتلاحم الاجتماعي،    تعرف على المكرمين بالدورة الثانية لمهرجان إيزيس الدولي للمسرح    أسعار السيارات الكهربائية تواصل الانخفاض.. تعرف على السبب    مرض ووفيات وعمليات جراحية.. أحداث الوسط الفني في أسبوع    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 10 مايو 2024.. مكاسب مالية ل«الميزان» ومشاكل صحية ل«القوس»    محامي: مصر تحتل المركز الخامس عالميا في المراهنات الإلكترونية    دعاء يوم الجمعة مكتوب مستجاب PDF.. أدعية من القرآن الكريم للرحمة وجلب الرزق    محامي حسين الشحات يعلن مقاضاة بيراميدز بسبب بيان قضية محمد الشيبي    القاهرة الإخبارية: «حماس» تٌخبر الفصائل الفلسطينية برفض الاحتلال مقترح الوسطاء    أسعار اللحوم الحمراء في منافذ «الزراعة» ومحلات الجزارة.. البلدي بكام    أعداء الأسرة والحياة l صرخات نساء «تجار الدين» أمام محكمة الأسرة    أعداء الأسرة والحياة l خبراء وائمة فرنسيون : الإخوان والسلفيين.. شوهوا صورة الإسلام فى أوروبا    عمرو يوسف ويسرا وكريم السبكي يكشفون كواليس «شقو»    أحمد العوضي يحسم أمره بشأن العودة لياسمين عبدالعزيز.. ماذا قال؟    يحطم مخطط التهجير ويهدف لوحدة الصف| «القبائل العربية».. كيان وطني وتنموي داعم للدولة    طبق الأسبوع| مطبخ الشيف رانيا الفار تقدم طريقة عمل «البريوش»    أتالانتا يتأهل لنهائي الدوري الأوروبي بثلاثية أمام مارسيليا    ملف رياضة مصراوي.. زيارة ممدوح عباس لعائلة زيزو.. وتعديل موعد مباراة مصر وبوركينا فاسو    عبد الرحمن مجدي: أطمح في الاحتراف.. وأطالب جماهير الإسماعيلي بهذا الأمر    مصطفى بكري: مصر تكبدت 90 مليون جنيها للقضاء على الإرهاب    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على صعود    مايا مرسي تشارك في اجتماع لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب لمناقشة الموازنة    الأرصاد تكشف تفاصيل حالة الطقس المتوقعة اليوم الجمعة    أسرار «قلق» مُدربي الأندية من حسام حسن    نص خطبة الجمعة لوزارة الأوقاف مكتوبة اليوم 10-5-2024.. جدول مواعيد الصلاة بمدن مصر    هدية السكة الحديد للمصيفين.. قطارات نوم مكيفة لمحافظتي الإسكندرية ومرسى مطروح    إصابة شرطيين اثنين إثر إطلاق نار بقسم شرطة في باريس    أشرف صبحي يكشف ل«أخبار اليوم» تحديات وزارة الرياضة منذ توليه المهمة    أعداء الأسرة والحياة l «الإرهابية» من تهديد الأوطان إلى السعى لتدمير الأسرة    ما حكم كفارة اليمين الكذب.. الإفتاء تجيب    إصابة 5 أشخاص نتيجة تعرضهم لحالة اشتباه تسمم غذائي بأسوان    البابا تواضروس يستقبل رئيسي الكنيستين السريانية والأرمينية    فريدة سيف النصر تكشف عن الهجوم التي تعرضت له بعد خلعها الحجاب وهل تعرضت للسحر    نهائي الكونفدرالية.. تعرف على سلاح جوميز للفوز أمام نهضة بركان    اللواء هشام الحلبي يكشف تأثير الحروب على المجتمعات وحياة المواطنين    مسؤول أوروبي كبير يدين هجوم مستوطنين على "الأونروا" بالقدس الشرقية    خالد الجندي: مفيش حاجة اسمها الأعمال بالنيات بين البشر (فيديو)    خالد الجندي: البعض يتوهم أن الإسلام بُني على خمس فقط (فيديو)    ضبط المتهم بالشروع في قتل زوجته طعنًا بالعمرانية    عادل خطاب: فيروس كورونا أصبح مثل الأنفلونزا خلاص ده موجود معانا    مجلس جامعة مصر التكنولوجية يقترح إنشاء ثلاث برامج جديدة    آية عاطف ترسم بصمتها في مجال الكيمياء الصيدلانية وتحصد إنجازات علمية وجوائز دولية    مزاجه عالي، ضبط نصف فرش حشيش بحوزة راكب بمطار الغردقة (صور)    مجزرة مروعة في غزة تستهدف عائلة كاملة.. وتواصل العدوان الوحشى برفح    تعرف على سعر الخوخ والتفاح والفاكهة بالأسواق اليوم الجمعة 10 مايو 2024    «الكفتة الكدابة» وجبة اقتصادية خالية من اللحمة.. تعرف على أغرب أطباق أهل دمياط    «أنهى حياة عائلته وانتح ر».. أب يقتل 12 شخصًا في العراق (فيديو)    هيئة الدواء تعلن انتهاء تدريب دراسة الملف الفني للمستلزمات الطبية والكواشف المعمليّة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الإسلام السياسى واختزال القرآن الكريم
نشر في المصري اليوم يوم 20 - 10 - 2019

السياق العام لكل آية يهدم النتيجة التى وصل إليها أنصار الإسلام السياسى وهو إقامة الدولة الدينية، واتهام من لا يقبل تصورهم بالكفر.
