منى أحمد تكتب: سيناء.. أرض التضحيات    الأقصر .. قطع المياه عن بعض المناطق في إسنا غدا    التموين: استوردنا شحنات من السكر لحقيق الاكتفاء الذاتي وضبط الأسعار في الأسواق|فيديو    منسق حملة مقاطعة الأسماك: لا مبرر لزيادة الأسعار.. والانخفاض وصل إلى 60%    جيش الاحتلال الإسرائيلي يقصف شرق رفح الفلسطينية    ما أهمية بيت حانون وما دلالة استمرار عمليات جيش الاحتلال فيها؟.. فيديو    رغم الخسارة| العين الإماراتي يتأهل لنهائي دوري أبطال آسيا على حساب الهلال    صلاح يفاجئ الجميع بطلب غير متوقع قبل الرحيل عن ليفربول.. هل يتحقق؟    غلق شوارع حيوية في مدينة نصر.. اعرف البديل    "تنشيط السياحة" توضح أسباب إلغاء حفل "كاني ويست" في منطقة الأهرامات    هبة من الله.. المناطق السياحية في سيناء «عالمية بامتياز»    وزيرة الثقافة ومحافظ شمال سيناء يشهدان احتفالية تحرير أرض الفيروز بقصر ثقافة العريش    نائب سفير ألمانيا بالقاهرة يؤكد اهتمام بلاده بدعم السياحة في أسوان    كفر الشيخ الخامسة على مستوى الجمهورية في تقييم القوافل العلاجية ضمن حياة كريمة    "سياحة النواب" تصدر روشتة علاجية للقضاء على سماسرة الحج والعمرة    "مفيش أهم منها"|أحمد موسى يطالب بحضور 70 ألف مشجع مباراة بوركينا فاسو..فيديو    مدرب جيرونا يقترب من قيادة «عملاق إنجلترا»    غياب نجم ليفربول لمدة أسبوعين بسبب الإصابة    «الزعيم الصغنن».. محمد إمام يستقبل مولودا جديدا    أمين الفتوى: "اللى يزوغ من الشغل" لا بركة فى ماله    دعوة أربعين غريبًا مستجابة.. تعرف على حقيقة المقولة المنتشرة بين الناس    اتصالات النواب: تشكيل لجان مع المحليات لتحسين كفاءة الخدمات    جامعة المنوفية توقع بروتوكول تعاون مع الهيئة القومية للاعتماد والرقابة الصحية    عادات خاطئة في الموجة الحارة.. احذرها لتجنب مخاطرها    وداعًا حر الصيف..طريقة عمل آيس كريم البرتقال سهل وسريع بأبسط المقادير    شاب يقتل والده بسبب إدمانه للمخدرات.. وقرار من النيابة    الأردن يحذر من تراجع الدعم الدولي للاجئين السوريين على أراضيه    دياب يكشف عن شخصيته بفيلم السرب»    مقتل وإصابة 8 مواطنين في غارة إسرائيلية على منزل ببلدة حانين جنوب لبنان    «قضايا الدولة» تشارك في مؤتمر الذكاء الاصطناعي بالعاصمة الإدارية    «بروميتيون تاير إيجيبت» راعٍ جديد للنادي الأهلي لمدة ثلاث سنوات    يد – الزمالك يفوز على الأبيار الجزائري ويتأهل لنصف نهائي كأس الكؤوس    عمال سوريا: 25 شركة خرجت من سوق العمل بسبب الإرهاب والدمار    أبو عبيدة: الرد الإيراني على إسرائيل وضع قواعد جديدة ورسخ معادلات مهمة    «التعليم العالي» تغلق كيانًا وهميًا بمنطقة المهندسين في الجيزة    إنفوجراف.. مراحل استرداد سيناء    بائع خضار يقتل زميله بسبب الخلاف على مكان البيع في سوق شبين القناطر    القومي للكبد: الفيروسات المعوية متحورة وتصيب أكثر من مليار نسمة عالميا سنويا (فيديو)    تحت تهديد السلاح.. استمرار حبس عاطلين لاستدراج شخص وسرقة سيارته في أكتوبر    اللعبة الاخيرة.. مصرع طفلة سقطت من الطابق الرابع في أكتوبر    عضو ب«التحالف الوطني»: 167 قاطرة محملة بأكثر 2985 طن مساعدات