رغم مرور أكثر من أربعة عقود كاملة، ما زال عام 1974 محفورًا في ذاكرة الكونغو الديمقراطية «زائير سابقًا» بأنه العام الأكثر نجاحًا لكرة القدم في هذا البلد، الواقع بوسط القارة الأفريقية. ولم يكتف منتخب الكونغو الديمقراطية، خلال هذا العام، بترك بصمة رائعة على الساحة الأفريقية فحسب، بل شق الفريق طريقه إلى ساحة كرة القدم العالمية للمرة الوحيدة في تاريخه، وإن ظهرت كرة القدم بالكونغو الديمقراطية على الساحة العالمية من خلال فريق مازيمبي، في نهاية العقد الأول من القرن الحالي. وعندما يخوض منتخب الكونغو الديمقراطية فعاليات النسخة الحادية والثلاثين من بطولة كأس الأمم الأفريقية، والتي تستضيفها الجابون من 14 يناير الحالي إلى الخامس من فبراير المقبل، سيكون هدف الفريق هو المنافسة على اللقب أو على الأقل بلوغ المباراة النهائية للبطولة. ونجح المنتخب الكونغولي في تحسين صورته، التي اهتزت كثيرًا خلال السنوات الأخيرة، واستعادة بعضًا من بريق الماضي، عندما فاز بالمركز الثالث في النسخة الماضية، التي استضافتها غينيا الاستوائية في 2015. وشق الفريق طريقه بجدارة إلى النهائيات في الجابون، حيث تصدر مجموعته في التصفيات برصيد 15 نقطة من خمسة انتصارات، فيما مني الفريق بهزيمة واحدة في هذه المجموعة، التي ضمت معه منتخبات أفريقيا الوسطى وأنجولا ومدغشقر، وذلك على عكس ما كان عليه الحال في تأهله للنسخة الماضية عبر الباب الضيق، عندما خطف بطاقة التأهل الوحيدة التي تمنح لأفضل منتخب يحتل المركز الثالث على مستوى جميع مجموعات التصفيات المؤهلة للبطولة، علمَا بأنه حل ثالثَا في مجموعته بالتصفيات، خلف منتخبي الكاميرون وكوت ديفوار. ويحظى هذا المنتخب بتاريخ حافل من المشاركات في بطولات كأس الأمم الأفريقية، كما توج مسيرته في هذه البطولات، بلقبين في نسختي 1968 في إثيوبيا و1974 في مصر. وبخلاف فوز الفريق باللقبين، فاز منتخب الكونغو الديمقراطية على مدار 17 مشاركة سابقة في النهائيات بالمركز الثالث في بطولتي 1998 و2015، والمركز الرابع في 1972، فيما كان مصيره هو الخروج من الدور الأول أو دور الثمانية في باقي المشاركات. وما زالت ذكريات فوز الفريق باللقب في 1974 عالقة في الأذهان، حيث عبر الفريق إلى النهائي في هذه البطولة بالفوز «3-2» على المنتخب الوطني، صاحب الأرض، ثم اصطدم بالمنتخب الزامبي في النهائي، ليتعادل الفريقان «2-2»، وتعاد المباراة بعدها بيومين ليفوز منتخب الكونغو الديمقراطية «تحت اسم زائير» بالمباراة «2-0»، ويتوج باللقب. وشهدت البطولة نفسها رقمًا قياسيًا ظل صامدًا حتى الآن، حيث سجل نداي مولامبا، نجم الكونغو الديمقراطية، تسعة أهداف، ليظل هذا العدد من الأهداف هو الأكبر لأي لاعب في نسخة واحدة بالبطولة الأفريقية. وعاد منتخب زائير إلى بلاده على متن الطائرة الرئاسية بقرار من الرئيس موبوتو سيسي سيكو. وشهد نفس العام مشاركة زائير للمرة الوحيدة بتاريخ هذا البلد في بطولات كأس العالم، وإن فشل في عبور الدور الأول. ومع هذا التاريخ الرائع للكونغو الديمقراطية في البطولة الأفريقية، يطمح الفريق إلى ترك بصمة جديدة من خلال النسخة المقبلة في الجابون، علمًا بأن القرعة أوقعته هذه المرة في مجموعة نارية مع المنتخب الإيفواري حامل اللقب، والذي تغلب على المنتخب الكونغولي في المربع الذهبي للبطولة الماضية، ومنتخبي المغرب وتوجو. ورغم خفوت نجم منتخب الكونغو الديمقراطية قبل عودته القوية في نسخة 2015، قدم فريق مازيمبي هذا البلد بشكل رائع على الساحة الدولية، حيث توج بلقب دوري أبطال أفريقيا في 2009 و2010 و2015، وكأس الكونفيدرالية في 2016، وشارك في كأس العالم للأندية ثلاث مرات وفجر مفاجأة من العيار الثقيل في المشاركة الثانية عام 2010، وتأهل للمباراة النهائية، ليصبح أول فريق من خارج قارتي أوروبا وأمريكا الجنوبية يحجز مكانه في النهائي، وإن خسر «3-0» أمام إنتر ميلان الإيطالي. ولم يستفد منتخب الكونغو الديمقراطية في البداية من سطوع نجم مازيمبي بالشكل المناسب، وفشل في بلوغ نهائيات كأس أفريقيا في 2010 و2012، وخرج من الدور الأول في 2013، لكن الفريق أحرز المركز الثالث في كأس الأمم الأفريقية 2015 بغينيا الاستوائية، ليكون من أبرز إنجازات الفريق، كما يمثل هذا حافزًا له على المنافسة بقوة على اللقب، في النسخة الجديدة بالجابون. ويخوض المنتخب الكونغولي النسخة الجديدة في الجابون، تحت قيادة وطنية، حيث يتولى تدريب الفريق المدرب الكونغولي فلوران إيبنجي، الذي سبق له التدريب في الصين، قبل العودة إلى بلاده لتولي مسؤولية فريق فيتا كلوب الكونغولي. وفي أغسطس 2014، تولى «إيبنجي» تدريب المنتخب الكونغولي إلى جانب عمله في تدريب فيتا كلوب، وقاد الفريق للمركز الثالث في النسخة الماضية من البطولة الأفريقية في 2015، لكنه يطمح إلى إنجاز أفضل في الجابون. ويعتمد «إيبنجي» في البطولة على قائمة تضم عددًا من اللاعبين الناشطين في الدوري المحلي، وخاصة مازيمبي، وعددًا من المحترفين بأوروبا، خاصة في أندية الدوري الإنجليزي، إضافة للمهاجمين ندومبي موبيلي وجيرمي بوكيلا، المحترفين في قطر. ويستهل الفريق مسيرته في البطولة بلقاء نظيره المغربي في 16 يناير الحالي، ثم يلتقي منتخبي كوت ديفوار وتوجو في 20 و24 من الشهر نفسه على الترتيب.