يرصد الدكتور شوقى السيد، الفقيه القانونى، فترة من أخطر مراحل مصر الحديثة فى كتابه «كلمات لبلادى» الذى يؤرّخ فيه للأحداث المهمة والوقائع التى هزت مصر خلال الفترة من 2011 حتى 2016. وأطلق الفقيه القانونى فى مؤلفه- الذى كتب مقدمته الشاعر فاروق جويدة- العنان لرؤيته تجاه الأحداث والقضايا التى شهدتها البلاد خلال تلك الفترة الحرجة، التى تلاحقت خلالها الأحداث بصورة لم يكن يتوقعها حتى الشخصيات التى شاركت فى صنعها، بعد أن انفرط عِقد المفاجآت إزاء بعض الأحداث، وانقلب السحر على الساحر تجاه أحداث أخرى تلاحقت فيما يشبه الطوفان الذى كان كفيلاً بأن يغرق البلاد فى بحر من الفوضى. تبدأ فصول الكتاب، الذى يقع فى 579 صفحة، عام 2011 الذى سماه «عام الثورة»، فيما اختار للفصل الثانى- الذى تقع أحداثه عام 2012- عنوان «عام محاكمة السلطة»، وعنوان تطورات الأحداث فى الفصل الثالث، الذى يرصد الأحداث عام 2013 ب«عام تصحيح مسار الثورة»، واختار لأحداث عام 2014 عنوان «عودة محاكمة الرؤساء.. ودروس من القضاء»، وخصص الفصل الخامس ل«إتمام الطريق الثالث وصراع الانتخابات». ودعم الفقيه الدستورى كتابه بعدد من الوثائق التى تتعلق بأحداث كبرى، وترصد محطات خطيرة فى تاريخ مصر، بداية من ثورة 25 يناير 2011، بينها ما يتعلق بأحداث غيرت وجه مصر وأخرى لاتزال طى الكتمان بعد أن حاصرتها السرية، وأحاط بها الغموض، واكتنفها الصمت، إلى جانب عدة أحداث خطيرة تفرق دمها بين القوى السياسية واللاعبين على مسرح العمليات، الذين كان لكل منهم موقفه، إما بحسب قناعاته السياسية والأيديولوجية وإما وفق أجندات، بعضها معروف والبعض الآخر يحتاج إلى رحلة من البحث والتقصى بهدف الوصول إلى صناعها ومحركيها الأساسيين وأطرافها الدوليين، الذين أسهموا بشكل أو آخر، إن لم يكن فى صنع الأحداث، فعلى الأقل فى تحريكها وتأجيجها، وصب مزيد من الزيت على النار. ومن بين الأحداث التى غيَّرت وجه مصر، والتى توقف الفقيه الدستورى أمامها طويلاً، خطاب تنحى الرئيس الأسبق حسنى مبارك عن حكم البلاد، وهو الحدث الذى غيّر قواعد اللعبة السياسية فى المنطقة، وتسبب فى ميلاد لحظة جديدة من عمر مصر، وإعلان وفاة مخططات أخرى ظلت عدة قوى تحيكها لمصر فى الظلام على مدى عدة عقود. ويرصد المؤلف ثورة الشعب المصرى فى 30 يونيو، وقال إنه سجل صفحة جديدة من تاريخه مطعمة بالفخر والإعزاز للشعب الذى صحح مثار الثورة وأزاح النظام الذى استولى على مقعد الرئاسة بجرائم الرشوة والتزوير والبلطجة، واختطف الوطن بأكمله، مشيراً فى الوقت نفسه إلى خطورة الخلافات التى بلغت حد التآمر من جانب من سماهم «خفافيش الظلام والثورة المضادة والناجين من النار والهاربين من العدالة». وبرؤية مراقب وخبرة رجل قانون، يرصد الدكتور شوقى السيد، فى مؤلفه المهم، توابع وتداعيات زلزال الإعلانات الدستورية التى كان قد أصدرها الرئيس الأسبق محمد مرسى، ويخلص إلى أن القضاء الإدارى أرسى مبدأ مهماً، حين أكد أنه ليس من حق الرئيس إصدار أى إعلانات دستورية، معتبراً أن ما حدث لم يكن سوى اغتصاب للسلطة من جانب الرئيس الأسبق وجماعة الإخوان التى ينتمى إليها، تأسيساً على المخالفة الصريحة للمبادئ الدستورية. كما يخلص الفقيه الدستورى فى مؤلفه، الذى استعرض معظم الأحداث الكبرى التى شهدتها مصر خلال المرحلة الزمنية التى يؤرخ لها الكتاب، إلى أن مصر لن تتقدم من خلال الكلمات والأغنيات والهتافات، وأن معيار تقدم البلاد يجب أن يكون التذرع بالعلم والإيمان والعمل، إلى جانب إحياء الأمل واستشراف المستقبل وترسيخ القيم والأخلاق وتغليب المصلحة العليا للوطن على المصالح السياسية الضيقة. وبكلمات تحمل حباً للوطن وبقسوة جلاد لأعداء الوطن، حذر الفقيه الدستورى كل مسؤول فى هذه البلاد من عدم تحمل مسؤولياته السياسية والتاريخية، ودعا إلى أن يحمل كل منهم طائره فى عنقه، محذراً من أن الحساب سيكون عسيراً أمام الوطن والتاريخ الذى لن يرحم خائناً أو متخاذلاً، وسيظل يذكر من ضحى من أجل وطنه بعد أن قدم المصلحة العليا للبلاد فوق مصالحه الضيقة. وتطرق الفقيه القانونى إلى أهمية دور مجلس النواب، وشدد على أن جميع حقوق المواطن فى رقبة المجلس، كما تطرق إلى الانتخابات الرئاسية فى 2012، وقال إن التحقيقات الجنائية فى تزوير إرادة الشعب فى اختيار رئيس للبلاد فى 2012 كشفت الخطايا والجرائم التى لم تشهد مصر مثلها من قبل. وطالب المؤلف بالإصلاح القضائى العاجل، وحذر من غياب العدالة الاجتماعية، وانتقد تراشق الهيئات القضائية فيما بينها، وأعرب عن مخاوفه من أن تكون الفتنة وصلت إلى القضاء بمؤامرات مدبرة ومقصودة من خارج الجهات القضائية أو من داخلها.