بعد نجاح مشروع «الفوط الصحيّة من الموز».. مسؤول «إيناكتس»: نتمنى دعم «التعليم العالي»

مُنذ أيام، داخل حجرة تعجّ بالتلاميذ، على بُعد 150 ميلاً عن العاصمة الكينية، نيروبي، كانت تجلس الطالبة، جاكلين تشيبنجو، كعادتها خلال أي يوم دراسي عادي، إلى أنْ خضبّت الدماء زيها المدرسي، لم يكن بحوزة «جاكلين» فوط صحية، ولم تكُن تتوافر أيضًا داخل صيدلية المدرسة، لحظات ثقيلة مرّت على الصبية الصغيرة، حتى وصفها معلم الصف ب«القذرة» أمام زملائها، وطردها، عادت «جاكلين» إلى المنزل، أخبرت والديها بما حدث، انزوت في غرفتها، وانتحرت.
«جاكلين» هي واحدة من الفتيات اللاتي يُجبرهن «الفقر» على الخجل من «الدورة الشهرية»، حسبْ تقرير الأمم المتحدة 2014، والذي يقول إن «واحدة من بين 10 طالبات تتغيب يوميًا من المدرسة، بسبب عادتها الشهرية، مما يعني تفويتهم ل 20% من حصصهم الدراسية كل عام»، لكن الفتاة الكينية لم تتغيّب عن المدرسة فقط، بل تغيّبت عن الحياة كلها.
هُنا، داخل القاهرة، استطاع فريق «إيناكتس جامعة القاهرة»، الفوز بالمركز الأول في المسابقة العالمية للنشاط الطلابي، المُقامة في الولايات المتحدة الأمريكية، خلال شهر سبتمبر، بعدما وجدوا حلاً سحريًا لتسرب الفتيات من التعليم، أثناء الدورة الشهرية، لعدم قدرة الأهالي على شراء «الفوط الصحية»، إذ ابتكروا فوطًا صحية مُصنعة من ألياف الموز الطبيعية.
ورغم المنافسة مع 37 دولة، فاز «إيناكتس القاهرة» بالمركز الأول، لأنهُ «مشروع اجتماعي استهدف المرأة»، حسبْ دكتور فاطمة سري، رئيس «إيناتكس مصر»، والتي تحدّثت ل«المصري اليوم» عن فكرة المشروع، إذ قالت: «يقوم المشروع على تمكين السيدات، ومنحهم فرصة عمل من خلال تصنيع فوط صحية عضوية، خالية من البلاستيك، فيتم تصنيعها من ألياف شجر الموز، وبسعر أرخص من الفوط المتواجدة في السوق المصري».
وعن نتائج المشروع، قالت «سري»: «باعَ أكثر من 100 طالب حوالي90 ألف فوطة في أكثر من محافظة، كما توسّع المشروع في السودان وأوغندا، بعد الحصول على تصاريح من وزارة الصحة واجتياز كل الاختبارات المطلوبة».
لا يؤثر المشروع على الصحة والنظافة الشخصية فقط، بل يؤثر بشكل مباشر في عدد أيام العمل للسيدات في القرى وعدد الفتيات اللاتي يتسربنْ من التعليم.
لا يعرف الكثيرون «إيناكتس مصر»، لكن الفريق حقق مشروعات ناجحة خلال السنوات الماضية، كما تحكي «سري»: «سبق ونفذنا مشروع توفير فرص عمل للاجئين في مصر، وفرن يعمل بالطاقة الشمسية كطاقة بديلة، ومشروع حرفي، يضُم عدد من الحرفيين على تطبيق الكتروني، لتسهيل وصول المواطنين لهم».
في الأصل، بدأت «إيناكتس» من خلال نشاط طلابي تحتضنه فرق طلابية في الولايات المتحدة الأمريكية، لصاحبها «سام والتون»، ثم بدأت في الانتشار في أوروبا وآسيا منذ عام 1999، حتى أصبحت تتواجد في 37 دولة حول العالم، ويوجد الآن في 56 جامعة مصرية، خاصة وحكومية.
وعُرف «إيناكتس» فيما بعد بأنه أكبر منصة للتعلم التجريبي في العالم، مكرسة لخلق عالم أفضل مع تطوير الجيل القادم من رواد الأعمال والمبتكرين الاجتماعيين.
تأسس «إيناكتس» داخل مصر، من خلال آلية واضحة، وهي الالتحاق بالفريق من خلال ضم أعضاء كل عام، إذ يتخرج من الفريق عدد من الطلبة سنويًا، ويتم ضم أعداد أخرى لتنفيذ المشاريع، مثل المشروع الذي تم تنفيذه داخل جامعة 6 أكتوبر، إذ قام أعضاء الفريق بمشروع «الياسمين»، إذ قام الطلاب بتقييم احتياج قرية «شبرا بلول»، والتي تُصنف «الأولى» في تصدير الياسمين حول العالم.
وجد الطلاب أن «شبرا بلول» تراجعت خلال السنوات الأخيرة، ففكروا في تمكين أهل القرية من استخدام الديدان كسماد عضوي بديل، إذ تتغذى على المخلفات العضويّة وتحولها إلى سماد غني، وبعد تنفيذ المشروع، وجد الطلاب أن نسبة الكيماويات في التربة، انخفضت بنسبة 70%، الأمر الذي ساهم في إعادة القرية لمقدمة الدول المُصدّرة للياسمين.
ورغم النجاحات التي يُحققها «إيناكتس مصر»، إلا أن الدعم المُقدم من الجهات الحكومية «ضئيل»، ويكاد يكون معدومًا، كما تقول «سري»: «تدعمنا الشركات المصرية الخاصة فقط».
تحلُم «سري» وباقي أعضاء «إيناكتس» المُسلحون بالأمل ب«دعم وزارة التعليم العالي، لتسهيل عمل الطلبة في الجامعات، الطلبة تنفذ مشاريع عديدة لرفع مستوى الأفراد في المجتمع، من خلال ريادة الأعمال والتمكين».