تفاصيل جديدة حول التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية

أفاد تقريران جديدان تم إعدادهما بطلب من الكونجرس الأمريكى، ونُشرا أمس، بأن تدخل روسيا فى الانتخابات عبر وسائل التواصل الاجتماعى كان أكبر مما كان يُعتقد من قبل، ويتضمن ذلك محاولات لتقسيم الأمريكيين على أساس العرق والفكر. وأكد التقريران أن الحملة الإعلامية التى قامت بها روسيا عبر مواقع التواصل الاجتماعى قبل الانتخابات الرئاسية عام 2016 كانت تستهدف بشكل أساسى حض السود على الامتناع عن التصويت، كما أكدا وجود العديد من الحسابات الوهمية على مواقع التواصل الاجتماعى، والتى شجعت الناخبين البيض الموالين للحزب الجمهورى على التصويت لصالح المرشح الجمهورى دونالد ترامب، فيما جددت موسكو نفيها وجود أى دور لها فى تلك الانتخابات.
وجاء فى التقرير الأول أن وكالة «إنترنت ريسورتش إجنسى» الروسية، التى تتخذ من مدينة سان بطرسبورج مقراً لها، والتى يعتبرها القضاء الأمريكى لعبة فى أيدى الكرملين، عملت على حض الأمريكيين المحسوبين عادة على الحزب الديمقراطى، مثل الشبان والأقليات العرقية والمثليين، على الامتناع عن التصويت، ما يشكل دعماً مباشراً للمرشح الجمهورى دونالد ترامب، على حساب منافِسته الديمقراطية، هيلارى كلينتون.
وذكر التقرير، الذى أعدته جامعة «أوكسفورد»، مع خبراء فى مؤسسة «جرافيكا» المتخصصة فى شؤون الإعلام الجديد، أن آلاف الرسائل التى رُصدت على مواقع التواصل الاجتماعى، وقامت الوكالة الروسية بنشرها، كانت تركز على الناخبين السود، فى حين أن التقرير الثانى الذى طلبه الكونجرس أعدته شركة «نيو نوليدج» وجامعة كولومبيا الأمريكية.
وأوضح التقريران أن وكالة «إنترنت ريسورتش أجنسى» أنشأت حسابات عدة تحت أسماء أمريكية مزوَّرة موجهة بشكل خاص إلى الأمريكيين السود، وأن «الحملة كانت تستهدف إقناع السود بأن أفضل طريقة للدفاع عن قضاياهم هى مقاطعة الانتخابات والتركيز على قضايا أخرى».
وأضافا أن الوكالة الروسية أنشأت عدة حسابات تحت أسماء أمريكية كاذبة، موجهة للسود، وكان أحد هذه الحسابات باسم «بلاكتيفيست» يطلق رسائل سلبية حول المرشحة هيلارى كلينتون، التى اتهمها بأنها «انتهازية» و«لا يهمها سوى كسب الأصوات».
وكشف التقريران أن جزءاً من 3841 حساباً على «فيسبوك» و«إنستجرام» و«تويتر» و«يوتيوب»، التى رُصدت، كان يسعى لدفع الناخبين البيض الموالين للجمهوريين إلى المشاركة فى الانتخابات، وركزت الحسابات على الدفاع عن حمل السلاح ورفض سياسة الهجرة، وبعد أن فاز ترامب بترشيح الحزب الجمهورى دعت تلك الحسابات إلى تأييده.
وكان القضاء الأمريكى قد وجّه عدة اتهامات إلى عاملين فى الوكالة الروسية بتهمة التدخل فى الانتخابات الأمريكية عام 2016.
وذكرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية أن حسابات يغذيها الروس نشرت منشورات تؤكد أن المحقق روبرت مولر رجل «فاسد»، ووصل الأمر بأحد مستخدمى «إنستجرام» إلى حد القول إن «مولر» عمل فى الماضى مع «جماعات إسلامية متطرفة».
