تشتهر الإسكندرية بتجارة السمك، وتتمتع «حلقة السمك»، بتاريخ عريق وموقع متميز بجوار قلعة قايتباى فى حى الجمرك، أقدم أحياء المدينة، وترصد «إسكندرية اليوم» تاريخ حلقة السمك، وأهم مشاكل التجار وخطط التطوير، لإعادتها إلى مكانتها الطبيعية على ساحل المدينة، مع استرداد أموال الدولة واستغلالها لصالح العامة. يعود تاريخ حلقة السمك إلى الاحتلال البريطانى فى عام 1834، لتوفير الطعام للجنود الإنجليز، خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية، وكان بائعو السمك يجتمعون فى شكل دائرة كل صباح لبيع ومقايضة ما يصطادونه من البحر، ويقفون على شكل حلقة حتى يحكموا الدائرة حول المشترى فلا يغادر دون شراء. وتعد حلقة الإسكندرية من أشهر وأقدم أسواق السمك فى الثغر، وتعد بورصة أسعار المأكولات البحرية، ومعلماً أثرياً فى المدينة، وتأخذ شكلا مستطيلاً حتى يسهل تقسيم أماكن بيع السمك، كما هو الحال فى أسواق السمك الأوروبية، حيث يصطف الباعة على هيئة مستطيل بطول السوق، وعند بزوغ الفجر يبدأ توافد تجار السمك لتحديد السعر النهائى، وتتفاوت الأسعار حسب أنواعها، ومع شروق الشمس يأتى المواطنون والأجانب لشراء السمك، وتستمر حركة البيع والشراء حتى المغرب. قال ياسر مسعود، من أهالى الأنفوشى، المترددين على حلقة السمك: «الحلقة تعانى من الإهمال، لم تشهد تطويرا أو ترميما للمبنى منذ زمن، ما أدى إلى انهيار المرافق، وانتشار مياه الصرف وخروج روائح كريهة، وطالب بتطوير المبنى الأثرى للحلقة وتوصيل المرافق وتطويرها، لتصبح الحلقة كما كانت منذ قديم الزمان وكان أكثر زائريها من الأجانب والمصيفين لشراء السمك الطازج». وأوضح محمد عبده، أحد تجار حلقة السمك، أن المشكلة بين التجار وحى الجمرك، ليست وليدة اللحظة، بدأت عقب ثورة يناير، فقد توقف الحى عن تحصيل الإيجار الشهرى من الباعة والتجار، وتراكمت الديون، وامتنع التجار عن السداد، موضحا أن قرارات محافظة الإسكندرية، لتقنين أوضاع حلقة السمك، أثارت غضب التجار، خاصة أن لديهم مديونية منذ ثورة يناير. ولفت محمد السيد، أحد الباعة إلى أن المحافظة تحاول تعجيزهم وتشريد أبنائهم، بمطالبتهم بسداد مديونية 9سنوات، بشروط جزافية، عبر المطالبة بسداد 50% من المديونية المستحقة وجدولة الباقى على ثلاثة أشهر، أو تنفيذ الحجز الإدارى على الوحدات، وطالب المسؤولين بالنظر بموضوعية، وتقسيم المديونيات إلى أقساط متساوية. وقال «السيد» إن هناك مديونية توارثها التجار عن آبائهم وأجدادهم، وطالب بعدم توريث هذه المديونية، واصفا الإجراءات المالية ب «المجحفة»، وتؤدى إلى عجزهم عن السداد، مع الارتفاع الجنونى لأسعار السمك، وارتفاع تكلفة الصيد وتراجع حركة البيع والشراء. وأشار أيمن حسن، أحد تجار الحلقة، إلى أن مبنى الحلقة من المبانى التراثية فى الإسكندرية، فقد شُيد فى عهد الاحتلال الإنجليزى، منذ 100 عام، ويعانى من الإهمال، وكان آخر تطوير للمبنى عام 2002 فى عهد محافظ الإسكندرية الأسبق عبدالسلام المحجوب، مشيرا إلى أن حلقة السمك تعد أحد مزارات الأجانب، وبعد تدهور المبنى وعدم الاهتمام به، أصبحت مياه الصرف الصحى تحاصره من الداخل والخارج، ما أدى إلى انبعاث روائح كريهة مع قطع المياه، وعدم التطوير، ما أثر على حركة البيع والشراء. وأوضح هشام إبراهيم، أحد تجار حلقة السمك: «فوجئنا بحملة من حى الجمرك لإزالة أماكن مخصصة لبيع السمك داخل الحلقة وأخذهم الثلاجات، دون إخطار من الجهات المسؤولة، ما تسبب فى تشريد العديد من الأسر، وتم التحفظ على الثلاجات لحين دفع المديونيات المتراكمة، وعندما توجهنا إلى الحى لتقنين أوضاعنا ودفع الدين لم نستطع استرداد الثلاجات ولم نجدها». وقالت المهندسة سحر شعبان، رئيسة حى الجمرك، إن ما حدث يعد تقنن أوضاع المنتفعين من محلات وباكيات حلقة السمك بالأنفوشى، وفحص حالة 54 منتفعا داخل حلقة السمك، حيث يوجد 33 حالة عليهم مديونية مستحقة للدولة تُقدر ب 300 ألف جنيه. وأضافت: «واجهنا إنذارات لهم لحثهم على السداد، والاتفاق على سداد 50% من المديونية المستحقة وجدولة الباقى على ثلاثة أشهر تيسيرًا عليهم، وإلا سيتم الحجز الإدارى على الوحدات». وأكدت أن الحى لن يسمح بإهدار موارد الدولة ومستحقاتها المتأخرة، موضحة أن هناك أماكن غير مستغلة منذ فترة، بوفاة المنتفعين، موضحة أن هذه الأماكن سيتم حصرها وعرضها على المحافظ وإعلانها بالمزاد العلنى، مشيرة الى أن الطابق الثانى بالحلقة غير مستغل وسيعرض بالمزاد للانتفاع به. وأكد محمد سعد، سكرتير عام الحى، أنه تقرر تكوين إدارة خاصة بحلقة السمك لمتابعة المشاكل وحلها من متخصصين من إدارات الأملاك الأميرية والمتابعة وإشغال الطريق بالحى وحصر المنتفعين مع المتابعة المستمرة لاسترداد حق الدولة ومساعدة المنتفعين بتقنين أوضاعهم، لافتا إلى أن الحى يساعد المنتفعين قدر استطاعته وفقا للقانون، وسوف تجدد الحلقة مع حل مشاكل الصرف الصحى وتوصيل جميع المرافق. محمد صابر