حين يتحول التعليم من أداة للعدالة إلى آلية لإعادة إنتاج اللا مساواة!    وزير الداخلية يعقد اجتماعا مع القيادات الأمنية عبر تقنية (الفيديو كونفرانس)    وزارة العدل تقرر نقل مقرات 7 لجان لتوفيق المنازعات في 6 محافظات    لجنة ضبط أداء الإعلام الرياضي تثمن الجهود الإعلامية لدعم المنتخب وتعزيز روح الانتماء    «شيمي» يكشف عن الشراكات مع القطاع الخاص المحلي والأجنبي خلال 2025    محافظ المنوفية يوجه بفتح مقر جديد للمركز التكنولوجي لاستقبال طلبات المواطنين    تباين أداء مؤشرات البورصة بمنتصف تعاملات اليوم الثلاثاء    تطبيع الاعتراف.. ومحاولات خنق مصر نهرًا وبحرًا    الكرملين: محاولة نظام كييف مهاجمة مقر بوتين عمل إرهابي    كرة السلة، الأهلي يبدأ رحلة البحث عن محترف جديد    الكشف عن موعد فترة القيد الشتوية في مصر    تفاصيل صادمة في تحقيقات النيابة مع عصابة الذهب المغشوش بالدقي    وزير الداخلية يوجه برفع درجة الاستعداد لتأمين احتفالات رأس السنة وأعياد الميلاد    التعليم قبل الجامعي في 2025، طفرة في المناهج والبنية التحتية وكفاءة المعلم    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يعلن عن برنامج تدريبي جديد لاكتشاف المواهب الشابة    مهرجان المنصورة الدولي لسينما الأطفال يكشف عن بوستر دورته الأولى    وزير الثقافة يُطلق «بيت السرد» بالعريش ويدعو لتوثيق بطولات حرب أكتوبر| صور    وزير الصحة: نموذج مستشفيات 2026 سيراعي التطور التكنولوجي الكبير    تقديم 22.8 مليون خدمة طبية بمحافظة الشرقية.. و2 مليار جنيه لتطوير المنشآت العلاجية    تحذيرات من أجهزة اكتساب السُّمرة الصناعية.. تؤدي إلى شيخوخة الجلد    مهرجان أسوان لأفلام المرأة يعلن عن برنامج تدريبي للشباب بأسيوط    أحمد الفيشاوى يحتفل مع جمهوره بالكريسماس.. فيديو    كيف يستفيد أطفالك من وجود نماذج إيجابية يحتذى بها؟    وزير العمل يهنئ الرئيس والشعب المصري بالعام الجديد    ضبط قضايا تهريب ومخالفات مرورية خلال حملات أمن المنافذ    محمد يوسف: حسام حسن يثق في إمام عاشور.. وكنت أنتظر مشاركته ضد أنجولا    زلزال بقوة 5.6 درجة بالقرب من جزيرة أمامي أوشيما اليابانية    حمدي السطوحي: «المواهب الذهبية» ليست مسابقة تقليدية بل منصة للتكامل والتعاون    الصحة: تقديم 3.4 مليون خدمة بالمنشآت الطبية بمطروح خلال 2025    وزيرا التموين والتنمية المحلية يفتتحان معرض مستلزمات الأسرة بالسبتية    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    هيئة السكة الحديد تعلن متوسط تأخيرات القطارات اليوم بسبب أعمال التطوير    قد يزامل عبد المنعم.. تقرير فرنسي: نيس دخل في مفاوضات مع راموس    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    حسام عاشور يكشف سرًا لأول مرة عن مصطفى شوبير والأهلي    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    اليوم.. طقس شديد البرودة ليلا وشبورة كثيفة نهارا والعظمي بالقاهرة 20 درجة    اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق: تهديد ترامب لحماس رسالة سياسية أكثر منها عسكرية    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    مجانًا ودون اشتراك بث مباشر يلاكووووورة.. الأهلي والمقاولون العرب كأس عاصمة مصر    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    إعلامي يكشف عن الرباعي المرشح لتدريب الزمالك    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    إيران: أي عدوان علينا سيواجه ردًا قاسيًا فوريًا يتجاوز خيال مخططيه    الداخلية تكشف ملابسات خطف طفل بكفر الشيخ | فيديو    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    بوينج توقع عقدًا بقيمة 8.5 مليار دولار لتسليم طائرات إف-15 إلى إسرائيل    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد مرور 30 عامًا.. اعترافات بطل قصّة «الماسة السعودية الزرقاء» لأول مرة
نشر في المصري اليوم يوم 29 - 09 - 2019

بتاريخ 1989، سرق بستاني تايلاندي مجوهرات من قصر سعودي، ربمّا يبدو كأي حادث سرقة عادي، لكن تلك الحادثة أدت لعمليات قتل وأزمة دبلوماسية، استمرت حتى اليوم. بدأت القصّة عندما سافر الأمير فيصل، النجل الأكبر للعاهل السعودي الراحل، الملك فهد، رفقة زوجته، في اجازة بعيدًا عن القصر لمدة ثلاثة أشهر، الأمر الذي استغله البستاني، كريانغكراي تيشامونغ، كي يسرق مجوهرات ثمينة من داخل القصر، وفقًا ل«بي بي سي».