لدعم الفلسطينيين    السياحة: زيادة أعداد السائحين الصينيين في 2023 بنسبة 254% مقارنة ب2022    11 معلومة مهمة من التعليم للطلاب بشأن اختبار "TOFAS".. اعرف التفاصيل    محافظ كفرالشيخ يتفقد أعمال التطوير بإدارات الديوان العام    غدا.. اجتماع مشترك بين نقابة الصحفيين والمهن التمثيلية    مجلس الوزراء: الأحد والإثنين 5 و6 مايو إجازة رسمية بمناسبة عيدي العمال وشم النسيم    خلال الاستعدادات لعرض عسكري.. مقتل 10 أشخاص جراء اصطدام مروحيتين ماليزيتين| فيديو    وزير الأوقاف من الرياض: نرفض أي محاولة لتهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته    مواصفات أسئلة الفيزياء والكيمياء والأحياء للثانوية العامة 2024    محافظ قنا يستقبل 14 مواطنا من ذوي الهمم لتسليمهم أطراف صناعية    رسميا .. 4 أيام إجازة للموظفين| تعرف عليها    افتتاح الملتقى العلمي الثاني حول العلوم التطبيقية الحديثة ودورها في التنمية    عربية النواب: اكتشاف مقابر جماعية بغزة وصمة عار على جبين المجتمع الدولى    بدأ جولته بلقاء محافظ شمال سيناء.. وزير الرياضة: الدولة مهتمة بالاستثمار في الشباب    أسعار الأسمنت اليوم الثلاثاء 23 - 4 - 2024 في الأسواق    الإفتاء: لا يحق للزوج أو الزوجة التفتيش فى الموبايل الخاص    "بأقل التكاليف"...أفضل الاماكن للخروج في شم النسيم 2024    دعاء في جوف الليل: اللهم اجمع على الهدى أمرنا وألّف بين قلوبنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مرور 30 عامًا.. اعترافات بطل قصّة «الماسة السعودية الزرقاء» لأول مرة
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 09 - 2019

بتاريخ 1989، سرق بستاني تايلاندي مجوهرات من قصر سعودي، ربمّا يبدو كأي حادث سرقة عادي، لكن تلك الحادثة أدت لعمليات قتل وأزمة دبلوماسية، استمرت حتى اليوم. بدأت القصّة عندما سافر الأمير فيصل، النجل الأكبر للعاهل السعودي الراحل، الملك فهد، رفقة زوجته، في اجازة بعيدًا عن القصر لمدة ثلاثة أشهر، الأمر الذي استغله البستاني، كريانغكراي تيشامونغ، كي يسرق مجوهرات ثمينة من داخل القصر، وفقًا ل«بي بي سي».
انتظر «تيشامونغ» حتى جاء الظلام، وانتظر حتى غادر العاملون، تسلّل لغرفة نوم الأمير، التقط المجوهرات، قُدرت ب 30 كيلوغرامًا بقيمة 20 مليون دولار. حمل «تيشامونغ» المجوهرات وهرّبها إلى تايلاند، إذ وضعها داخل مظروفًا بداخله نقود.
بعد مرور سنة، تحديدًا في يناير 1990، اكتُشفت واقعة «تيشامونغ»، واعتُقل عندما كان في تايلاند، إذ أبلغت الشرطة السعودية نظيرتها التايلاندية بما حدث، إذ قال المسؤولون السعوديون إن 80 في المئة من المجوهرات اختفى، والعديد من تلك التي عادت كانت زائفة ثم انتشرت صورة لزوجة مسؤول تايلاندي وهي ترتدي قلادة تحوي مجوهرات مماثلة.
الماسة الزرقاء
وكانت قطعة مجوهرات محددة هي التي تمحور حولها النزاع وهي ماسة زرقاء وزنها 50 قيراطا بحجم البيضة، وفقًا ل«بي بي سي»، من بين كل 10 آلاف ماسة هناك واحدة فقط بهذا اللون المميز، فهي تعتبر من بين الأندر في العالم، وجاء هذا اللون من وجود عنصر البورون داخلها والذي تشكل من خلال وجودها على عمق 600 كيلومتر تحت سطح الأرض.
