طالب عدد من الخبراء والفنانين فى مجال الخزف والفخار، بتنمية المهنة وتخريج جيل جديد يتشرب قيمها الجمالية، مشددين على ضرورة تطوير المنتجات الفخارية بما يتماشى مع تطورات وأذواق العصر إلى جانب التسويق الجيد للمنتجات محليا ودوليا، إلى جانب تنظيم ورش عمل لتعليم الحرفة وترسيخ قيمها الجمالية لصغار السن. وأرجعت الدكتورة منى فتحى، أستاذ فن الخزف بجامعة أسوان قلة انتشار الفخار الشعبى فى الوقت الراهن، إلى عزوف الناس عن الشراء إلى جانب وجود المنتجات الحديثة من سيراميك وجرانيت وبيركس مما أدى إلى قلة من يعمل بتلك المهنة وخاصة مع الصعوبات التى تقابلهم أثناء التشكيل والحرق. وأكدت أن صناعة الخزف لن تتمكن من الارتقاء إلى آفاق عالمية، ما لم يكن هناك اهتمام بالحرفة ومحاولة إنشاء مراكز فى جميع أنحاء مصر لتعليم وصناعة الخزف والفخار، مشددة فى الوقت نفسه على ضرورة مساعدة العاملين بمراكز الخزف على تسويق منتجاتهم داخل وخارج مصر وتقديم التسهيلات لهم إلى جانب الاهتمام بالتربية الفنية داخل المدارس وتطبيق مجالاتها ومنها الخزف. وطالبت بتنظيم ورش عمل بقصور الثقافة لتعليم الخزف لمراحل السن المختلفة إلى جانب الاهتمام بتكنولوجيا الخزف والتعرف على كل ما هو جديد. وقال فارس صديق رئيس جمعية تراثنا بقرية الفواخير: «نسعى إلى تطوير الفكر التصنيعى والخروج من القوالب النمطية التقليدية، فى إدارة الوحدات الإنتاجية وتزويدها بأحدث وسائل الإنتاج، للخروج بمنتج يتمتع بمواصفات تنافسية» مضيفا: «نعقد ورش تدريب للتوعية بأهمية الصناعة سعيا إلى إنقاذ المهنة من الانهيار». وتابع: «المهنة تحتاج إلى عناية واهتمام ومن هذا المنطلق نهتم بثلاثة محاور أساسية حتى تنهض هذه الصناعة، وهى: أصحاب الوحدات، أى أماكن التصنيع، والعمال الموجودين، وتخريج جيل جديد يتشرب قيمها الجمالية» مستطردا: «نقوم بالترويج للصناعات الفخارية من خلال تنظيم الرحلات وورش العمل للأطفال والشباب خاصة أن القرية تقع بجوار منطقة سياحية هى مجمع الأديان، وهو ما يستلزم إعداد برامج تنشيط سياحى فى هذه المنطقة». وأكد صديق أن العامل يصاب بأمراض عديدة ينحنى طوال اليوم على العجلة، وهى عبارة عن دولاب يضطر إلى الوقوف أمامه كى يشغله بقدميه ليشكل القطع الفخارية بيديه على القرص. وأشار إلى أن الأمراض أخذت تنتشر وأهمها الأمراض الصدرية بسبب غبار الأتربة والطين والحساسية وآلالم العظام والغضاريف والتهاب المفاصل، والعقم، لافتا إلى أنهم يسعون إلى تنظيم قوافل طبية وعقد بروتوكلات علاجية لأبناء القرية، فالعنصر البشرى لابد أن تكون له الأولوية. فى حين قالت الدكتورة إيمان الجمال، مدرس الرسم والتصوير بجامعة أسوان، إن صناعة الفخار تغلغلت فى مصر منذ عصورها القديمة، موضحة أن الإنسان الأول بمصر كان لديه كمية وفيرة من الفخار والخزف الأحمر والأسود وحمل أشكالاَ فنية رائعة ووزع عليه مجموعة من الزخارف، وترك لنا كمية وفيرة فى حضارة نقادا الأولى والثانية والثالثة ومنها الفخار ذو الحافة السوداء. ولفتت إلى أن البلاطة الخزفية ظهرت فى مصر القديمة بأبيدوس وموائد القرابين، وظهر بمعبد إسنا الإمبراطور دوميتيانوس يقدم رمز الفخارى لخنوم رب إسنا والشلالات الذى يصور على شكل كبش وجسم إنسان إلى جانب ظهور الإله خنوم الفخارى وهو يقوم بتشكيل البشر من الطين بعجلة الفخار. وأوضحت أن ألواح الفخار كانت تستعمل للكتابة عليها بعد طلائها بطبقة من الجبس لمنع تسرب حبر الكتابة عند نفاد الحجر الجيرى، حيث كان العمال يستخدمون كسر الفخار للكتابة عليه واستخدم أيضاً الحجر الجيرى فى الكتابة وغطت هذه الكسر الفخارية أنشطة كثيرة. وتابعت «الجمال» أن هناك منتجات فخارية قبطية فى الفيوم وسقارة ودير القزاز وأرمنت وهابو وادفو حيث استخدم الأقباط الزخرفة بالحز والرسم بالألوان والزخارف البارزة، بينما استمر إنتاج الخزف المصرى فى العصور البطلمية والقبطية بمهارات متنوعة. وأشارت إلى أن الفنان المصرى قام عبر العصور بتجارب خزفية عديدة، سواء بالرسوم أو التقنيات المختلفة، موضحة أن هناك أنواعا مختلفة من الإنتاج الخزفى ومنها الخزف النحتى، المصنوع من الطين، مثل تماثيل الشوابتى والجعارين فى الحضارة المصرية القديمة.
