(قناع الأوكسجين) والدراما!!

كيف يتطور الفن؟ هل بكثرة عدد اللجان أم أن المناخ الصحى هو الذى يخلق الإبداع؟ أكيد المناخ هو الذى يضمن تدفق المواهب، المشكلة أن الدولة تُفسد الكثير فنيا وثقافيا، وبعدها تشكو وتندب حظها الدكر، وتقرر لامتصاص الغضب إنشاء لجنة لتأديب وتهذيب وإصلاح الدراما.
مقالات متعلقة
* مصر على حطة إيد الأستاذ «عامر»!
* الرقابة.. هل تُشهر المقص؟!!
قرروا إسناد مهمة اللجنة إلى مخرج كبير بحجم الأستاذ محمد فاضل، ولا يستطيع أحد سوى أن يذكر بأنه واحد ممن أثروا الشاشة الصغيرة بأهم وأرقى المسلسلات، مع جيل تواجد فى ظروف صالحة، فأنبت تلك الأعمال التى تملك ولاتزال القدرة على أن تتنفس إبداعيا.
فى السنوات الأخيرة صار فاضل خارج المنظومة، بعض الأسباب يعود للمناخ الطارد، القسط الأكبر منها يعود للأستاذ فاضل شخصيا، المسلسلات التى قدمها فى الألفية الثالثة من إنتاج الدولة حققت فشلا ذريعا، نحن نؤيد عودة الدولة للإنتاج، على شرط ألا يتحول الأمر إلى مال سايب، غياب النظرة الاقتصادية والقدرة على الجذب الفنى يفتح الباب على مصراعيه للمجاملات، بعض المسلسلات بحساب الأرقام تكبدت خسائر فادحة ولم تحقق الهدف، ورغم ذلك فإن صانعيها يعملون مجددا، لأنه ببساطة مال عام، ومن يعرف الشفرة تسند له الدولة أعمالا فنية.
كل الوسط الفنى يعلم أن الأستاذ محمد فاضل فرض فردوس عبدالحميد فى العديد من الأعمال الفنية الأخيرة له، خاصة تلك التى أنتجتها الدولة، فردوس بلاشك فنانة موهوبة، إلا أنها لا تصلح لكل الأدوار ولا لكل المساحات الدرامية، ضيق دائرة اختيارات المخرج أثرت قطعا على تواجده، كما أنها حجبت بالضرورة أى تواجد لزوجته، التى كانت تعمل تحت مظلته، صار الهدف الأسمى كيف يحل المشكلة، وأصبحت آراء الأستاذ خاضعة لمؤشر اسمه فردوس.
راجعوا مثلا الأرشيف ستجدون أن مسلسل محمد رمضان (ابن حلال) ناله هجوم ضار من فاضل وفردوس على اعتبار أنه يسىء للقيم الأخلاقية فى المجتمع، وأن بطل المسلسل محمد رمضان يقدم رسالة دموية للشباب ويدفعهم للجريمة، راجعوا الأرشيف مجددا بعد نحو عامين، عندما منح محمد رمضان دور أمه لفردوس عبدالحميد فى مسلسل (الأسطورة)، تغير المؤشر 180 درجة، فأصبح (الأسطورة) هو الأفضل ورمضان والمخرج والكاتب هم الأروع والرسالة التى حملها مسلسل (الأسطورة) هى الأعظم، هل تجدون فارقا بين (ابن حلال) و(الأسطورة) سوى أن (الأسطورة) أشد عنفا ودموية؟ تواجد فردوس فى المسلسل الأخير جعله يمر بردا وسلاما على ذائقة الأستاذ فاضل.
هو فعلا يعتقد أن حضور فردوس منح مسلسل (الأسطورة) كل هذا الزخم الفكرى والإبداعى، وصار عنوانا للقيم النبيلة، أنا أخشى حقيقة عندما يصبح الأستاذ فاضل هو ناظر مدرسة الدراما المصرية، أن تلهث شركات الإنتاج لضمان رضائه أن تلعب فردوس دور أم لكل النجوم والنجمات.
من الصعب على الفنان أن يُخرج نفسه من المعادلة، راجعوا تعليمات الطيران عندما تضطر لاستخدام قناع الأوكسجين، لو تعرضت الطائرة للخطر، الأوامر صريحة جدا ضع القناع أولا لنفسك ثم لابنك، فاضل سيضع القناع أولا لفردوس فهى نفسه، وبعدها سيرى قطعا أن الدراما قد انصلح حالها!!
أن يتم تعيين ناظر للدراما المصرية يوجه ويرشد هو أكبر مأزق ستعانى منه الدراما فى السنوات القادمة، الأمر ليس خاضعا فقط لشخص فاضل، ولكن لا يستطيع أحد أن يصبح هو (ترمومتر) الإبداع الدرامى للوطن، قُل فى هذه الحالة على الدراما السلام!!
tarekelshinnawi@yahoo.com
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة