التفاصيل الكاملة لنتيجة كلية الشرطة 2025- 2026| صور    الحكومة تبحث وضع حلول جذرية للمشكلات المالية في «ماسبيرو» والصحف القومية    محافظ الدقهلية: تطهير ترعة تلبانة للحفاظ على المجرى المائي    شعبة الذهب: السوق المحلي شهد ارتفاعا ملحوظا الأسبوع الماضي وعيار 21 زاد بنسبة 2.17%    وزارة التخطيط تعقد اجتماعًا لمتابعة مخرجات اللجنه العليا المصرية اللبنانية المشتركة    إلزام منتجي ومستوردي بعض السلع الكيماوية والغذائية بالمواصفات القياسية المصرية    خاص| كيف ساهمت اللجنة المصرية للإغاثة في كسر الحصار الإسرائيلي على غزة؟    حصيلة العدوان على غزة تتجاوز 70 ألف شهيد و171 ألف مصاب    ألمانيا: إحباط هجوم مخطط له فى سوق لعيد الميلاد واعتقال خمسة رجال    تقارير: غياب مرموش ضربة قوية للسيتي ومصر ثاني المرشحين لحصد أمم أفريقيا    هل تلقى الدباغ عروضًا للرحيل عن الزمالك ..مصدر يوضح    تأجيل محاكمة المتهم في قضية «الدارك ويب» لشهر يناير المقبل    بسبب درجة سُلم.. المشدد 15 سنة لشاب أنهى حياة آخر بكفر الشيخ    «تموين دمياط» يضبط 30 شيكارة دقيق بلدي مدعم    فرق الطوارئ بمرسى مطروح تتعامل مع تجمعات المياه بالمناطق بالمتأثرة بالأمطار.. صور    وفاة الفنان نبيل الغول.. شارك في مسلسل الشهد والدموع وذئاب الجبل    بحضور وزير السياحة والآثار .. إزاحة الستار عن تمثال أمنحتب الثالث بالأقصر    وصلة هزار بين هشام ماجد وأسماء جلال و مصطفى غريب.. اعرف الحكاية    «كريسماس بعيون الأطفال».. أنشطة ممتعة تصنع الفرح والذكريات    بعد انتشاره الفترة الأخيرة .. مستشار الرئيس للصحة يوصى بالبقاء بالمنزل عند الشعور بأعراض الأنفلونزا "A"H1N1    نقيب الزراعيين يطالب بتخصيص عام 2026 للزراعة والأمن الغذائى    حزب الغد يتقدم بمقترح لتعديل قوانين الانتخابات الأربعة لرئيس مجلس الشيوخ    كوزمين أولاريو يحذر من صعوبة مواجهة المغرب في نصف نهائي كأس العرب 2025    جون سينا يعلن اعتزال المصارعة الحرة WWE بعد مسيرة استمرت 23 عامًا .. فيديو    فيلم «اصحى يا نايم» ينافس بقوة في مهرجان القاهرة الدولي للفيلم القصير    بعد فيديو محمد صلاح.. أحمد السقا: أموت وأدخل النار أهون من اللي حصل فيا    محافظ أسوان يتابع جهود مكافحة مرض السعار ويوجه بتكثيف حملات حماية المواطنين    وكيل صحة سوهاج ينفي وجود عدوى فيروسية بالمحافظة    السفير محمود كارم: التقرير السنوي لحالة حقوق الإنسان يأتي في ظرف إقليمي بالغ التعقيد    الإعلام الإسرائيلي يربط حادث إطلاق النار في سيدني بمعاداة السامية    الناشرة فاطمة البودي ضيفة برنامج كلام في الثقافة على قناة الوثائقية.. اليوم    موعد مباراة بايرن ميونخ وماينز في الدوري الألماني.. والقنوات الناقلة    لماذا زار طلاب جامعة بني سويف شركة النصر للكيماويات الوسيطة؟    الصحة: لا توصيات بإغلاق المدارس.. و3 أسباب وراء الشعور بشدة أعراض الإنفلونزا هذا العام    وزارة التضامن تقر قيد 5 جمعيات في محافظتي الإسكندرية والقاهرة    ضم الأبناء والزوجة للبطاقة التموينية إلكترونيًا.. خطوة بسيطة لتوسيع الدعم    "الفني للمسرح" يحصد أربع جوائز عن عرض "يمين في أول شمال" بمهرجان المنيا الدولي للمسرح    حكم الوضوء بماء المطر وفضيلته.. الإفتاء تجيب    امين الفتوى يجيب أبونا مقاطعنا واحتا مقاطعينه.. ما حكم الشرع؟    