وزير التعليم العالي يرأس اجتماع المجلس الأعلى للجامعات.. تفاصيل    الدكتور خالد عامر نقيباً لأطباء أسنان الشرقية    «التموين»: تخفيض أسعار زيوت الطعام 36% والألبان 20% في السلاسل التجارية    توريد 35 ألف طن قمح بشون وصوامع الحكومية المنيا    صندوق النقد الدولي: مصر ملتزمة باستكمال رفع الدعم عن الطاقة    مسئول أممي بارز: الحرب الإسرائيلية على غزة خلفت 37 مليون طن من الأنقاض    رئيس حزب القوات اللبنانية عن عمليات حزب الله: لم تفد غزة بشيء    الإمارات تستقبل دفعة جديدة من الأطفال الفلسطينيين الجرحى ومرضى السرطان    مصر تواصل أعمال الجسر الجوي لإسقاط المساعدات بشمال غزة    تشكيل هجومي لزد أمام بلدية المحلة    خالد بيبو يسخر من الزمالك بسبب واقعة إخفاء الكرات في الديربي    بالصور| "خليه يعفن".. غلق سوق أسماك بورفؤاد ببورسعيد بنسبة 100%    الأرصاد: طقس الأحد حار نهاراً مائل للبرودة ليلاً على أغلب الأنحاء    ال دارك ويب أداة قتل طفل شبرا الخيمة.. أكبر سوق إجرامي يستهدف المراهقين    النقض: إعدام شخصين والمؤبد ل4 آخرين بقضية «اللجان النوعية في المنوفية»    تعرف على إيرادات أمس لفيلم "شقو"    «تملي معاك» أفضل أغنية عربية في القرن ال21 بعد 24 عامًا من طرحها (تفاصيل)    موعد شم النسيم 2024: فرحة الربيع وتجديد الحياة    حكم واجبية الحج للمسلمين القادرين ومسألة الحج للمتوفين    تقرير لفضائية "إكسترا نيوز" يرصد تنظيم "حياة كريمة" قافلة متكاملة بالشرقية    مكتبة مصر العامة بالأقصر تحتفل بالذكرى ال42 لتحرير سيناء.. صور    جامعة القاهرة تناقش دور الملكية الفكرية في تحقيق أهداف التنمية المستدامة    قائمة باريس سان جيرمان لمباراة لوهافر بالدوري الفرنسي    بيريرا يكشف حقيقة رفع قضية ضد حكم دولي في المحكمة الرياضية    علي الطيب يكشف تفاصيل دوره في مسلسل «مليحة»| فيديو    غدًا.. قطع المياه عن قريتين ببني سويف لاستكمال مشروعات حياة كريمة    أهمية وفضل حسن الخلق في الإسلام: تعاليم وأنواع    رئيس جامعة جنوب الوادي: لا خسائر بالجامعة بسبب سوء الأحوال الجوية وتعطيل العمل غدًا    الصحة: فرق الحوكمة نفذت 346 مرور على مراكز الرعاية الأولية لمتابعة صرف الألبان وتفعيل الملف العائلي    «شريف ضد رونالدو».. موعد مباراة الخليج والنصر في الدوري السعودي والقنوات الناقلة    وزير الري يشارك فى فعاليات "مؤتمر بغداد الدولى الرابع للمياه"    أبو الغيط: الإبادة في غزة ألقت عبئًا ثقيلًا على أوضاع العمال هناك    وسط اعتقال أكثر من 550.. الاحتجاجات الطلابية المناهضة لإسرائيل بالجامعات الأمريكية ترفض التراجع    سياحة أسوان: استقرار الملاحة النيلية وبرامج الزيارات بعد العاصفة الحمراء | خاص    تحرير 134 محضرا وضبط دقيق بلدي قبل بيعه بالسوق السوداء في المنوفية    قوافل بالمحافظات.. استخراج 6964 بطاقة رقم قومي و17 ألف "مصدر مميكن"    استمرار حبس عاطلين وسيدة لحيازتهم 6 كيلو من مخدر البودر في بولاق الدكرور    8 معلومات عن مجلدات المفاهيم لطلاب الثانوية العامة 2024    مستشار الرئيس الفلسطيني: عواقب اجتياح رفح الفلسطينية ستكون كارثية    بدء أعمال المؤتمر السادس لرؤساء البرلمانات والمجالس النيابية العربية    الدلتا للسكر تناشد المزارعين بعدم حصاد البنجر دون إخطارها    «السياحة»: زيادة رحلات الطيران الوافدة ومد برنامج التحفيز حتى 29 