وأفادت دراسة لمعهد «بيو» للأبحاث بأن مشاركة الناخبين البيض سجلت ارتفاعاً فى انتخابات 2016، بينما تراجعت نسبة السود الذين صوّتوا بحوالى 5 نقاط إلى 59.6%.
فى المقابل، نفى الكرملين، أمس، اتهامات واشنطن بأن روسيا حاولت التدخل فى الانتخابات الرئاسية الأمريكية فى 2016 عبر تحريض السود على الامتناع عن التصويت.
وقال الناطق باسم الكرملين، ديمترى بيسكوف، إن التقريرين «لم يسببا شيئاً سوى عدم فهم».
وأضاف «بيسكوف»، فى مؤتمر عبر الهاتف: «إن التقريرين ينقلان اتهامات عامة، وبعضها غير واضح إطلاقاً بالنسبة لنا».
وتابع: «نحن متهمون بأن أحداً فكر فى وضع ما فى هذه الشريحة الاجتماعية أو تلك فى الولايات المتحدة، لكن لم يفسر لنا ما شأن روسيا فى ذلك».
وجدد «بيسكوف» نفى روسيا أى تدخل لها فى الانتخابات، وقال: «الدولة الروسية أو الحكومة الروسية لا علاقة لها بأى تدخل، خصوصاً نوع التدخل الذى وُصف بهذه العبارات المبهمة».
على صعيد متصل، اتهم مدير مكتب التحقيقات الفيدرالى «إف. بى. آى» السابق، جيمس كومى، الرئيس ترامب بتقويض حكم القانون بالكذب بشأن المكتب.
وحث «كومى» المشرعين الجمهوريين على أن «ينهضوا ويقولوا الحقيقة» عن سلوك ترامب.
وأدلى «كومى» بهذه التصريحات بعد مثوله، للمرة الثانية، خلال الشهر الجارى، أمام لجنتين بمجلس النواب الأمريكى. وكان ترامب قد أقال «كومى» فى مايو 2007، بينما كان يقود التحقيق فى فضيحة التدخل الروسى فى الانتخابات الأمريكية واحتمال تواطؤ حملة ترامب مع موسكو.
وقال «كومى» إن المشرعين سألوه مجدداً عن البريد الإلكترونى الخاص بوزيرة الخارجية السابقة، هيلارى كلينتون، وملف يقول الجمهوريون إنه جرى استخدامه لتبرير إصدار أمر قضائى لمراقبة أحد معاونى ترامب فى حملته الرئاسية سراً.
وأضاف «كومى»، للصحفيين، بعدما استجوبته اللجنة القضائية ولجنة الإشراف بمجلس النواب على مدار أكثر من 5 ساعات خلف الأبواب المغلقة: «رئيس الولايات المتحدة يكذب بشأن مكتب التحقيقات الاتحادى، ويهاجمه ويهاجم حكم القانون فى هذا البلد. كيف يكون ذلك منطقياً على الإطلاق؟».
وتساءل «كومى»، قائلاً: «الجمهوريون اعتادوا فهم أن أفعال الرئيس مهمة وكلماته مهمة وحكم القانون مهم والحقيقة مهمة، فأين هؤلاء الجمهوريون اليوم؟!».
ووصف ترامب التحقيق الذى يُجريه المحقق الخاص، روبرت مولر، بشأن روسيا بأنه «حملة اضطهاد»، ونعت محاميه الخاص السابق، مايكل كوهين ب«الجرذ» لتعاونه مع ممثلى الادعاء.
واتهم ترامب ضباط مكتب التحقيقات الاتحادى باقتحام مكتب «كوهين»، بينما كانوا يتصرفون فى حقيقة الأمر بموجب أمر تفتيش.
وصدر حكم بالسجن 3 سنوات على «كوهين»، الأربعاء الماضى، فى جرائم، منها دفع أموال لشراء صمت امرأتين والتكتم على علاقتهما بترامب فى انتهاك قوانين الحملات الانتخابية قبل انتخابات 2016. وقال «كوهين» إن ترامب هو مَن أصدر له الأمر بذلك.