وزير الزراعة يبحث مع وفد النقابة العامة للعاملين بالبنوك والتأمينات بجنوب إفريقيا سبل التعاون    للعام الثالث.. تربية حلوان تحصد المركز الأول في المشروع القومي لمحو الأمية    رئيس الوزراء يُتابع الخطة التنفيذية لمحطات تحلية مياه الساحل الشمالي الغربي    روسيا: هجمات إسرائيل تنتهك سيادة سوريا وتستحق الإدانة    وزارة الدفاع الروسية: قواتنا تسيطر على ديهتيارن في شرق أوكرانيا    بعد استبعاده من معسكر تونس.. وسام أبو علي يخوض تدريبات منفردة في الأهلي    المشدد 7 سنوات لربة منزل حاولت تهريب مخدرات لأحد المتهمين داخل السجن    مصرع شخص بسبب "شرز" كهرباء في كابل ضغط عالي بقرية جرفس بالفيوم    ب "أخويا" و"أتحسدنا".. إسماعيل نصرت يتعاون مجددًا مع أحمد سعد    الاثنين.. الإعلان عن تفاصيل مشروع المايسترو سليم سحاب بمسرح السامر بالعجوزة    وزيرة البيئة تعقد لقاءا ثنائيا مع الأمينة التنفيذية لاتفاقية الأراضي الرطبة    الشوربجي: "بوابة تراث مصر الثقافي" منصة شاملة لحفظ تراث الصحافة القومية    أصوات البراءة غرقت.. كيف ابتلعت ترعة البداري أحلام الطفولة لثلاث شقيقات؟    ليفربول يقدم عرضا ضخما إلى آينتراخت لحسم صفقة إيكيتيتي    تعرف على الصالات المستضيفة لبطولة العالم لناشئي كرة اليد في مصر    وحدة السكتة الدماغية بمستشفى النفسية بجامعة أسيوط تحصل على الاعتماد الدولي كوحدة متقدمة    بشرى لطلاب الثانوية العامة: الأكاديمية العربية تقدم كلية العلاج الطبيعي بفرع العلمين الجديدة    18 شهيدًا في تصعيد إسرائيلي على غزة بينهم عناصر تأمين للمساعدات    "أوتشا": أكثر من 80% من الأشخاص ذوى الإعاقة فى غزة فقدوا احتياجاتهم الأساسية    ارتفاع حصيلة ضحايا حريق مول «هايبر ماركت» في العراق ل63 حالة وفاة و40 إصابة (فيديو)    إصابة كاهن ونازحين فلسطينيين بقصف إسرائيل كنيسة في غزة    سقوط 54 قتيلا جراء الأمطار الموسمية فى باكستان خلال 24 ساعة    جوتيريش يدين الغارات الجوية الإسرائيلية التصعيدية على عدة مناطق فى سوريا    حزب الوعي ينظم مؤتمرًا صحفيًا لتقديم مرشحيه في انتخابات مجلس الشيوخ الأحد المقبل    ميعاد انطلاق الدعاية الانتخابية للمرشحين بانتخابات مجلس الشيوخ غدًا    خلال زيارته لسوهاج.. نقيب المهندسين يلتقي المحافظ لبحث أوجه التعاون    «أزمة في أوضة اللبس؟».. رد فعل مثير من إمام عاشور مع زيزو    "صعبة للغاية".. شوبير يصدم جماهير الأهلي حول إمام عاشور    أحمد شريف: الزمالك أحسن من الفلوس وشيكابالا أسطورة والسعيد لن يتكرر    تعرف على مواجهات مانشستر يونايتد الودية ضمن معسكر الإعداد للموسم الجديد    اليوم بدء تلقي طلبات التقديم لمدارس التمريض بالبحر الأحمر (الشروط والدرجات)    صعود المؤشر الرئيسي للبورصة بنسبة 1% بمنتصف تعاملات جلسة الخميس    الإسكان: كراسات شروط الطرح الثاني ل"سكن لكل المصريين7" متاحة بمنصة مصر الرقمية    إغلاق حركة الملاحة الجوية والنهرية بأسوان بسبب سوء أحوال الطقس    الفرص ومواعيد الامتحان والدرجات.. التعليم تجيب عن أسئلة حول البكالوريا    ضربات أمنية مستمرة لضبط مرتكبى جرائم الإتجار غير المشروع بالنقد الأجنبى    الداخلية تواصل حملاتها المكثفة لضبط الأسواق والتصدى الحاسم لمحاولات التلاعب بأسعار الخبز الحر والمدعم    