المنيرة.. والمواردى.. والأفراح

تتردد هذه الأيام مشروعات عديدة عن تطوير منطقة المواردى التابعة لحى السيدة زينب.. تماماً كما يتردد الكلام عن منطقة ماسبيرو ثم ما جرى لمنطقة تل العقارب.. فهل تعرف - عزيزى القارئ - شيئاً عن منطقة المواردى ومعها أيضاً منطقة المنيرة وما يقابلها فى جاردن سيتى؟!
المنطقة كلها كانت جزءاً من بستان الخشاب.. المجاور لمنطقة قصر العينى.. وإذا كان عمر قصر العينى أعمق.. فإن المنيرة، وبما فيها المواردى، لا يزيد عمرها على 150 عاماً.. إذ كانت أرضاً زراعية.. بساتين، وعندما قرر الخديو إسماعيل تزويج أولاده الأمراء: توفيق وحسين وحسن «وكلهم حكموا مصر من بعده».. فإنه أراد أن يحتفل معه الشعب كله.. وجعل من أفراحهم أعظم أفراح العصر.. وهى ما أطلق عليها أفراح الأنجال.. وكان قصر الوالدة باشا «أرملة بطل مصر إبراهيم باشا» يقع فى جاردن سيتى.. واختار إسماعيل هذه المنطقة لتصبح مسرحاً للاحتفالات هذه، وكانت «الكلوبات» وأيضاً مصابيح الغاز «تنير» هذه المنطقة المواجهة لجاردن سيتى.. ولمدة 40 يوماً.. وكان المشروب الأكثر طلباً عند كل المصريين هو الماء المعطر بماء الورد.. ويقدم مثلجاً للضيوف وعامة الشعب.. وهنا جاءت كلمة «الماء.. ورد» أى بالعامية: «المواردى».
وكان المدعوون ينتقلون بين قصر الوالدة باشا «خلف مجمع التحرير الحالى» حيث يتم إعداد الأمراء العرايس والعرسان وبين منطقة المنيرة هذه التى اكتسبت اسمها من كمية الإنارة التى حولتها إلى نهار دائم فى عز الليل.. ثم بجوارها كانت منطقة «الإنشاء» وكان سعد زغلول قد بدأ يبنى قصره على الأرض المطلة على شارع منصور.. حيث الآن قبره فرعونى الشكل والتصميم.. بينما كانت الموائد مفروشة تقدم للناس شراب السكر والليمون.. وبالمناسبة غير بعيد عنه شارع يحمل اسم مصنع السكر!! وكذلك المياه المطعمة بماء الورد أى «المواردى»!! وهذه المنطقة تمتد الآن من شارع المبتديان «أى المدرسة الابتدائية» وحديقة كلية دار العلوم إلى كل المنطقة حتى مستشفى أبوالريش للأطفال ويفصلها عن السيدة زينب خط سكة حديد حلوان «الآن مترو الأنفاق».
وعندما تحددت ليلة الدخلة.. تحركت كل عروس من قصر الوالدة باشا وهى خوشيار هانم التى أنشأت جامع الرفاعى ليصبح مقبرة لها ولأولادها فى حياتها وبعد وفاتها.. وآخرهم من الملوك: الملك فاروق الأول.
■ ■ وكان موكب كل عروس يشق طريقه تتقدمه الموسيقى العسكرية ومنها موسيقى فرقة الفناجيلى النحاسية إلى أن يصل إلى مقر الإقامة.. وكان إسماعيل قرر أن يقيم ابنه الأكبر توفيق فى قصر القبة.
تلك هى: المنيرة، والمواردى، والسكر والليمون حتى لا ننسى!!