وأغلب الماسات الزرقاء الموجودة حاليا قادمة من منجم كولينان القريب من بريتوريا في جنوب افريقيا، ولكن أصل الماسة السعودية الزرقاء غير معروف وليس لها صورة معروفة. وبدلا من انتهاء القضية بحبس كريانغكراي نحو 3 سنوات وشجب السعودية لاختفاء المجوهرات وخاصة الماسة الزرقاء، أخذت التحقيقات منحى دمويا.
في فبراير 1990، كان مسؤولان في القسم القنصلي في السفارة السعودية في بانكوك يقودان سيارة نحو مجمع سكني في العاصمة بانكوك عندما تعرضا لهجوم من قبل مسلحين فقتلا، وفي نفس الوقت هاجم مسلح شقة زميل ثالث لهما وقتله بالرصاص.
وبعد ذلك بأسابيع ذهب رجل الأعمال السعودي محمد الرويلي إلى بانكوك لتقصي ما حدث للمجوهرات المختفية فتعرض للخطف واختفى تماما حتى اليوم ويعتقد على نطاق واسع أنه قتل. وهناك العديد من النظريات حول عمليات القتل هذه، فوفقا لمذكرة دبلوماسية يعود تاريخها إلى عام 2010 كتبها نائب رئيس البعثة الأمريكية في بانكوك ونشرتها ويكيليكس لاحقا فإن مقتل الدبلوماسيين السعوديين الثلاثة له علاقة بالصراع مع حزب الله اللبناني، لكن مسؤولا سعوديا كان أكثر وضوحا بشأن من يقف وراء تلك الحوادث.
قطيعةُ طويلة
كان محمد سعيد خوجة، الدبلوماسي السعودي صاحب خبرة ال 35 عاما في مجاله، قد أرسل إلى بانكوك بعد السرقة للإشراف على التحقيقات. وكان من المتوقع أن يظل في تايلاند لثلاثة أشهر إلا أنه استمر هناك لسنوات عديدة.
فقد اتهم خوجة صراحة الشرطة التايلاندية بسرقة المجوهرات التي تم استعادتها وقتل الدبلوماسيين ورجل الأعمال السعودي للتغطية بعد حصولهم على معلومات حساسة حول السرقة. وقد تم اتهام ضابط الشرطة المسؤول عن التحقيق في مقتل الدبلوماسيين بأنه وراء اختفاء رجل الأعمال السعودي، ولكن تم إسقاط الاتهام لاحقا.
وقال خوجة لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في سبتمبر عام 1994: «إن الشرطة هنا أكبر من الحكومة نفسها، وأنا مسلم وسأبقى هنا لأنني أشعر أنني أحارب الشيطان».
كان هذا الحوار الصحفي واحدا من عدة حوارات أجريت في نفس الشهر، وبعدها وقعت جريمة قتل جديدة ارتبطت أيضا بالسرقة. فبعد ضغوط كبيرة من السعودية سعت تايلاند للتوصل إلى حل للقضية. فقد تم تحديد الشخص الذي يعتقد أنه تعامل بالمجوهرات بعد عودة كريانغكراي لتايلاند. ويعتقد أن تاجر المجوهرات التايلاندي باع بضاعته ثم غيرها بأخرى مزيفة وانتهى الأمر بأن أصبح الشاهد الرئيسي في القضية.
وفي يوليو/تموز عام 1994 اختفى ابنه وزوجته ليتم العثور على جثتيهما في سيارة مرسيدس خارج بانكوك. وذكر تقرير الطب الشرعي أن الوفاة ناجمة عن حادث تصادم بين السيارة التي كانا فيها وشاحنة كبيرة.
وعلى أثر ذلك أجرى خوجة سلسلة لقاءات صحفية حيث قال :«إن الطب الشرعي هنا يعتقد أننا أغبياء، إنهم يريدون التغطية على أمر آخر».
وكان خوجة على صواب فقد اتضح لاحقا أن قوة الشرطة المنوط بها استعادة المجوهرات المفقودة استولت على بعضها بل ومسؤولة أيضا عن اغتصاب تاجر المجوهرات وقتل زوجته وابنه، كما انتهى الأمر بشالور كيردثيس رئيس فريق التحقيق في قضية السرقة إلى دخول السجن لمدة 20 عاما.