خريطة العام الدراسي الجديد 2026.. موعد بدء الدراسة والامتحانات والإجازة    بيتكوين تستقر قرب 118 ألف دولار وسط تراجع لقيمة الدولار    قرار جمهورى بالموافقة على منحة لتمويل برنامج المرفق الأخضر من الاتحاد الأوروبى    وفاة والدة النجمة هند صبري    احتفالاً بالعيد القومي لمحافظة الإسكندرية.. فتح المواقع الأثرية كافة مجانا للجمهور    فيلم الشاطر لأمير كرارة يحصد 2.7 مليون جنيه في أول أيامه بدور السينما    كابتن محمود الخطيب يحقق أمنية الراحل نبيل الحلفاوى ويشارك في مسلسل كتالوج    مباحثات لتعزيز علاقات التعاون المشتركة بين جامعة القاهرة وجامعة جيجيانغ الصينية    لا تخشى قول الحق مهما كلفها الأمر.. 5 أبراج تحب المواجهة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 17-7-2025 في محافظة قنا    أبي أحمد يكذب ورسائل حاسمة من السيسي وترامب، آخر مستجدات أزمة سد النهضة الإثيوبي    نائب وزير الصحة يعقد الاجتماع الثالث للمجلس الأعلى لشباب مقدمى خدمات الرعاية الصحية    رئيس غرفة مقدمي الرعاية الصحية: بروتوكول تعاون مع الصحة لتفعيل مبادرة "الألف يوم الذهبية" للحد من الولادات القيصرية    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير (139) مخالفة للمحلات التى لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    "كوكاكولا" تعلق على تصريحات ترامب بإضافة السكر الطبيعي    ما الفرق بين المتوكل والمتواكل؟.. محمود الهواري يجيب    كيف نواجه الضغوطات الحياتية؟.. أمين الفتوى يجيب    بمنهجية علمية وشهادات معتمدة.. «الأزهر» ينشر لغة القرآن في قارات العالم    دعاء في جوف الليل: اللهم إنا نسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة    الأهلي يكشف كواليس عرض الحزم السعودي لضم أحمد عبد القادر    لو لقيت حاجة فى الشارع اتصرف إزاى؟ أمين الفتوى يجيب (فيديو)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



استنقاذ الثورة.. بدايات غير موفقة (1 - 4)
نشر في المصري اليوم يوم 18 - 05 - 2011

عشنا الأيام السعيدة من 25 يناير حتى 11 فبراير، واندمجنا تماماً فى مجتمع الميدان، الذى ألف بين قلوبنا فأصبحنا إخواناً متحابين، وتركنا أنفسنا تكتسحها موجة من الفرح الهستيرى عندما أعلن الطاغية تنحيه يوم 11 فبراير، لأننا حققنا خلال ثمانية عشر يومًا ما عجز آباؤنا عن تحقيقه خلال ثلاثين عاماً، حتى ماتوا وفى حلوقهم غصة.
كان يجب أن يكون معلوماً أن إسقاط النظام، وهو الشعار الموفق الذى رفعته الثورة، لابد أن تستتبعه إقامة النظام الجديد، لأنه لا يعقل أن نترك البلاد بلا نظام.
ولكن شيئاً عجيباً حدث هو أن الذين نجحوا فى إسقاط النظام لم يتقدموا لبناء النظام الجديد.
هل ألهتهم سكرة الانتصار فى هدم دولة الظلم عن ضرورة إقامة دولة العدل؟
كان الحاكم «المنكود» عندما أعلن تنحيه عن السلطة عهد بها إلى «المجلس الأعلى للقوات المسلحة»، الذى أعلن فوراً أنه لا يعمل لسلطة، وأنه لن يمارس سلطة وأنه مؤمن بثورة الشعب ومطالبه، ولن يظل يوماً واحداً بعد المدة المقررة.
أعتقد أنه كان واجباً على الشباب الذين أشعلوا الثورة وأداروها بنجاح، ورزقوا تأييداً شاملاً وكاملاً من الشعب، أن يتفقوا مع المجلس على طريقة إدارة شؤون البلاد وتحقيق ما طالب به الشعب.
