كان كوهين الضابط بالموساد الاسرائيلي في مكتبه يتابع تصريحات أحد المسئولين الاسرائيليين على التلفزيون تعليقا على المصالحة بين حركتي حماس و فتح والتي تمت في القاهرة ، كان المسئول يقول : لدينا وسائل للتعبير عن سخطنا من رعاية القاهرة للمصالحة الفلسطينية . في حين رن هاتف المكتب فأخفض كوهين صوت التلفزيون ورفع سماعة الهاتف ، لم يقل المتصل سوى كلمة واحدة : تحرك . أغلق مختار جهاز الكمبيوتر الخاص به بعد أن تصفح صندوق بريده الالكتروني ، ثم التقط هاتفه المحمول وقام بالاتصال ب ( الشيخ محمود ) قائلا له : قابلني الساعة 12 ف المكان بتاع كل مرة ، ثم اتصل بفريد وقال له : قابلني الساعة 1 ف المكان اياه . و كان مختار ضابط أمن دولة سابق بجهاز أمن الدولة المنحل في مدينة الاسكندرية أما الان فقد تم نقله إلي جهاز الامن الوطني وتمت ترقيته من رتبة رائد إلي رتبة مقدم . - العملية بتاعة انهارده شبه العملية بتاعة اسكندرية اللي تمت من خمس شهور . هكذا بدأ مختار حديثه مع ( الشيخ محمود ) ... ثم تابع : لكن المرة دي العملية أصعب لانها مش هتعتمد على واحد بس قال الشيخ محمود : متقلقش يا باشا أي عدد حضرتك هتطلبه هتلاقيه أهم شئ تكون الفلوس جاهزة . قال مختار : العملية المرة دي هتكون ف امبابة هتاخد مجموعة من الناس اللي انت مجندها بنفسك و تطلع ع الكنيسة بدعوى إن فيه جوا الكنيسة واحدة مخطوفة و هتكسّر الكنيسة وتحرقها وتسحب رجالتك . قال محمود : تمام زي ما عملنا ف صول . قال مختار : ايوة بس العملية المرة دي لازم تكون أكبر ... و طبعا العمولة المرة دي أكيد هتكون أكبر . لم يكن الشيخ فريد أحد الشيوخ الملتزمين ، بل ولم يكن متدينا أساسا ، وليس له أي نشاط دعوي أو سياسي ، فقد كان رئيس المجموعة ( أ ) التي قام الضابط مختار بتدريبها وهي مجموعة من البلطجية الذين يطلقون لحياهم ويرتدون الجلباب ليتشبهوا بالتيار الاسلامي ، فما أن تراهم في مكان حتى يُهيئ إليك أن هذا المكان كان فيه هذا التيار ، وكانوا ينفذون العمليات الخاصة التي يأمرهم بها الضابط مختار أيام أن كان في جهاز أمن الدولة ، كانت هذه العمليات تتضمن اشعال الفتنة الطائفية أو القيام بتفجير أتوبيس أو فندق ، و كانت لكل عملية هدف محدد ، إما إلهاء المجتمع عن أمور الفساد التي كانت سائدة في العهد السابق ، أو من منطلق "فرّق تسُد " أو غيرها . - احنا جات لنا معلومات ان السلفيين هيهجموا انهاردة ع الكنيسة . هكذا بدأ مختار كلامه مع فريد ... ثم تابع : انت عارف ان مفيش شرطة ف البلد ، وكمان الجيش لو اتدخل هيتدخل متأخر ، عشان كدة لازم تكون جاهز انت وكل اللي معاك عشان تدافعوا عن الكنيسة . قال فريد : أنا مش عارف من غيرك كنا هنعمل ايه يا مختار بيه . قال مختار : انت عارف ان موقفنا حساس ، عشان كدة الاعتماد هيكون عليكوا انكوا تحموا نفسكوا من أي اعتداءعليكوا من المتشددين ، أنا مش عارف الناس دي عايزة ايه ؟ دول عايزين يخّلصوا عليكوا ويحكموا البلد بمزاجهم . وقع الحادث .. لم يقع بين المسلمين والمسيحيين ، لم يقع بين رجال دين ، بل بين فئتين مأجورتين ، لقد كانا بمثابة الشرارة التي تلدُ نارا سرعان ما يطفئها العقلاء من على الجانبين . انتشر خبر الاعتداء على الكنيسة كالنار في الهشيم فاتجهت مجموعات من المسيحيين الي الكنيسة للدفاع عنها ، لقد كانوا يرون أنهم مضظهدين في بلدهم ، فلم يتوقف الامر فقط عند منع الحكومة لهم من بناء كنائس جديدة يتعبدوا فيها ، بل وصل الأمر أن التيارات الاسلامية تريد تدمير هذه الكنائس . قبيل الحادث بساعات انتشر فيديو لاحدى السيدات التي قيل عنها أنها كانت مسيحية و أسلمت ثم تحفظت عليها الكنيسة حتى لا تشهر اسلامها ، خرجت هذه السيدة لتقول أنها لم تعتنق الاسلام أساسا ، و أنها ولدت مسيحية وستموت مسيحية ..... - يعني ينفع يبقى متحفظ عليها ف الكنيسة وتطلع على قناة مسيحية ، مش ممكن يكونوا مأثرين عليها . هكذا قال ( أحمد ) لصديقه ( مصطفى ) بعد أن شاهد الفيديو رد عليه مصطفى : يا أحمد الدين في القلب ، ولنفرض أنها متأثرة و أنها مجبرة على تغيير دينها ، ان شاء الله ربنا هيتقبل منها ، لان ربنا هو الاعلم بالقلوب . قال أحمد : لكن مش المفروض أن أي واحدة تغير دينها تبقى ف حماية الحكومة... يعني تبقى قاعدة ف مكان محايد ؟! انقطع حديث أحمد ومصطفى عندما علما أن هناك أحداث قد وقعت في الكنيسة ، فاتجها إلي هناك ، حيث كانا يسكنان بالقرب من مكان الكنيسة ، وما أن وصلا إلا ووجدا النيران مشتعلة فأخذا يساعدا صديقهما ( مينا ) في اطفاء النيران . لقد تذكر أحمد حينها عندما كان في الميدان يُصلي وكانت قوات الامن المركزي تحيط بالمصليين تحاول الاعتداء عليهم لتفريقهم ، لقد تذكر عندما كان مينا يقف هو وبعض أقاربه وأصدقائه المسيحييين ، يلتفون حول المصليين ليدافعوا عنهم من قوات الأمن المركزي ، لقد تذكر(أحمد ) ( سمير ) أخو (مينا) الذي قُتل وهو يقف يحمي المسلمين أثناء صلاتهم . وصل الجيش ... بعد أن أصيب الكثير .. وتوفى البعض ..... لقد توفى ( أحمد ) و توفى ( مينا ) وتوفى (مصطفى ) قبض الجيش على الكثير من رجال ( الشيخ محمود ) ورجال ( فريد ) ... ولكن مازال كلاهما حرا طليقا ... وما زال الضابط مختار أيضا حرا طليقا لم يحاسبه أحد . وما زال قرار منع بناء الكنائس .... و ما زال المتأسلم أو المستنصر يثير الفتنة . و ما زالت كل الدوافع لحدوث مصيبة أخرى .... فهل سننتظر مصيبة أخرى ... أم ...................................