انتظر «تيشامونغ» حتى جاء الظلام، وانتظر حتى غادر العاملون، تسلّل لغرفة نوم الأمير، التقط المجوهرات، قُدرت ب 30 كيلوغرامًا بقيمة 20 مليون دولار. حمل «تيشامونغ» المجوهرات وهرّبها إلى تايلاند، إذ وضعها داخل مظروفًا بداخله نقود.
بعد مرور سنة، تحديدًا في يناير 1990، اكتُشفت واقعة «تيشامونغ»، واعتُقل عندما كان في تايلاند، إذ أبلغت الشرطة السعودية نظيرتها التايلاندية بما حدث، إذ قال المسؤولون السعوديون إن 80 في المئة من المجوهرات اختفى، والعديد من تلك التي عادت كانت زائفة ثم انتشرت صورة لزوجة مسؤول تايلاندي وهي ترتدي قلادة تحوي مجوهرات مماثلة.
الماسة الزرقاء
وكانت قطعة مجوهرات محددة هي التي تمحور حولها النزاع وهي ماسة زرقاء وزنها 50 قيراطا بحجم البيضة، وفقًا ل«بي بي سي»، من بين كل 10 آلاف ماسة هناك واحدة فقط بهذا اللون المميز، فهي تعتبر من بين الأندر في العالم، وجاء هذا اللون من وجود عنصر البورون داخلها والذي تشكل من خلال وجودها على عمق 600 كيلومتر تحت سطح الأرض.
وأغلب الماسات الزرقاء الموجودة حاليا قادمة من منجم كولينان القريب من بريتوريا في جنوب افريقيا، ولكن أصل الماسة السعودية الزرقاء غير معروف وليس لها صورة معروفة. وبدلا من انتهاء القضية بحبس كريانغكراي نحو 3 سنوات وشجب السعودية لاختفاء المجوهرات وخاصة الماسة الزرقاء، أخذت التحقيقات منحى دمويا.
في فبراير 1990، كان مسؤولان في القسم القنصلي في السفارة السعودية في بانكوك يقودان سيارة نحو مجمع سكني في العاصمة بانكوك عندما تعرضا لهجوم من قبل مسلحين فقتلا، وفي نفس الوقت هاجم مسلح شقة زميل ثالث لهما وقتله بالرصاص.
وبعد ذلك بأسابيع ذهب رجل الأعمال السعودي محمد الرويلي إلى بانكوك لتقصي ما حدث للمجوهرات المختفية فتعرض للخطف واختفى تماما حتى اليوم ويعتقد على نطاق واسع أنه قتل. وهناك العديد من النظريات حول عمليات القتل هذه، فوفقا لمذكرة دبلوماسية يعود تاريخها إلى عام 2010 كتبها نائب رئيس البعثة الأمريكية في بانكوك ونشرتها ويكيليكس لاحقا فإن مقتل الدبلوماسيين السعوديين الثلاثة له علاقة بالصراع مع حزب الله اللبناني، لكن مسؤولا سعوديا كان أكثر وضوحا بشأن من يقف وراء تلك الحوادث.
قطيعةُ طويلة
كان محمد سعيد خوجة، الدبلوماسي السعودي صاحب خبرة ال 35 عاما في مجاله، قد أرسل إلى بانكوك بعد السرقة للإشراف على التحقيقات. وكان من المتوقع أن يظل في تايلاند لثلاثة أشهر إلا أنه استمر هناك لسنوات عديدة.
فقد اتهم خوجة صراحة الشرطة التايلاندية بسرقة المجوهرات التي تم استعادتها وقتل الدبلوماسيين ورجل الأعمال السعودي للتغطية بعد حصولهم على معلومات حساسة حول السرقة. وقد تم اتهام ضابط الشرطة المسؤول عن التحقيق في مقتل الدبلوماسيين بأنه وراء اختفاء رجل الأعمال السعودي، ولكن تم إسقاط الاتهام لاحقا.
وقال خوجة لصحيفة نيويورك تايمز الأمريكية في سبتمبر عام 1994: «إن الشرطة هنا أكبر من الحكومة نفسها، وأنا مسلم وسأبقى هنا لأنني أشعر أنني أحارب الشيطان».
كان هذا الحوار الصحفي واحدا من عدة حوارات أجريت في نفس الشهر، وبعدها وقعت جريمة قتل جديدة ارتبطت أيضا بالسرقة. فبعد ضغوط كبيرة من السعودية سعت تايلاند للتوصل إلى حل للقضية. فقد تم تحديد الشخص الذي يعتقد أنه تعامل بالمجوهرات بعد عودة كريانغكراي لتايلاند. ويعتقد أن تاجر المجوهرات التايلاندي باع بضاعته ثم غيرها بأخرى مزيفة وانتهى الأمر بأن أصبح الشاهد الرئيسي في القضية.