وكان على الشباب أن يبينوا للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أن ما سيتخذ الآن على أعظم جانب من الأهمية، لأنه سيحدد مسار العمل وطبيعته، وأنه لا يمكن أن يقفوا موقف المتفرج بينما تتخذ أخطر القرارات على الثورة، وكان يجب أن يتم هذا بسرعة، وآثار تجمع ثلاثة ملايين مصرى فى ميدان التحرير لاتزال حية.. ماثلة.
وكان يمكن أن يقترحوا على المجلس الأعلى للقوات المسلحة تكوين مجلس رئاسى من 25 فرداً مثلاً، عشرة منهم من ائتلاف الثورة وثلاثة أو أربعة من الجيش والباقى من الشخصيات الوطنية العامة، ويتولى هذا المجلس الرئاسى شؤون البلاد.
أعتقد أن المجلس ما كان يرفض هذا، لأنه يقدم مشروعاً حسناً لإدارة الثورة تشترك فيه كل الأطراف، وينجيه من تحمل المسؤولية منفرداً، وكأن شبح الجمعة المليونية يتراءى له ويحمله على القبول حتى لا يدخل مع الشعب فى مشادة، ولم يكن ائتلاف الثورة ليتعدى حدوده، لو أنه بيَّن للمجلس أن سلطته هى تأمين وحماية، وليست سلطة تنفيذ وتطبيق، وأن المرحلة تتطلب ممارسة ثورة يكون من الظلم له مطالبته بها.
ولم تكن قضية مشروعية حكم هذا المجلس الرئاسى لتطرأ على أحد، لأن من المسلم به أنه يمثل شرعية الثورة الشعبية، وهى أسمى صور الشرعية، وما الدساتير إلا بلورة لإرادة الشعب، وكلها تنص على أن الأمة مصدر السلطات، وهذه هى الأمة وهى تمارس سلطاتها. ولو تم هذا لكان أول ما يقرره هذا المجلس الرئاسى حل مجلس الشعب ومجلس الشورى والحزب الوطنى واتحاد العمال وإلغاء دستور 1971،
والتحفظ على أموال ونشاط ثلاثة آلاف كانوا المنفذين لسياسة عهد الفساد، وإلقاء القبض على أكابر المجرمين، وعلى رأسهم مبارك نفسه، وتقديم هؤلاء جميعًا لمحاكمة عادلة ولكنها ناجزة لا تحرمهم حقاً ولكن لا تسمح لهم باستباحة الحقوق، وتكون ممارستها ذات طابع ثورى، ولو أنها قبضت على كل الضباط الذين عملوا فى أمن الدولة باعتبارهم مدانين بالفعل فى التعذيب وقهر الإنسان المصرى وأن عليهم أن يبرَّئوا أنفسهم، وإلا حكم عليهم بأقسى الأحكام، لما كان فى هذا حيفاً على العدالة، بل كان هذا هو عين العدالة وهو الوسيلة الوحيدة التى تحول دون استغفال الأمة، فلا تقوم ثورة إلا عندما يعم الفساد ويتعقد ويتمدد ويصعب حله، وعندئذ فلا مناص من البتر، وعندما تستخدم الأساليب التى وضعت لمجتمعات مستقرة.. آمنة.. على هؤلاء المجرمين، فكأننا نتآمر على العدالة ونساعد المجرمين على الإفلات منها، فضلاً عما فى هذا من نزول بأسلوب الثورة إلى أسلوب التدرج والملاينة البرجوازى، وهذا يعنى القضاء على الثورة.
وكان يجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة تعيين لجنة من 30 إلى 50 عضواً يمثل فيها شباب الثورة لتضع دستوراً محل الدستور المهلهل، دستور المتناقضات، دستور 1971، ولم يكن هذا ليتطلب أكثر من أسبوعين، لأن دستورى 1923 و1954 موجودان، والمواثيق الدولية عن الحريات معروفة، أما القضية الشائكة، فهى: هل سيكون وزاريًا أم رئاسياً، فهذا ما أرادته الجماهير وزاريًا حتى لا يصنع فرعوناً جديداً، وكانت تلك فرصة للتخلص من نسبة 50% عمالاً وفلاحين وسلطة مجلس الشورى.. إلخ. ويعرض الدستور على الشعب للاستفتاء، وإذا وافق عليه أجرينا انتخابات مجلس الشعب، وأجريت انتخابات رئاسة الجمهورية.