أكتوبر    بسبب البث المباشر.. ميار الببلاوي تتصدر التريند    وزيرة التضامن توجه تحية لمهرجان الإسكندرية للفيلم القصير بسبب برنامج المكفوفين    خبيرة: يوم رائع لمواليد الأبراج النارية    رئيس جهاز العاصمة الإدارية يجتمع بممثلي الشركات المنفذة لحي جاردن سيتي الجديدة    محافظة القاهرة تكثف حملات إزالة الإشغالات والتعديات على حرم الطريق    «بيت الزكاة» يستقبل تبرعات أردنية ب 12 شاحنة ضمن حملة إغاثة غزة    متصلة تشكو من زوجها بسبب الكتب الخارجية.. وداعية يرد    السيسي يتفقد الأكاديمية العسكرية بالعاصمة الإدارية ويجري حوارًا مع الطلبة (صور)    كرة اليد، موعد مباراة الزمالك والترجي في نهائي بطولة أفريقيا    طلب إحاطة يحذر من تزايد معدلات الولادة القيصرية    أفضل دعاء تبدأ وتختم به يومك.. واظب عليه    وزير الخارجية يتوجه إلى الرياض للمشاركة في أعمال المنتدى الاقتصادي العالمي    خبير أوبئة: مصر خالية من «شلل الأطفال» ببرامج تطعيمات مستمرة    إشادة دولية بتجربة مصر في مجال التغطية الصحية الشاملة    "كنت ببعتله تحياتي".. كولر يكشف سر الورقة التي أعطاها ل رامي ربيعة أثناء مباراة مازيمبي    عمل نفتخر به.. حسن الرداد يكشف تفاصيل مسلسل «محارب»    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«السَدح».. قرية ليبية على أرض مصرية
نشر في المصري اليوم يوم 15 - 05 - 2011

ليس أمامك بديل سوى عبور المقابر، من خلال طريق رملى ضيق وغير ممهد، طوله لا يتعدى 3 كيلو مترات، للوصول إلى قرية «السدح» التابعة لمركز أطسا، التى تبعد 30 كيلو متراً عن محافظة الفيوم، نفس القرية التى انتشر بها زواج الليبيين من المصريات، ليحمل أبناء القرية الجنسيتين معاً، قبل أن يستوطنوا القرية منذ عشرات السنين.
بيوت صغيرة قصيرة، لا يتعدى ارتفاعها الدور الواحد، انتشرت بصورة عشوائية، أعلام ترفرف فوق أسطح المنازل، هدوء يخيم على مدخل القرية، ويخيل لك لحظة وصولك إليها، وكأن القرية هجرها أبناؤها، ربما لا تستطيع الدخول إليها، سوى من خلال دليل من سكانها، وغير ذلك قد يعرضك للخطر، فهناك ترفع أعلام المناهضين للقذافى فى وجه المؤيدين له، وتشتد الخلافات أحيانا لتنذر بكارثة بين القبائل الشهيرة هناك. «القذاذفة»، «أولاد رماح» «أولاد سليمان».. ثلاث قبائل تجسد الثورة الليبية داخل مصر، فكما تشهد ليبيا الآن أحداثاً دامية بين قوات القذافى والمتظاهرين، بعد اندلاع الثورة الليبية، انتقل المشهد إلى مصر على أرض قرية «السدح»، بعد أن تحولت «القرية» منذ قيام الثورة الليبية إلى ساحة عراك بين عائلة «القذاذفة» المؤيدة ل«القذافى» والنظام الليبى، وبين عائلتى «أولاد رماح» و«أولاد سليمان» المعارضتين له، فبات الأخ يعتدى على ابن العم، وانقسم الأهالى إلى فريقين أصبح كل منهما يتربص بالآخر للنيل منه.
ملامح انقسام أهالى القرية، تبدو لك من الوهلة الأولى منذ أن تطأ قدماك أرض قرية «السدح»، التى انقسمت إلى جانبين، الأيمن يقطنه أبناء قبيلة «القذاذفة»، التى تدعم «القذافى» وقواته برفع العلم الليبى بلونه الأخضر فوق أسطح المنازل، إلى جانب عدد كبير من صور «القذافى»، التى تزين جدران المنازل، فى حين اتخذت عائلتا «رماح» و«سليمان» الجانب الأيسر من القرية، لدعم الثوار فى ليبيا، ومعارضة نظام القذافى، وحرصت كلتا العائلتين على وضع علم الثوار، بألوانه الأحمر والأخضر والأسود على أسطح منازلهما.
