«ارتفاع معدلات الاستهلاك» فرضية أساسية يضعها صناع المواد الغذائية عند اتخاذ قراراتهم الاستثمارية، نتيجة للزيادة السكانية المستمرة وأثرها فى طلب السوق، وبالتالى قدرتهم على التوسع فى الانتاج وتحقيق أرباح مضاعفة. ويعد انكماش الطلب الاستهلاكى أبرز العوامل المهددة لصناعة الغذاء حول العالم، لاسيما فى الأوقات التى تتزايد فيها تكلفة الصناعة ولا يستطيع المنتجون تخفيض الأسعار لجذب مزيد من الاستهلاك. وشهدت الفترة الماضية تراجعاً فى الطلب الاستهلاكى على الغذاء بنسب تراوحت بين 20 : 25% وفقاً لتقديرات بعض الجهات المختصة تأثراً بارتفاع الأسعار على المستهلكين وتراجع القوة الشرائية، الأمر الذى انعكس بالسلب على مبيعات الشركات، كما ساهم ارتفاع تكلفة الانتاج نتيجة رفع أسعار الوقود وتراجع قيمة الجنيه وتطبيق ضريبة القيمة المضافة فى إلزام الشركات برفع أسعار منتجاتها حتى تحافظ على هامش ربحى مقبول. وأظهرت نتائج أعمال عدد من الشركات الكبرى العاملة بالقطاع خلال الربع الثانى من العام تراجع حاد فى أرباحها تأثراً بهذه العوامل. حيث تراجعت أرباح شركة إيديتا للصناعات الغذائية خلال الربع الثانى من 2017، بنسبة 85.3%، نتيجة زيادة تكلفة المبيعات، فيما تراجعت أرباح شركة جهينة للصناعات الغذائية خلال نفس الفترة بنسبة 9%، كما انخفضت أرباح شركة الصناعات الغذائية دومتى بنسبة 42%. وقال أشرف الجزايرلى رئيس غرفة الصناعات الغذائية بإتحاد الصناعات، أن إنكماش الطلب على الغذاء دفع أغلب الشركات لتخفيض طاقتها الإنتاجية بنسبة 40% مما أضعف فرصها فى استغلال حالة الرواج التى يشهدها السوق فى الموسم الصيفي. وأشار هانى برزى رئيس المجلس التصديرى للصناعات الغذائية إلى أن القرارات التى تم اتخاذها على مدار الفترة الماضية فى ضوء الاصلاح الاقتصادى غيرت عادات الاستهلاك لدى الأفراد، حيث أصبح المستهلك أكثر حرصا على شراء احتياجاته بشكل يومى دون اللجوء للتخزين، وحذف الكثير من السلع من قائمة تفضيلاته لتوفير المنفق عليها فى شراء السلع الأهم التى ارتفع أسعارها مما أثر فى الطلب على العديد من الصناعات الفرعية. وتوقع أن تتحسن مؤشرات الطلب وأوضاع القطاع الغذائى مطلع 2018 بدافع التحسن النسبى فى دخول الأفراد، واستقرار أسعار الصرف. وارتفع معدل التضخم السنوى لأسعار السلع الاستهلاكية خلال شهر يوليو 2017 إلى 34.2%، بما يشير لتوجه المنتجين والتجار لرفع الأسعار لامتصاص زيادة تكلفة الانتاج خلال الفترة الماضية. وقال المهندس علاء البهى الرئيس السابق للمجلس التصديرى للصناعات الغذائية أن الشركات لم تتمكن من رفع أسعار منتجاتها بنفس نسبة زيادة تكلفة الانتاج، وتحملت انخفاض الأرباح فى سبيل الحفاظ على حصصها السوقية وعدم فقدان المزيد من المستهلكين، مؤكداً أن ارتفاع أسعار المنتجات الغذائية خلال الفترة الماضية لم يغطى 50% من الزيادة فى تكلفة الانتاج. و وتوقعت امنية حمامى المحللة الاقتصادية بشركة برايم القابضة، ان تتعافى مؤشرات القطاع من مشكلة الانكماش خلال الربع الاول من 2018، فى ظل اتمام أغلب الشركات عملية رفع أسعار منتجاتها خلال النصف الأول من العام الجارى، منوهة أن مؤشرات القطاع وصلت لأدنى مستوياتها فى الربع الأول من 2017 بسبب ضعف القوة الشرائية الناجم عن مستويات التضخم المرتفعة. وأوضحت أن التصدير يُعد سبيل بعض الشركات حالياً لتعويض ضعف الإقبال على منتجاتها محلياً، خاصة الشركات التى تمتلك منافد بيع ووكلاء خارجيين.