وقد يتطلب ذلك مدة أكثر من الشهور المحددة، ولا بأس، ويجب على المجلس الأعلى للقوات المسلحة أن يستمر مادام الشعب هو الذى طلب، وقد صبر الشعب ثلاثين سنة، فلا عليه إذا صبر ثلاثين شهراً.
كان هذا هو الواجب، ولكنه لم يتبع، فانظروا ماذا حدث؟ وكيف انحرفت الأمور؟
عندما انفرد المجلس الأعلى للقوات المسلحة بالعمل لم يحل إلا مجلسى الشعب والشورى وترك الحزب الوطنى واتحاد العمال، ولم تتخذ الإجراءات التحفظية، فكانت النتيجة أن هرَّب الجميع أموالهم وأخذوا يكيدون للثورة بمختلف الوسائل.
وعندما قبضوا على أكابر المجرمين وزجوا بهم فى السجون، اعتبروا جميعًا مسجونين احتياطياً يعاملون معاملة خاصة، وهو مبدأ سُن ليطبق على متهمين متحضرين، وليس على وحوش ومجرمين، بل إن مأمور السجن يحيى (المتهم) حبيب العادلى وزير الداخلية المقبوض عليه، التحية العسكرية.
وارتبكوا أمام دستور 1971 وقرروا تعديل المواد الخاصة بانتخاب رئيس الجمهورية، والتى وضعت (تفصيل) لكى لا يمكن أن يرشح إلا مبارك أو نجله، وتطلب ذلك قرابة شهرين، وعندما تم قُدِمَ للاستفتاء ووافقت الأغلبية التى تضم العوام والأميين.. إلخ على التعديلات عندما قيل إنها إذا رفضتها فسيوضع دستور جديد يستبعد المادة الثانية الخاصة بالإسلام.
ثم ظهر لهم أن كل المواد الخاصة بالانتخابات تحتاج إلى تعديل، فأصدروا إعلاناً دستورياً.
والوزارة اليوم غارقة إلى الركب فى تحقيقات لا تنتهى، وأكابر المجرمين يقضون أيامهم فى حبسهم الاحتياطى وقد يظفرون بالبراءة لأن العيب يمكن أن يكون فى قوانين وضعوها بأيديهم وحرصوا على وضع ثغرات يمكن أن تنجيهم عند الضرورة.
والوزارة رغم نيتها الحسنة تنتقل من تخبط إلى تخبط، ومن أزمة إلى أزمة، لأنها لا تستخدم أسلوبًا ثوريًا، وإنما تحاول الجمع بين الأضداد.
فانظر كيف أن التهاون فى البداية قد أدى إلى فساد النهاية، لأن النهايات موصولة بالبدايات.
فإذا طال الأمر بهذا الحال - ولابد أن يطول لأن المحامين لهم وسائلهم، ولأن المشكلات أكبر وأعقد من أسلوب المعالجات - فلن تكون فى النهاية ثورة، وإنما محاكمات تقليدية وحلول جزئية كلها تفتقد الروح الثورية المبدعة المنشئة التى تقهر كل الصعاب وتقفز على المراحل وتجعل الشعب يعمل جنبًا إلى جنب الحكومة، وفى النهاية يقيم دولة العدل، وهو الجزء الإيجابى فى إسقاط النظام.
■ ■ ■
هل معنى هذا أن هذه الثورة المجيدة التى صاغ لها الرئيس أوباما قلائد المديح وأعجب بها العالم كله قد تلاشت وتحللت!!!
كلا.. فمادام الثوار أحياء، ومادام الميدان موجوداً، ومادام من الممكن حشد جمعات مليونية، فهناك أمل فى استنقاذ الثورة بعد أن كاد الانحراف يودى بها.
لقد ضاع وقت طويل، ولكننا تعلمنا من منطق التجربة والخطأ دروساً ثمينة يمكن أن تجعلنا نستنقذ الثورة وننتشلها مما تردت فيه، والرجوع إلى الحق فضيلة، فضلاً عن أنه الوسيلة الوحيدة لاستنقاذ الثورة.
لا يعيبنا أن نعترف بأننا تركنا الأمور تسيرنا، فأدت بنا إلى الأزقة وبعدت عن الميدان.
إن مائة يوم فى تاريخ الثورات ليست شيئاً مذكوراً. علينا أن نعود لنبدأ من البداية السليمة، ولنعتبر أن كل ما قمنا به كان من باب التجربة والخطأ.
[email protected]
[email protected]
www.islamiccall.org
gamal-albanna.blogspot.com


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.