وفي يوليو/تموز عام 1994 اختفى ابنه وزوجته ليتم العثور على جثتيهما في سيارة مرسيدس خارج بانكوك. وذكر تقرير الطب الشرعي أن الوفاة ناجمة عن حادث تصادم بين السيارة التي كانا فيها وشاحنة كبيرة.
وعلى أثر ذلك أجرى خوجة سلسلة لقاءات صحفية حيث قال :«إن الطب الشرعي هنا يعتقد أننا أغبياء، إنهم يريدون التغطية على أمر آخر».
وكان خوجة على صواب فقد اتضح لاحقا أن قوة الشرطة المنوط بها استعادة المجوهرات المفقودة استولت على بعضها بل ومسؤولة أيضا عن اغتصاب تاجر المجوهرات وقتل زوجته وابنه، كما انتهى الأمر بشالور كيردثيس رئيس فريق التحقيق في قضية السرقة إلى دخول السجن لمدة 20 عاما.
والآن وبعد 28 عاما على خروجه من السجن و30 عاما على قيامه بالسرقة مازال كريانغكراي يشعر بالتوتر وقد عاد للحياة في شمال تايلاند، وظل فريق من بي بي سي التايلاندية على مدار أيام عديدة يتتبع الخيوط لمكانه حيث تم العثور عليه أخيرا في بيته المتواضع.
ظل يسألنا هل من أبلغ عن مكانه ضابط شرطة؟ ثم قال إنه من الأفضل الخروج من المنزل والحديث وسط حقل أرز قريب حيث قال: «إن ما حدث بمثابة الكابوس بالنسبة لي».
وخلال الأيام التالية قدم إفادة كاملة عن ما حدث منذ السرقة التي أسفرت عن سقوط قتلى، ورغم مرور كل هذا الوقت فهو يخشى أيضا على حياته.
ويقول: «كل هذا الوقت منذ اعتقالي، أشعر أنني أفقد عقلي، كنت خائفا طوال الوقت من أي شيء حولي، فقد اعتقدت أن الكثيرين يريدون اختفائي أو قتلي، في البداية بقيت لمدة أسبوع بدون نوم».
ويصر كريانغكراي على أنه لم يتخيل أن يصل الأمر إلى هذه الدرجة، لقد كان يعلم أن الذهب يساوي الكثير من المال، ولكنه لم يعرف قيمة الأشياء الأخرى حتى غادر السجن، «عندما جاءت الشرطة لم أجادل استسلمت وأعدت المجوهرات وساعدت في استعادة المجوهرات التي قمت ببيعها» ولكن «ما كان الأمر ليصل إلى هذا الحجم، إذا لم يتورط أناس في تايلاند من ذوي النفوذ الكبير».
«قوي كالماسة»
وبعد مغادرته السجن، بعد حكم مدته خمس سنوات خفضت إلى عامين و7 أشهر بعد إقراره بالذنب، غير اسم العائلة لتجنب تعريض ابنه للإحراج.
لكنه استمر في الشعور بالذنب تجاه ما حدث وقال: «حياتي بعد السجن كانت مليئة بخيبات الأمل والأحداث سيئة الطالع»، ومن ثم قرر في مارس/آذار عام 2016 أن يصبح كاهنا بوذيا.
كان كريانغكراي قد دعا وسائل الإعلام لحفل ترسيمه راهبا، حيث قال كلمات قليلة «أريد أن أكون راهبا مدى الحياة لمحو لعنة الماسة السعودية، كما أريد تكريس حياتي من أجل أولئك الذين ماتوا في الأحداث الماضية، وأطلب العفو عن ما حدث».
واختار كريانغكراي اسما له كراهب يتم ترجمته إلى «هو قوي كالماسة».
وكان من بين من حضروا مراسم الرهبنة شالور كيردثيس، قائد الشرطة الذي سجن لدوره في قتل أسرة تاجر المجوهرات. وبحسب وسائل الإعلام التايلاندية فقد واصل الإصرار على براءته وبعد إطلاق سراحه قرر هو الآخر أن يصبح راهبا.
وكان كيردثيس وكريانغكراي هما فقط من سجنا بسبب قضية الماسة الزرقاء. وقد برأت المحكمة العليا في تايلاند في مارس/آذار الماضي خمسة من رجال الشرطة السابقين من تهمة خطف وقتل رجل الأعمال السعودي محمد الرويلي.
وخلال وجوده في صومعته لم يستطع كريانغكراي الفرار من ماضيه، فقد وصل إليه من سأله أين يخفي الماسة الزرقاء، ولم يقدم جوابا مما دفع للاعتقاد بأن الماسة الزرقاء غير موجودة أصلا.
ظل كريانغكراي، الذي يبلغ من العمر حاليا 61 عاما، في الصومعة لثلاث سنوات «ليس بوسعي أن أكون راهبا مدى الحياة فإن لدي أسرة بحاجة إلي». وقد عمل بمهن مختلفة كي يعيش.
ويقول من داخل بيته الخشبي: «إنني أعيش حياة بسيطة الآن كرجل ريفي، وليس لدي ما يكفي من المال، فما لدي يكفيني وأسرتي بالكاد، وبالنسبة لي يكفي أنني حي وأطعم أسرتي، فهذه هي السعادة الحقيقية».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.