تشابك بالأيدى، وقذف بالحجارة، وإطلاق الرصاص أصبح مشهداً معتاداً داخل قرية «السدح»، التى عاشت منغلقة خلال السنوات الماضية، إلا أنها اشتعلت فى الأيام الأخيرة بأحاديث الأهالى حول القذافى والثورة الليبية، رغم افتقار القرية إلى المرافق الحيوية، وعلى رأسها مياه الشرب والصرف الصحى، إلا أن أبناءها قرروا التخلى عن مشاكلهم فى سبيل مناصرة أو معاداة القذافى، وهو ما أشار إليه أشرف الليبى، مواطن من أبناء قبيلة «القذاذفة» قائلاً: «لا يمر يوم واحد دون حدوث احتكاكات بين القبائل وبعضها، التى تناصر وتناهض القذافى، فأصبحت كل قبيلة تتربص بالأخرى». وأضاف أن أهل القرية ينفقون من الأموال، التى يرسلها إليهم القذافى وتابع: «الرئيس القذافى كان يحرص على زيارة الفيوم، من حين لآخر، من أجل الاطمئنان على أبناء قبيلته، وكان يعتبر نفسه مسؤولا عنهم، لذلك كان يحرص على إرسال معونات شهرية لجميع القبائل قبل قيام الثورة، ولهذا فنحن نتعارك مع من تسول له نفسه سب القذافى».
أمام منزله احتضن «مسعود»، الذى لا يتجاوز عمره 16 عاماً، صورة «القذافى» بقوة، وحرص على ربط رأسه بعصابة خضراء، وأخذ يردد أناشيد النصر الليبية بصوت مرتفع، الأمر الذى دفع أمه إلى نهره، خوفا من أن يسمعه أحد من قبيلة «أولاد رماح» أو «مسعود» فيتعارك معه. روى «مسعود» عن ملاحقة الثوار الليبيين له، أثناء زيارته الأخيرة لمدينة «سرت» الليبية، بعد إعلانه عن مناصرته للقذافى، الأمر الذى دفعه إلى العودة إلى مصر، إلا أنه وجد قريته «السدح» أصبحت صورة مصغرة لليبيا، بعد انقسام أبنائها إلى معارضين وأنصار ل«القذافى».
السفر إلى ليبيا لمناصرة القذافى والوقوف بجانبه ضد الثوار، أصبح حلم الحاجة أم صلاح «57 عاماً»، رغم جنسينتها المصرية، وخاصة بعد أن تزوجت من مواطن ليبى منذ 30 عاماً.. أم صلاح تروى أنه من واجبها مناصرة رئيس الدولة التى يحمل أبناؤها وزوجها المتوفى جنسيتها، تعود «أم صلاح» بذاكرتها إلى الوراء، لتحكى عن زوجها: «تعرفت على زوجى الراحل، من خلال أحد أقاربى، الذى كان يعمل سائقاً فى ليبيا، وتقدم إلى خطبتى من والدى، إلا أننى رفضت بسبب إعاقته، ورغم ذلك أصر أبى على زواجى منه، خاصة أن القرية معروف عنها زواج الليبيين من المصريات، ووجدته إنساناً طيباً وودوداً، ولم يوجه إلىّ أى إهانة طوال فترة زواجنا، وأنجبت منه 8 أبناء، وعشت معه فى القرية طوال فترة زواجنا، وسافرت معه إلى ليبيا مرات عديدة للعمل، إلا أنه كان يفضل الاستقرار فى مصر رغم أن الإقامة فى ليبيا أفضل بكثير، لذا فإننى أنتظر فرصة السفر إلى ليبيا والاستقرار هناك مع ابنى الأكبر، الذى يعيش هناك ونلم شمل أسرتنا».
لم تستطع «أم صلاح» أن تمنع ابنها الأكبر من السفر إلى ليبيا، لمناصرة قوات القذافى، رغم وقوع المئات من القتلى بصورة يومية هناك، وشجعته على السفر، ووفق قولها: «السفر إلى هناك واجب على كل ليبى»، وفى نفس الوقت فإن ابنها الأصغر اعتاد التردد على ليبيا من حين إلى لآخر، للعمل كسائق، ومن أجل الاطمئنان على أخيه وأقاربه هناك.
