وفاة محمود أبوالوفا الصعيدي «كروان الصعيد» (فيديو)

«يأتيكُم قرآن الجمعة.. بصوت القارئ الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي»، هكذا كان يتردّد اسمه عبّر إذاعة القرآن الكريم دائمًا، يقرأ القرآن وكأنهُ جالسًا قرب السماوات السبع، وبجرأة خبير يعرف من أين تؤكل الكتف، كان يُردد ما تيسر لهُ من سورة يوسف، فيما جلس حوله مجموعة صغيرة من المستمعين، وصلت بهم النشوة لأن يتمايلوا يمينًا ويسارًا، وكُلما انتهى الشيخ ياسر من مقطع، قالوا: «الله أكبر.. على مهلك علينا يا سيدي».
في بدايات 1954، ولد القارئ الشيخ محمود أبو الوفا الصعيدي، داخل قرية كلح الجبل بمحافظة أسوان، فجاء صوته عذبًا ودافئًا مثل مياه نهر النيل، فيما بدأت رحلته مع حفظ وتلاوة القرآن قبل سن الرابعة، حسبْ المعلومات المتاحة على موقعه الإلكتروني الرسميّ.
على يد والدتُه، تذوّق أبو الوفا نكهة القرآن الكريم، التي اشتهرت بتعليم أولاد القرية حفظ وتلاوة القرآن، ثم التحق فيما بعد بكتّاب القرية، إلى أن حصل على دبلوم الثانوية التجارية بتاريخ 1972، وعمل بعدها بالشؤون الاجتماعية داخل المحافظة، ثم انتقل فيما بعد إلى القاهرة، كي يدرس القراءات وعلوم القرآن في الأزهر، بشكل حُر، وليس كطالب أساسي.
وعندما سُئل أبوالوفا في أحد اللقاءات الصحفية عن سبب عدم التحاقه بالتعليم الأزهري، قال إن الدراسة صعبة، رغم أن صديق والده التحق عليه ذلك، قائلاً: «أرى فتوحًا لهذا الولد في القرآن الكريم وألحقه بالأزهر»، لكن أبو الوفا فضّل في بداياته الجلوس داخل قريته الصغيرة، إذ جاءت أول قراءة لهُ في قريته، لم يشعر بالخوف حينها، «فلا خوف عليهُم ولا هُم يحزنون».
في عام 1995، قرأ أبوالوفا لأول مرة داخل مسجد رئيسة الديوان، السيدة زينب، إذ قال حينها: «شعرتُ أنني أقرأ للعالم كله»، كما تأثر حينها بالشيخ عبدالباسط عبدالصمد والشيخ المنشاوي وهم أول قراء للقرآن سمعناهم، وكذلك الشيخ مصطفى إسماعيل والشيخ البهتيمي، فهؤلاء جميعا سادوا العالم وكانوا قمما في التلاوة، لكن الشيخ عبدالباسط ساد العالم وحده بصوته وهذه هبة من الله.
في عام 1983، أصدر أبو الوفا أول شريط كاسيت لهُ، إذ تضمّن سورتي النمل ومريم، مما زاد انتشار صوته حينها داخل ليالي الذكر، والمحال التجارية، فترك أبو الوفا وظيفته في الشؤون الاجتماعية، وتفرّغ لكتاب الله، حسبْ وصفه في أحد اللقاءات الصحفية.
ومن السيدة زينب، حيثُ أول تلاوة لأبو الوفا، يعود إليها مرة أخرى، داخل صندوق خشبي، إذ تُشيع جنازته ظهر اليوم الاثنين، عقب وفاته في هدوء فجر اليوم، عن عُمر يناهز 64 عامًا.