فى واحدة من محاولاته المتعددة لفض الاشتباك المزيف والوهمى بين الدين والفن، أثبت السيناريست سمير الجمل فى كتابه «السيناريو والحوار فى القرآن الكريم» أن العلاقة بينهما بدأت على جدران المعابد القديمة، وفى تراتيل الكنائس، وعند تجويد القرآن فى المساجد، ساعيا لإنارة الطريق أمام الكتاب الجدد للخوض فى مجال كتابة المسلسلات الدينية التى تراجعت فى السنوات الأخيرة، على نحو لافت، رغم الاحتياج للدراما، باعتبارها وسيطا جاذبا وسريع الأثر. ويلفت الجمل إلى حقيقة فنية فى هذا السياق، فحين نسلط الضوء على بعض المشاهد القرآنية ونعرضها على أحكام فن الدراما نرى ضيق المسافة الشديد بين هذه المشاهد والدراما إلى درجة أن يتبادر إلى الذهن أنهما مفهوم واحد ولاسيما إذا كانت المشاهد حوارية، وقد عرض القرآن الكريم بعض مشاهده القصصية عرضا دراميا، راعى فيها خصائص الدراما البنائية من التمهيد الدرامى والذروة الدرامية، وخصائصها الأسلوبية كالتشويق والخطف خلف «فلاش باك» متضمنا قصصا درامية كقصة إبراهيم ويوسف وموسى وعيسى وأيوب و«أهل الكهف» وغيرها من قصص الأقوام الذين عاش الأنبياء بينهم، مع تحليلها دراميا، مبينا مواطن الإعجاز والإبداع فيها. وتضمن الكتاب فصلاً عن سورة «يوسف» كنموذج متكامل دراميا، وينشر سيناريو الحلقة الأولى من المسلسل كما جاء فى العمل الإيرانى، مع إعادة كتابة الحلقة وفقاً للنص القرآنى، كاشفا كواليس كتابة العمل والأرباح المادية والمعنوية الكبيرة التى حققها مقدما نموذجاً عملياً من خلال سيناريو الحلقات الخمس الأوليات من مسلسل «محمد صلى الله عليه وسلم» الذى كتبه فى 30 حلقة وأشادت به لجان الأزهر، لكونه أول عمل يتناول سيرة النبى بطريقة معاصرة وتاريخية. كما يقدم سلسلة متتابعة من الأحداث القرآنية فى شكل أدبى منذ بدء الخليقة، ولا يغيب عن الكاتب روعة تسامح الإسلام ووسطيته واعتداله خاصةً فى مصرنا الحبيبة بفضل مخزونها الحضارى الذى جمع بين الدين والفن، وهو ما ترجمه فى مسلسل «محمد» الذى استوحاه من قصة باحثة الأديان «كارين أرمسترونج» التى تركت الدير للبحث عن حياة النبى وأمته فتحول العمل إلى رسالة تسامح وتعايش بمجموعة قصص واقعية تماماً. وتكمن أهمية الكتاب فى كونه العنوان الأدبى الأول من نوعه فى المكتبة العربية الذى يتناول السيناريو والحوار فى القرآن الكريم بعد دراسات وكتب عديدة تتناول القصة والبلاغة والحوار كل على حدة.
