ما إن تعبر شارع نابلس بوسط القدسالشرقية، حتى تجد نفسك أمام باب العمود، المدخل الرئيسى للحى الإسلامى بالبلدة القديمة حيث الطريق إلى المسجد الأقصى، ستفاجئك وجوه حرس باب العمود من المجندين الإسرائيليين شديدى التجهم، وحينما تدخل إلى البلدة ستجد مجموعة من الأحياء القديمة منها ما يؤدى إلى المسجد الأقصى ومنها طريق آلام السيد المسيح حتى كنيسة القيامة، الممتلئ بالزائرين المسيحيين، ومنها ما يؤدى إلى حارة اليهود التى احتلت مكان حارة المغاربة وحارة الشرف قديما. أخبار متعلقة * اعتقال شاب من نابلس بزعم طعنه إسرائيليًا بالقدس * قوات الاحتلال تعتقل 10 فلسطينيين في نابلس و القدس * محافظ نابلس يحمّل إسرائيل مسؤولية التوتر في القدس فى حى القرمى بالبلدة القديمة بالقدسالشرقية، التى تعد واحدة من أقدم مدن العالم، يتجول السائحون ليروا تلك المبانى الأثرية، ويقف أحد مرشدى السياحة الإسرائيليين مع وفد أوروبى ليخبرهم بالإنجليزية أن هذه المبانى عمرها من 40 إلى 50 عاما، وأن اليهود المتدينين يريدون أن يعيشوا هنا بجوار هيكل سليمان تحت المسجد الأقصى طاعة لعقيدتهم وعليهم أن يدفعوا ملايين الدولارات كى يشتروا هذه المنازل من المسلمين الذين لا يبغون إلا مزيدا من المال فالمسلمون لا يربطهم بهذا المكان إلا أنهم يعتقدون أن رسولهم محمد قد مكث فيه يوما واحدا وصعد منه إلى السماء من الصخرة وليس من المسجد الأقصى، ثم تابع الحديث بالإنجليزية «أنتم تعلمون أن المسلمين يؤمنون بمحمد كنبى كما يؤمنون بالمسيح كنبى وليس كإله». قاطعته قائلة «عفوا إن هذه المبانى عمرها مئات الأعوام، وإن كان المسلمون يؤمنون بالمسيح نبيا فأنتم لم تؤمنوا به لا نبيا ولا إلها، ليس من حقك أن تتحدث عن التاريخ فأنت لست مؤرخا». ثم وجهت حديثى إلى الوفد السياحى: «أنصحكم أن تقرأوا التاريخ جيدا ولكن بعيدا عن هذه المدينة». وهنا سألنا أبو أشرف، مختار الحى، عن ماهية ما قاله المرشد الإسرائيلى فأخبرناه فذهب إليه وقال له «إنك تغير التاريخ، فهذه المدينة عمرها منذ عهد صلاح الدين، وهذا السور بناه سليمان القانونى، إنك تكذب عليهم». هكذا يستطيع الاحتلال أن يزيف وعى الشعوب بالقضية الفلسطينية، فهم يفعلون كل شىء لتزوير التاريخ واستجداء التعاطف مع المستوطنين الذين يريدون أن يحلوا محل المسلمين حول المسجد الأقصى. فى كل مدينة بفلسطين، بل فى كل قرية ستجد مقبرة، مقاما، مبنى أو معبدا يقول إن التاريخ بدأ هنا، فهى حقا أرض البدايات، ففى سبسطية بقضاء نابلس ستجد قبر النبى يحيى، ومكان محاكمته قبل إعدامه، تلك القرية التى تحارب اليوم محاولات جديدة لليهود بالحفر فيها ليثبتوا أنهم كانوا هنا منذ ثلاثة آلاف عام، وما إن تطأ قدماك فلسطين حتى ترى الكنيسة المعلقة فى دير قرنطل بأريحا حيث المكان الذى اعتكف فيه السيد المسيح عليه السلام لمدة 40 يوما دون طعام إلا التمر ومقام بنات يعقوب فى طولكرم وقبر النبى صالح بقرية النبى صالح، والحرم الإبراهيمى فى مدينة الخليل وتحته مقابر يعتقد أهل فلسطين أنها للنبى إبراهيم عليه السلام وزوجته سارة وابنه إسحاق والنبى يعقوب عليه السلام وإحدى زوجاته، بينما توجد بئر يعقوب فى جبل جرزيم حيث يزوره المسيحيون أثناء الحج بسبب رواية تقول إن المسيح عليه السلام قد مر به وهو عطشان وسقته منه المرأة السامرية، وكنيسة المهد فى بيت لحم، كنيسة القيامة فى القدس، والمسجد الأقصى وحائط البراق وصخرة صعود الرسول بقبة الصخرة. كل هذه المقابر والمقامات لأنبياء وقديسين وصحابة، تقول إن الله اختص هذه الأرض بالقدسية، ليكون لها من يدافع عنها وعن حرماتها المنتهكة يوما ما لتكون النهايات كما كانت أرض البدايات أيضا. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة