مُنذ أيام، قرر المجلس العسكري الانتقالي في السودان، إغلاق مكتب قناة الجزيرة في الخرطوم، والتحفظ على الأجهزة والمقتنيات بعد حصرها وتسليمها للسلطات، مؤكدًا أن القرار جاء بسبب «استغلال القناة القطرية للمشهد السياسي في السودان»، ومحاولاتها للحث على التظاهر والاحتجاج في الميادين. هل يطرح هذا الإغلاق أزمة دبلوماسية بين الخرطوموالدوحة؟، تحديدًا بعد استدعاء الخارجية السودانية، الجمعة، سفير السودان بقطر فتح الرحمن، بناء على طلب من المجلس العسكري. من جانبها، نفت المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية القطرية، لؤلؤة راشد الخاطر، في منشور لها على «تويتر»، سحب السودان سفيرها في قطر، إذ قالت إن السفير أبلغهم بأنه سيكون في إجازة قصيرة وقد حدد موعد عودته. أثار توقيت مغادرة السفير السوداني قطر، تساؤلات عديدة، خصوصا بعد إعلان شبكة الجزيرة القطرية أن السودان قرّر «إغلاق» مكتبها في الخرطوم بموجب «قرار من المجلس العسكري الانتقالي، والذي شمل القرار أيضا سحب تراخيص العمل لمراسلي وموظّفي الشبكة. وكشفت مصادر مقربة من المجلس العسكري الانتقالي في السودان ل «صحيفة الاتحاد الإماراتية»، أن مكتب القناة يتخابر لصالح الإخوان في السودان ويعمل على دعم النظام القديم. وأوضح المصدر أن مكتب قناة الجزيرة في السودان تحول إلى «خلية استخباراتية» تضبط الاتصالات بين أنصار الرئيس المعزول عمر البشير وعناصر خارجية، مما يخالف مضمون التصريح الإعلامي الممنوح للقناة، فيما ينذر باحتمالية تطور الأمر لأزمة بين البلدين. تتنوع قراءات المراقبون لطبيعة ومستقبل العلاقة بين الدوحةوالخرطوم، فيما يرى آخرون أنه منذ تولي المجلس العسكري مقاليد الحكم في السودان بعد إطاحة بالبشير في 11 إبريل الماضي، والسودان يريد أن يغير بوصلة سياسته الخارجية، وأن تحركات السودان الأخيرة ما هي إلا ردة فعل من الخرطوم لحماية أمنها القومي. بينما يرى آخرون أن التوتر هو نتاج الفاعلين المحلين في السودان، للدخول في معادلات الصراع الإقليمي، لخدمة مصالحهم، محاولات لزحزحة السودان من موقفه الإقليمي «المحايد». السودان تُغير دفتها قال الباحث بالمركز العربي للبحوث والدراسات، مصطفي صلاح، عن الوضع في السودان: «ظهرت مؤشرات عديدة خلال حكم المجلس الانتقال تدل على تغيير السودان لموقفها الإقليمي، واستعادة السودان لعلاقاتها مع محورها الإقليمي». وأوضح أن السودان في الفترة المقبلة سيكون أقرب إلى المحور السعودي المصري الإماراتي، والذي في مجملة يناهض السياسات القطرية في المنطقة. وأضاف «صلاح» في تصريحات ل «المصري اليوم» أن كافة المؤشرات تدل على وجود نمط الجديد بين الخرطوموالدوحة في المستقبل، ما يلزم مراجعة كافة الاتفاقيات التي أبرمت في فترة حكم البشير، وبالأخص اتفاقية سواكن بين كل من (السودان وتركيا)، والاستثمارات القطرية في الجزيرة لتأهيل ميناء سواكن. ولفت «صلاح» إلى أن الأزمة ليست وليدة اليوم، إذ رفضت السلطات السودانية استقبال وفد القطري في إبريل الماضي، كما استدعت السودان سفيرها في الدوحة للتشاور، لكنه أستبعد أن يتطور الأمر إلى قطع العلاقات بين البلدين. وتعليقا على غلق مكتب الجزيرة بالخرطوم، قال الباحث في المركز العربي إن السياسات الإعلامية القطرية تقود إلى تعطيل عملية المفاوضات بين المجلس الانتقالي وقوي الحرية والتغيير. وفي قراءه أخرى للمشهد السياسي السوداني، يرى عباس محمد صالح، الباحث والمحلل السياسي السوداني، أنه «لا يوجد توتر حقيقي في علاقات الخرطوموالدوحة». وأضاف في تصريحات خاصة ل «المصري اليوم»: «إن هناك محاولات لزحزحة السودان من موقفه الإقليمي المحايد إزاء المحور الإقليمي الذي تشكل عقب ثورات الربيع العربي». وأوضح «صالح» أن هناك استقطاب وصراع بين الفاعلين المحليين، للاستقواء بالمعادلة الإقليمية الراهنة بما يخدم أجندته، خاصة على صعيد الحملات الاعلامية وبث الشائعات بما يؤثر على مواقف الفاعلين في المشهد السوداني ويدفعهم لتبني مواقف هؤلاء الفاعلين الإقليميين. واختتم حديثه قائلا: «إنه من الأفضل للسودان الحفاظ على علاقات متوازنة مع الجميع، بما يخدم مصالحه ويحترم حلفائه وأصدقائه».