«الله ومعمر وليبيا وبس»، هكذا عبر محمد عبدالسلام، ليبى الجنسية، أحد أفراد قبيلة «القذاذفة» عن حبه الشديد ل«القذافى» وتابع: «انتمائى الكامل لليبيا فقط، رغم أننى ولدت وتربيت فى مصر، لأنها بلد أجدادى، ولذلك أحرص على السفر لها بصفة منتظمة، مرة كل شهر حتى أعمل وأوفر لأسرتى نقوداً».
الفتنة الطائفية التى تجتاح مصر من حين إلى آخر فى الفترة الأخيرة، والمرحلة الحرجة التى تمر بها بعد ثورة 25 يناير، أحداث لا تعنى أهالى قرية «السدح»، لأنهم قرروا عزل أنفسهم عن شؤون مصر، والانشغال بالثورة الليبية و«القذافى» فقط، رغم توطنهم على أرض الكنانة، إلى جانب أن أمهاتهم يحملن الجنسية المصرية، الأمر الذى دفع معمر حسين للدفاع عن القذافى بقوله: «ما يحدث فى ليبيا ليس سوى عدوى، انتقلت إليها من مصر وتونس، وعبرت باقى الدول العربية»، وتابع: «القذافى هو الوحيد الذى يستطيع حكم ليبيا».
وعلى الجانب الأيسر من القرية، ظهر علم الثوار الليبيين فوق أسطح المنازل، ليعلن انتقالك من المنطقة المؤيدة ل«القذافى» إلى المناهضة له، وبلهجة حادة انتقد أحمد ناصر، أحد أفراد قبيلة «أولاد سليمان»، المعارضة للنظام الليبى، قذف الزعيم الليبى مواقع الثوار، الأمر الذى أودى بحياة المئات من الليبيين العزل بشكل يومى، وقال: «نناصر حركة الثوار فى ليبيا، لأنها تنادى بالتغيير، إضافة إلى مطالبتنا بالإطاحة برئيس ديكتاتور عشنا فى عصره 40 سنة من الجهل والتخلف، رغم كون ليبيا دولة غنية تسبح على بركة من البترول نتيجة تسلط القذافى ورفضه التخلى عن الحكم، مما أدى إلى خراب ليبيا وتدخل الدول الأجنبية فى تحديد مصيرها».
وبكلمات محبوسة فى حلقه، عبر الحاج محمد يس من قبيلة «أولاد رماح»، الذى تجاوز العقد السابع من عمره، عن حزنه من الأحوال التى أصبحت عليها ليبيا الآن، وقال: «لم نتصور أن جبروت (القذافى) سيصل به إلى هذا الحد، فالثورة الليبية فى أيامها الأولى، لم تشغلنا، واعتقدنا أنها ستمر على خير، مثلما حدثت فى مصر وتونس، إلا أنه بعد وقوع آلاف من الضحايا الأبرياء يوميا، فإننا نصر على معاداة القذافى، ونطالب بمحاكمته كمجرم حرب فى المحاكم الدولية، حتى يكون عبرة لغيره من الرؤساء العرب».
إعاقته لم تمنعه من الصعود إلى سطح منزله لرفع علم الثوار، متكئا على يد ابنه الصغير، ومن منزله المتواضع، الذى أسسه له الطراز الليبى، الذى خلا من مظاهر الرفاهية، ولم نجد فيه سوى حصيرة وعدد من الوسائد افترشت صالة ضيقة، وصف لنا أحمد صالح من قبيلة «أولاد رماح»، الرئيس الليبى بالعميل، وأضاف: «ليبيا تقتصر على أبناء القذافى فقط، وهو لا يفكر سوى فى مصلحة عائلته، التى باتت تمتلك ليبيا بأكملها، فنحن هنا فى قرية «السدح» نعيش أمواتاً، لكنه أفضل من العيش مع القذافى، لذلك قلوبنا مع الثوار قلبا وقالبا، حتى إن بعدت المسافات بيننا.
وانتقد «ناصر» موقف الجامعة العربية، التى تكتفى بالمشاهدة وفق قوله، رغم الأحداث الدامية، التى تقع يوميا فى ليبيا، وطالب جميع الدول العربية بالمساعدة فى الإطاحة بالرئيس الليبى.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.