وزير الكهرباء: التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الجديدة دعامة رئيسية لاستقرار وكفاءة الشبكة الكهربائية    سفراء التحكيم المصري في أمم أفريقيا يتوجهون إلى المغرب    أرتيتا: إصابة وايت غير مطمئنة.. وخاطرنا بمشاركة ساليبا    مصطفى مدبولي: صحة المواطن تحظى بأولوية قصوى لدى الحكومة    نظر محاكمة 86 متهما بقضية خلية النزهة اليوم    السيطرة على حريق نشب بسيارة نقل ثقيل أعلى الطريق الدائري ببهتيم القليوبية    جوتيريش يحذر: استهداف قوات حفظ السلام في جنوب كردفان قد يُصنَّف جريمة حرب    الرياضية: جناح النصر لا يحتاج جراحة    استمرار لقاءات رئيس شركة الصرف الصحي للاستماع لشكاوى العاملين ومقترحاتهم    لماذا لم يعلن "يمامة" ترشحه على رئاسة حزب الوفد حتى الآن؟    الداخلية تنفى وجود تجمعات بعدد من المحافظات.. وتؤكد: فبركة إخوانية بصور قديمة    مواقيت الصلاه اليوم الأحد 14ديسمبر 2025 فى المنيا    وزيرا خارجية مصر ومالي يبحثان تطورات الأوضاع في منطقة الساحل    الصحة: تقديم 19.2 مليون خدمة طبية بالمنشآت الطبية في محافظة القاهرة    اليوم..«الداخلية» تعلن نتيجة دفعة جديدة لكلية الشرطة    الشرطة الأمريكية تفتش جامعة براون بعد مقتل 2 وإصابة 8 في إطلاق نار    مواقيت الصلاه اليوم السبت 13ديسمبر 2025 فى المنيا    محافظ الغربية يهنئ أبناء المحافظة الفائزين في الدورة الثانية والثلاثين للمسابقة العالمية للقرآن الكريم    تشيلسي وإيفرتون في مواجهة حاسمة بالبريميرليج.. متابعة كاملة للبث المباشر لحظة بلحظة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«مجتمع جديد أو الكارثة»
نشر في المصري اليوم يوم 09 - 05 - 2011

هذا عنوان كتاب لأستاذنا الدكتور زكى نجيب محمود، فارس العقل العربى، وأستاذ الفلسفة فى جامعة القاهرة وغيرها من الجامعات العربية والأجنبية على مدى سنين طويلة، وصاحب المؤلفات العميقة التى كانت دائماً تبشر بالعقلانية والاستنارة وفلسفة العلم. وفى هذه الأيام وجدت نفسى أستعيد عنوان كتاب أستاذنا «مجتمع جديد أو الكارثة»، وأمد يدى إليه وأتصفحه لست أدرى كم مرة.
لقد تحقق فى الشهور الأخيرة منذ 25 يناير الماضى لمصر ما لم يتحقق من قبل طوال سنوات، وإن كان قد جاء نتيجة كفاح سنوات طوال.
لقد استطاعت ثورة شباب 25 يناير أن تُسقط نظام الحكم الفاسد الذى كان قائماً، واستطاعت أن تضع كثيراً من رموزه وراء القضبان، لكن الذى يرصد المشهد السياسى فى مصر بعمق يحس بأن هناك قوى مضادة للثورة تريد أن تنقضَّ عليها وتطفئ نورها، وتأتى مكان هذا النور الذى أبهرنا جميعاً بسحابات من الجهالة والظلام.
وليس أمامنا جميعاً، نحن الذين عملنا من أجل هذه الثورة سنوات طوالاً وليس أمام الشباب الطاهر الذى فجّر هذه الثورة وحقق أولى ثمراتها بإسقاط النظام السابق ووضع الوطن على أعتاب مرحلة جديدة مليئة بالتحديات- إلا أن نتنبه جيداً، وأن نتحاور جيداً، وأن نلتقى كثيراً، لكى نحمى ثورتنا، ولكى نحقق ما بقى من أهدافها، وهو كثير، لعل أهمه إقامة مجتمع جديد، ذلك أننا إذا لم نُقم ونُشّيد بناء هذا المجتمع الجديد الذى ننشده فإن البديل هو الكارثة والعياذ بالله.
ما هو المجتمع الجديد الذى نريد أن نبنيه؟
وكيف نبنيه؟
هذان هما السؤالان المحوريان!
المجتمع الجديد الذى نريد أن نبنيه هو مجتمع يشارك فى بنائه كل أبنائه، ويجنى ثماره كل أبنائه. وعندما أقول يشارك فيه كل أبنائه أقصد أن يشاركوا جميعاً فى بناء كل أركان المجتمع السياسية والاجتماعية والثقافية، وأن يتشاركوا جميعاً فى نتائج هذا البناء السياسى والاجتماعى والثقافى.
المجتمع الجديد هو مجتمع الدولة المدنية الديمقراطية التى لا تفرق بين مواطن ومواطن إلا بقدر عطائه لبلده وإسهامه فى بنائه من كل جوانبه.. وهكذا يتحقق معنى العدل.