والآن وبعد 28 عاما على خروجه من السجن و30 عاما على قيامه بالسرقة مازال كريانغكراي يشعر بالتوتر وقد عاد للحياة في شمال تايلاند، وظل فريق من بي بي سي التايلاندية على مدار أيام عديدة يتتبع الخيوط لمكانه حيث تم العثور عليه أخيرا في بيته المتواضع.
ظل يسألنا هل من أبلغ عن مكانه ضابط شرطة؟ ثم قال إنه من الأفضل الخروج من المنزل والحديث وسط حقل أرز قريب حيث قال: «إن ما حدث بمثابة الكابوس بالنسبة لي».
وخلال الأيام التالية قدم إفادة كاملة عن ما حدث منذ السرقة التي أسفرت عن سقوط قتلى، ورغم مرور كل هذا الوقت فهو يخشى أيضا على حياته.
ويقول: «كل هذا الوقت منذ اعتقالي، أشعر أنني أفقد عقلي، كنت خائفا طوال الوقت من أي شيء حولي، فقد اعتقدت أن الكثيرين يريدون اختفائي أو قتلي، في البداية بقيت لمدة أسبوع بدون نوم».
ويصر كريانغكراي على أنه لم يتخيل أن يصل الأمر إلى هذه الدرجة، لقد كان يعلم أن الذهب يساوي الكثير من المال، ولكنه لم يعرف قيمة الأشياء الأخرى حتى غادر السجن، «عندما جاءت الشرطة لم أجادل استسلمت وأعدت المجوهرات وساعدت في استعادة المجوهرات التي قمت ببيعها» ولكن «ما كان الأمر ليصل إلى هذا الحجم، إذا لم يتورط أناس في تايلاند من ذوي النفوذ الكبير».
«قوي كالماسة»
وبعد مغادرته السجن، بعد حكم مدته خمس سنوات خفضت إلى عامين و7 أشهر بعد إقراره بالذنب، غير اسم العائلة لتجنب تعريض ابنه للإحراج.
لكنه استمر في الشعور بالذنب تجاه ما حدث وقال: «حياتي بعد السجن كانت مليئة بخيبات الأمل والأحداث سيئة الطالع»، ومن ثم قرر في مارس/آذار عام 2016 أن يصبح كاهنا بوذيا.
كان كريانغكراي قد دعا وسائل الإعلام لحفل ترسيمه راهبا، حيث قال كلمات قليلة «أريد أن أكون راهبا مدى الحياة لمحو لعنة الماسة السعودية، كما أريد تكريس حياتي من أجل أولئك الذين ماتوا في الأحداث الماضية، وأطلب العفو عن ما حدث».
واختار كريانغكراي اسما له كراهب يتم ترجمته إلى «هو قوي كالماسة».
وكان من بين من حضروا مراسم الرهبنة شالور كيردثيس، قائد الشرطة الذي سجن لدوره في قتل أسرة تاجر المجوهرات. وبحسب وسائل الإعلام التايلاندية فقد واصل الإصرار على براءته وبعد إطلاق سراحه قرر هو الآخر أن يصبح راهبا.
وكان كيردثيس وكريانغكراي هما فقط من سجنا بسبب قضية الماسة الزرقاء. وقد برأت المحكمة العليا في تايلاند في مارس/آذار الماضي خمسة من رجال الشرطة السابقين من تهمة خطف وقتل رجل الأعمال السعودي محمد الرويلي.
وخلال وجوده في صومعته لم يستطع كريانغكراي الفرار من ماضيه، فقد وصل إليه من سأله أين يخفي الماسة الزرقاء، ولم يقدم جوابا مما دفع للاعتقاد بأن الماسة الزرقاء غير موجودة أصلا.
ظل كريانغكراي، الذي يبلغ من العمر حاليا 61 عاما، في الصومعة لثلاث سنوات «ليس بوسعي أن أكون راهبا مدى الحياة فإن لدي أسرة بحاجة إلي». وقد عمل بمهن مختلفة كي يعيش.
ويقول من داخل بيته الخشبي: «إنني أعيش حياة بسيطة الآن كرجل ريفي، وليس لدي ما يكفي من المال، فما لدي يكفيني وأسرتي بالكاد، وبالنسبة لي يكفي أنني حي وأطعم أسرتي، فهذه هي السعادة الحقيقية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.