يتصدر المشهد حالياً أرباع وأنصاف «الثوريين» بينما اختفى بعض من كان لهم دور أساسى فى التمهيد لثورة 25 يناير، وشاركوا فيها من البداية.. وينسب لهم الفضل أنهم كانوا يتحدثون فى الوقت الذى كان هناك فيه كثيرون صامتين. يحزننى اختفاء النائبين سعد عبود ومحمد عبدالعليم داوود عن المشهد الحالى، فقد خاض «عبود» خلال برلمان 2005 معارك صعبة وكان أجرأ نواب المعارضة والمستقلين، فهو الوحيد خلال 5 سنوات الذى تجاوز كل الخطوط الحمراء: رئيس الجمهورية والقوات المسلحة ووزير الداخلية، فقدم طلب إحاطة حول الذمة المالية لمبارك، عندما أعلن الأخير تبرعه بعدة أجهزة طبية من زكاته وهو ما جعل عبود يتساءل: «كم تكون ثروة مبارك؟ وأين ذمته المالية؟»، وجاءت الحكومة لتعدل الموقف بأن مبارك طلب قيام القوات المسلحة بتوفير هذه الأجهزة.. كما وجه عبود انتقادات إلى القوات المسلحة فى أزمة غرق العبارة، ورد عليه اللواء ممدوح شاهين، مساعد وزير الدفاع، بحدة، ولولا أن د. فتحى سرور انتزع فتيل الأزمة لاشتعل الموقف.. كما أن عبود وجه اتهامات مباشرة لوزارة الداخلية بالفساد فى تأشيرات الحج، وهو ما تم عقابه عليه بالمنع من حضور الجلسات، ووقتها كتبت مقالاً حوله بعنوان «يحيا سعد».. والغريب أن «عبود» الجرىء الذى تعود على تجاوز الخطوط الحمراء تعرض لواقعة بلطجة غريبة أثناء ثورة 25 يناير التى شارك فى مهدها، حيث دخل عليه بلطجية فى غرفته بالفندق انهالوا عليه بالضرب، وسحلوه إلى الشارع مما أدى إلى غيابه عن الوعى ودخوله المستشفى لعدة أيام.. ومع ذلك لم يخرج ليتاجر بما حدث أو يزايد بينما أرباع وأنصاف «الثوريين» يتمسحون ليل نهار فى الثورة ويتغنون بدورهم فيها. أما النائب محمد عبدالعليم داوود فله أيضاً صولات وجولات داخل البرلمان منذ عام 2000 فهو الوحيد الذى قام بتقطيع بيان رئيس الجمهورية بل إنه طالب فى إحدى الجلسات بحل مجلس الشعب، وخاض معارك وطنية بشرف ونزاهة وقوة، وكنت أطلق عليه «النائب الفطرى» حيث لا تخضع كلماته أو أدواته البرلمانية لأى مواءمات سياسية.. ولو أحد رأى «عبدالعليم» فى أول يوم من انضمامه للبرلمان عام 2000، ورآه الآن لشعر بأنه لم يتغير.. حاد فى الحق.. يتحرك بالفطرة دون حسابات.. ليس لديه سقف.. عنده استعداد للخروج من البرلمان فى أى وقت مادام يدافع عن الناس. بالطبع هناك مواقف كثيرة يمكن أن تُحكى عن برلمان 2005 الذى كان الأكثر معارضة من حيث العدد والشراسة.. وهناك نواب آخرون لهم بصمات فى العمل الرقابى والتشريعى سيأتى الوقت لذكرهم، لكن إذا كانت مصر كلها تكرم الثوار فإن عبود وداوود يستحقان الكثير من الإشادة وليس الاختفاء!!