وهذا المجتمع الجديد بما أنه مجتمع ديمقراطى فإنه مجتمع يؤمن بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية كما عرفها وأقرّها العالم المتحضر فى مواثيق حقوق الإنسان، وكما دافع عنها كل المؤمنين بهذه الحقوق المناضلين من أجل تمكينها فى البنيان الاجتماعى، ولن تُحمى هذه الحقوق إلا فى ظل سيادة حقيقية للقانون، بحيث يكون القانون فوق الإرادات جميعاً، وفى ظل نوع من التوازن بين السلطات واستقلال كامل للقضاء، وتداول للسلطة لا يعرف شخصنة الدولة فى فرد- كما كان الحال- وإنما يعرف دولة المؤسسات الحقيقية لا مجرد التشدق بالألفاظ بغير فعل حقيقى من أجل إقامة مؤسسات فاعلة تستند إلى القانون وتعمل فى ظله، وهذا هو ما يقال له «مبدأ المشروعية»، أحد المبادئ الأساسية فى الدولة الحديثة.
وإذا كانت هذه هى ملامح المجتمع الجديد الذى نريد أن نبنيه فى مصر الحبيبة فكيف نبنى هذا المجتمع؟ وما وسائلنا لتحقيق هذه الغاية؟
أهم الوسائل وأسبقها وأفعلها هى العقل الناقد المبدع المستنير، ومن هنا نستطيع أن نقول إن الجانب الحضارى الثقافى الذى يكوّن العقل الحر هو الجانب الأساسى فى بناء المجتمع الجديد، وهنا أستأذن القارئ فى نقل بعض عبارات من كتاب أستاذنا زكى نجيب محمود الذى أشرت إليه فى بداية المقال: «إن نهضتنا الحديثة كلها قد بدأت عندما دعا الداعون إلى يقظة العقل لترتبط النتائج بأسبابها الصحيحة.
وكان أبرز هؤلاء الداعين إلى حكم العقل هو إمامنا الشيخ محمد عبده» إن عبقرية الإنسان هى فى مواجهته الحياة بالجديد المبتكر، «إننا نريدها ثورة فكرية تلوى أعناقنا لتشد أبصارنا إلى المستقبل بعد أن كانت مشدودة إلى الماضى...».
هذا بعض ما كتبه أستاذنا فى كتابه «مجتمع جديد أو الكارثة».
والعقل المبدع الناقد المستنير هو الذى يحرك الشعوب نحو المستقبل، وهو الذى يبنى ويقيم صروح البحث العلمى، ويجعل حياة الشعوب تستهدى بالعلم وبالمنهج العلمى ولا تعيش أسيرة الخرافة والأساطير.
ونظرة واحدة إلى المتقدمين من ناحية والمتخلفين من ناحية أخرى ستضع يدنا على هذه الحقيقة بغير خلاف.
الأساس هو بناء المنهج العلمى، ولا يبنى المنهج العلمى إلا العقل الناقد المبدع المستنير.
إن الشباب الذى فجر ثورة الخامس والعشرين من يناير مدعو إلى أن يدعو إلى تفجير ثورة ثقافية علمية تنقل المجتمع نقلة جوهرية إلى الأمام.
والعقل المستنير الحر يرفض بداءة كل صور الاستبداد، سواء كان الاستبداد السياسى أو الفكرى أو الاقتصادى، فكلها صورة من صور الاستبداد الذى يقيد العقل ويحبسه وراء قضبان التخلف وأسوار الظلام.
والاستبداد السياسى تعبر عنه الدولة البوليسية الشمولية التى تغيب فيها سيادة القانون وحقوق الإنسان، والاستبداد الفكرى هو الذى يشيع فيه الفكر المتخلف الذى يشبه نوعاً من الإرهاب الفكرى ضد العقول المستنيرة، والاستبداد الاقتصادى هو المناقض لفكرة العدل الاجتماعى وحقوق الناس فى أن يجنوا ثمار ما قدمت أيديهم.
كذلك فإن إحدى الوسائل الأساسية لاستكمال البناء الذى هدفت الثورة إلى تحقيقه هى أن يكون شباب الثورة كالبنيان المرصوص وألا يتفرقوا شيعاً وأحزاباً، كونوا حزباً واحداً أو حزبين على الأكثر ولا تظلوا هكذا مُبعثَرين.
وأريد أن أؤكد أيضاً أن القيم الروحية التى جاءت وبشرت بها الأديان السماوية جميعاً هى لُحمة المجتمع وسداه.
وبعد هذا كله أقول: نعم، بالعقل الناقد المستنير نستطيع أن نبنى مجتمعاً جديداً فإن لم نفعل فسنبدد كفاحنا وثورتنا ونستعد للكارثة والعياذ بالله.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.