بقلم د. ياسر الدرشابي حاولت أن أتقبل رأي القليل من الأشخاص الذين يؤيدون المخلوع كرأي أخر يمكن الأعتراف به في ظل حرية الرأي التي أقرتها الثورة. و لكني سرعان ما تداركت نفسي و عدلت عن هذه الفكرة و فضلت إعتصام الرفض الكامل لهؤلاء المؤيديين لمبارك لقناعتي التامة بأن من يؤيد الباطل فهو علي باطل و لا يجب علينا أن نتقبل الباطل أو من يؤيده بدعوي الإعتراف بالرأي الأخر. و من جانب أخر حاولت أن أبحث في السبب الذي يجعل العشرات من الأشخاص يتعَمدون التواجد أمام كاميرات الأعلام ليُظهروا تأييدهم للمخلوع ، علماَ أن هؤلاء الأشخاص تجمعهم صفة واحدة تظهر بوضوح في كلامهم الهزيل و هتافاتهم الضعيفة ألا وهي قلة الثقافة و الوعي حتي إن أحدهم ذكر إنه يحب المخلوع لأنه شارك في "حرب النكسة" و الثورة المضادة قد دفعت بمثل هؤلاء قبل تنحي المخلوع في محاولة فاشلة لإظهار أن هناك في مصر من يؤيده و طبعاَ تلاشت هذه التجمعات الضعيفة أمام الحشود العارمة التي لم يدفعها إحد للنزول بالملايين في كل شوارع مصر للإطاحة بالنظام الفاسد. و هناك الكثيرين من الذين إنتفعوا من هذا النظام مازالوا يحاولون جاهدين المحافظة علي ما حصدوا قبل السقوط أو علي الأقل جزءاَ منه. كم من فاسد حصل علي منصبه بالواسطة و المحسوبية يخشي الأن أن تُسقطه الثورة و يفقد ما كان فيه من سلطة و جاه فيحاول جاهداً أن يقاوم كل ما يمكن للثورة أن تصلحه لأنه يعرف أنه سيسقط مع أي حركة إصلاح و لن تقوم له قائمة؟ كم من مسئول أو فنان أو لاعب كرة أو موظف إغتني و جمع الأموال بطرق غير مشروعة و قبض ثمن نفاقه و تملقه للفاسدين والأن يخشي أن تطوله اسئلة كثيرة أبسطها من أين لك هذا؟ و كم من جاهل يردد ما سمع عن الضربة الجوية التي لم يذكرها الملايين الذين خرجوا يسقطون مبارك و يطردونه عن البلد الذي سرقه و طغي فيه رافعين الصوت "إرحل" مطالبينه أن يذهب خارج البلاد هاتفين و منشدين "أخر طلعة جوية هتكون علي السعودية" و كم من سيدة كتلك السيدة التي شاهدناها تخاطب "السيد اللواء مشير طنطاوي" وقد إلتبس عليها الأمر و لم تستطع ترديد ما أملي عليها من ألفاظ لم تسمعها أو تقولها من قبل فإعتقدت أن كلمة المشير هي إسم القائد و ليست رتبته . هؤلاء هم من يؤيدون المخلوع و ينادون بعدم محاكمتة بدعوي إنه رمز الدولة. هل يقبلون أن يكون رمز الدولة لص قاتل ؟ هل يقبلون أن يكون رمز الدولة زعيم عصابة؟ إذا كانوا يقبلون هذا فهم إذاَ ينتمون لهذه العصابة و لهم الحق أن يكون مبارك رمزاَ لهم و لكن لم و لن يكون أبداً رمزاً لمصر. إن الحكم القضائي برفع إسم المخلوع و زوجته من علي كل الميادين و المدارس و المباني هو إعتراف صريح بأن المخلوع لم يكن في يوم من الأيام رمزاً للدوله و هو حُكم التاريخ أن شعب مصر يتبرأ من مبارك و حكمه الفاسد و بهذا الحكم يجب أن يصمت للأبد كل من كان يتألم من إهانة رمز الدولة و محاكمته لأن التاريخ سَجله في زُمرة من حكم مصر كوصمة عار في جبين هذه الأمة.