تعامل أنصار وقادة الإسلام السياسى مع الإسلام عموما، ومع القرآن الكريم تحديداً، بطريقة جد انتقائية، إلى الحد الذى يمكن القول معه إنهم- عمليًا- اختزلوا القرآن فى عدة آيات، قاموا بتفسيرها وفق هواهم وغرضهم وبما يخدم مصالحهم وأيديولوجيتهم أو موقفهم السياسى والاجتماعى، وهناك العديد من الآيات القرآنية يمكن أن تدحض مشروعهم وتنسفه نسفا، لذا لا يلتفتون إليها وأكاد أقول استبعدوها، فلا ترد لديهم نهائيا، الموقف الكاشف هنا هو الآيات التى يطلق عليها آيات الحاكمية، التى اعتمد عليها سيد قطب فى تقديم تصوراته وفهمه للدين كله، وتتردد تلك الآيات فى معظم أعماله، من كتاب الظلال إلى المعالم والعدالة الاجتماعية وغيرها. وهى الكتب التى صارت «مانيفستو» لجماعات الإسلام السياسى قاطبة.
والمقصود بآيات الحاكمية مجموعة من الآيات القرآنية، أبرزها لدى منظرى هذا التيار الآية رقم 44، ثم الآية رقم 45، والآية رقم 47 من سورة المائدة، وسوف نلاحظ أنهم لم يتعاملوا مع كل هذه الآيات بكاملها، بل اختاروا الجملة الأخيرة من كل آية وهى «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون» -الآية 44- ثم «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون» - الآية 45- وفى الآية 47 «ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون»، ومن يرجع إلى المصحف وإلى النص الكامل لكل آية سوف يجد الجملة الأخيرة لا يفصلها عما سبقها أى فاصلة من علامات الفصل فى الكتابة العربية، أى أنها متصلة تماما بما سبقها من نص الآية، ولا يصح نزعها على هذا النحو والتجاهل التام لما سبقها، والنص كاملا فى الآية رقم 44 هو: «إنا أنزلنا التوراة فيها هدى ونور يحكم بها النبيون الذين أسلموا للذين هادوا والربانيون والأحبار بما استُحفظوا من كتاب الله وكانوا عليه شهداء فلا تخشوا الناس واخشون ولا تشتروا بآياتى ثمنا قليلا ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون». الآية 45 من سورة المائدة تأتى تتمة لما سبقها ونصها: «وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين والأنف بالأنف والأذن بالأذن والسن بالسن والجروح قصاص فمن تصدق به فهو كفارة له ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون».
السياق العام لكل آية يهدم النتيجة التى وصل إليها أنصار الإسلام السياسى وهو إقامة الدولة الدينية، واتهام من لا يقبل تصورهم بالكفر، هذا السياق توضحه كتب أسباب النزول، مثل كتاب الإمام السيوطى، وكذلك كتاب «أسباب النزول والقصص الفرقانية» لمحمد بن أسعد العراقى، والذى حققه د. عصام غانم، الأستاذ بجامعة القاهرة، وسوف تزداد الأمور وضوحا وجلاء إذا عدنا إلى تفسير القرطبى (المجلد الثالث)، وإلى بعض التفاسير الأخرى، والأمر كله يتعلق بتطبيق حد الزنى على مواطن من يهود المدينة زمن الرسول عليه الصلاة والسلام، وهناك فى ذلك روايتان، الأولى أن الرسول وجد ذلك الرجل «محمماً مجلوداً»، أى غطى وجهه بلون الفحم وتم جلده، وكانت تلك عقوبة الزنى لديهم، فاندهش النبى من تلك العقوبة، وفى رواية أخرى أن اليهود هم الذين ذهبوا إلى الرسول يسألونه فى هذه الحالة ولم يكن قصدهم المعرفة بل اختبار موقف النبى هل ينحاز إلى حد الجلد أم الرجم؟ وفى إحدى الروايات أنهم ما قصدوا اختبار النبى أو التربص بموقفه، ولكنهم كانوا بإزاء حالة زنى بين رجل وامرأة، وأنهم ذهبوا بطرفى الحالة إلى النبى لعلهم يجدون لديه حكما مخففا عما هو مقرر لديهم فى التوراة، وقد شاع بينهم أن النبى الجديد صاحب مواقف وأحكام أخف مما تقضى به التوراة، وأن حكم التوراة هو الرجم، وهم طمعوا فى حكم أهون، ولما ذهبوا إلى الرسول ظل يستفسر منهم حول أصل العقوبة المقررة فى التوراة، وعرف من أحدهم أنها الرجم، لكنهم حين وجدوا الشرفاء بينهم أو بعض علية القوم يرتكبون هذا الإثم، خففوا العقوبة إلى ما يمكن أن نسميه «التجريس» حيث يربطون الرجل والمرأة المتهمين بحيث يكون قفا كل منهما ملاصقا لقفا الآخر ويركبونهما حماراً أو دابة تطوف بهما الشوارع، وبعدها يتم الجلد والتحميم، فلما عرف منهم ذلك أصر على أن يلتزموا بما جاء فى التوراة، وهكذا نزل النص القرآنى توبيخاً أو انتقاداً لهم، على أنهم لا يلتزمون بما أنزل إليهم فى كتابهم المقدس، ولذا فإن الخطاب فى الآية لأحبار ورجال اليهود فى «يثرب»، وفى حالة يمكن وصفها أنها تتعلق بالقضاء وليس بنظام الحكم.
ويمكن أن نفهم من هذا الموقف أنها دعوة لأن يلتزم كل أصحاب دين بما يفرضه دينهم ولا يفرض عليهم قضاء وفق دين آخر، ويمكن كذلك أن نرى فيها شكلا من أشكال الرغبة فى التعايش المشترك بين أبناء الأديان المختلفة فى المجتمع الواحد، والوصول إلى صيغة عامة تحكم الجميع، ولكن دعاة الإسلام السياسى اختزلوها فى رؤيتهم وهى أن الأمر يتعلق بنظام الحكم وهوية الدولة، وأنها ينبغى أن تكون دولة دينية وفق مقاسهم هم.
ومن يرجع إلى معاجم اللغة العربية يجد أن الفعل «حكم» لا يعنى ما نفهمه نحن الآن تحت اسم «نظام الحكم» أو النظام السياسى عموما، وهوية ذلك النظام تحديداً، لم تكن تلك المفاهيم عُرفت وقتها فى الحياة العربية، ولا كان وصل إليهم مفهوم ومعنى الدولة ذاته، كان مجتمعا قبائليا وعشائريا، لكن «حكم» فى لسان العرب- مثلا- يأتى بمعنى الفصل بين متخاصمين، ولذا هو أمر يخص أمور التقاضى بين الأفراد أو بين فريقين متنازعين، لذا قيل عن محاولة فض الحرب بين جيش علىّ وجيش معاوية «التحكيم»، وهى بالفعل كانت عملية للفصل بين جيشين متحاربين، ولم تكن لتحديد هوية وطبيعة الدولة، كان المقصود وقف نزيف دماء المسلمين، ولما اعترض البعض على نتيجة التحكيم وشكلوا جماعة «الخوارج»، كان المسلمون والعرب يطلقون عليهم من باب التهكم والانتقاد المرير لقب «المحكمة»، وحملوا هذا اللقب فى كثير من كتب التاريخ والفرق، ومن جراء ما صاحب عملية التحكيم من خداع بين عمرو بن العاص، داهية العرب، وأبى موسى الأشعرى، غير المحب لكل من على ومعاوية معا، صار المصطلح عموما لدى العرب غير محبب، وأكاد أقول يثير المخاوف. ويرد فعل «حكم» أيضا بمعنى العلم والفقه، منه مصطلح «حكمة»، وهكذا. وإلى الآن نجد خلف القاضى فى المحاكم الآية القرآنية: «وإذا حكمتم بين الناس أن تحكموا بالعدل»، باختصار نحن أمام شأن قضائى فى المقام الأول.
أما ما نفهمه نحن الآن من معنى الحاكم رئيساً أو ملكاً أو أميراً فإنه يرد فى التراث الإسلامى ويُعبر عنه بمفهوم «الولاية العظمى» أو الولاية الكبرى، ولدى الشيعة باسم الإمامة العظمى أو الإمامة فقط، لذا نجد أبا بكر الصديق حمل لقب «أمير المؤمنين» أو «خليفة رسول الله»، واختصر اللقب بعد ذلك إلى «الخليفة» أو «أمير المؤمنين»، وسوف نجد ذلك طوال الدولتين الأموية والعباسية، ولم تُرفع أى آية من آيات الحاكمية فى وجه الخليفة أو أمير المؤمنين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.