ان الثورة المصرية لم تنساق وراء شخصية كاريزمية لتقودها او ايدلوجية سياسية لتتبعها او اى طائفة او فصيل سياسى تنحاز اليه لانها ثورة الشعب المصرى بكافة طوائفه على اختلاف افكاره و آرائه و هى لم تسعى لتحصل على مكاسب خاصة و تستأثر بالسلطة دون غيرها بل فتحت الباب و الآفاق للجميع حتى و لو لم يشارك فيها او يعمل من أجلها و لذلك فهى ثورة مبادئ غير طامعة فى شئ من سلطة او جاه او مال او ان تحصل على مغنم على حساب المصلحة العليا للبلاد لان اصحاب الثورة يتجردون عن تلك الامور فى سبيل بناء و تأسيس دولة عادلة قوية تعبر عن وزنها الحقيقى بين الدول فى مجتمع الاقوياء الذى لا يرحم الدول الضعيفة و لذلك فأن الثورة ارتكزت على مجموعة من المبادئ نسعى الى طرحها على الجميع ليفخر بها كل مصرى ويعمل على حماية تلك المبادئ حتى لا ننسى تلك المبادئ فى وسط الاحداث الدخيلة علينا والتى هدفها النهائى هو اجهاض الثورة و زعزعة امن و استقرار الوطن حتى لا تأتى علينا لحظة نقول فيها انه فى مصر لا يتغير شئ قبل أن تحل كارثة فإذا تغير هذا الشئ يتم إدراك التغير على أنه كارثة فالحفاظ على استمرارية تلك المبادئ امر ضرورى و حيوى فى تلك اللحظات الحرجة التى تمر بها مصر أول تلك المبادئ هى سليمة تلك الثورة فقد عبرت تلك الثورة عن غضبها فى وجه النظام المخلوع بطريقة سليمة حضارية أذهلت العالم و لم تشهر السلاح فى وجهه على الرغم من العدوان الشديد الذى قاده النظام السابق والذى ما يزال يقوده ضد الثورة فالاحتفاظ بسليمة الثورة و طهارتها امر مذهل فهى ليست ثورة عدوانية دموية مثل معظم ثورات العالم ولكنها ثورة تعبر عن مطالبها و تصر عليها بطريقة سليمة و السلام الاجتماعى الداخلى الذى يقود الثورة بين اطياف الشعب المصرى بكافة فصائله من مسلمين و مسيحيين رسالة تجهض اى فكر يريد للشعب المصرى الانقسام و الصراع الداخلى لشغل الدولة المصرية عن دورها الحقيقى فى المنطقة لقيادة العالم العربى مرة أخرى بعد غياب طويل لم تستطع ان تشغل فراغه اى دولة أخرى فى المنطقة مهما علا شأنها و لم تحمل الثورة اى شعارات عدائية ضد اى دولة أجنبية لترسل رسالة ضمنية ان مصر دولة سلام و تحافظ على التزاماتها الدولية ولكن فى نفس الوقت من يحاول ان يملى ارادته على تلك الثورة ويوجهها فى اتجاه معين بادعاء ايران انها ثورة على غرار الثورة الايرانية فأن الثورة لا تقبل تدخل اى دولة فى شأنها الداخلى و تعلن رفض ذلك على الاطلاق و عندما بدأ العدوان على قطاع غزة مرة أخرى بدأت تعبر عن غضبها من ذلك من خلال انزال العلم الاسرائيلى من على السفارة الاسرائيلية و رفع العلم الفلسطينى عليها بدلا منه فالثورة ترسل رسالة الى العالم اجمع انها ثورة تعبر عن روح الدولة المصرية و هى روح السلام و العدل و الاستقلالية السلام من خلال انها دولة لا تحمل العداء لاى دولة اخرى و العدل عن طريق رفضها للظلم الواقع على الشعب الفلسطينى والاستقلالية فهى لا تقبل التوجيه من اى دولة اخرى مثل ايران مع احترامها لها و فى نفس الوقت ترفض التبعية العمياء لدولة أخرى حتى و لو كانت الولاياتالمتحدةالامريكية ثانى تلك المبادئ هو مبدأ الرابطة المعنوية التى تجمع بين الحاكم و المحكوم و هى الرابطة التى تمكن من تقع عليه المسؤولية من الاستمرار فى السلطة من خلال الحفاظ على اركان تلك الرابطة و تلك الاركان هى ان تتمتع السلطة بالمصداقية فى أدائها و الثقة المتبادلة بينها وبين الشعب و الهيبة التى هى سياج القوة لتلك السلطة وعندما تفقد تلك الرابطة أحد العناصر المكونة لها يحدث شرخ عميق بين السلطة والشعب فعلى المجتمع ان يحافظ على تلك الرابطة المعنوية من أجل التأسيس لبناء دولة قوية بدلا من حدوث شرخ لا نعلم تداعياته او عواقبه الوخيمة على وطننا الغالى ثالث تلك المبادئ مبدأ الشرعية و المشروعية فأن الشرعية تعنى انه يتم اختيار السلطة برضا المحكومين و فى نفس الوقت فإن اى قانون يصدرمن تلك السلطة يكتسب مشروعيته لانه يأتى معبرا عن ارادة الشعب و غير متصادما مع ثوابت الامة وعندما يتم تطبيقه يطبق على الجميع دون محاباة لاحد على حساب آخر لتحقيق المساواة القانونية بين افراد الشعب فلا يعفى احد من العقوبة لماله او سلطته او نفوذه او قوته بل يطبق عليه القانون مثله مثل بقية افراد الشعب فهنا تكون مشروعية القوانين مستمدة من سلطة شرعية منتخبة من الشعب رابع تلك المبادئ مبدأ العدالة التى تعنى ان يحصل كل فرد فى المجتمع على نصيبه العادل فى الحياة الكريمة التى تضمن له توفير عمل مناسب و تكوين اسرة صالحة و تربية ابناء فى بيئة اجتماعية متوازنة و متماسكة خامس تلك المبادئ مبدأ الحكم الرشيد فهو يسعى دائما الى تحقيق العدل من خلال مشاركة المجتمع فى صناعة مستقبله عن طريق بناء مجتمع مدنى قوى و مستقل عن الكيان الرسمى للدولة و المؤسسات الرسمية لها دون اى تدخل للحكومة فى ذلك المجتمع لفرض خط اتجاه عام ملزم لابد ان يسير عليه وفقا لهوى تلك الحكومة لتحقيق اهدافها حتى و لو كانت مضادة لاهداف المجتمع لان المجتمع المدنى يمكن ان يكون رقيب على اداء عمل الحكومة و يعمل على ضبط الانحرافات و التجاوزات التى تحدث فى المؤسسة الحاكمة فمثلا تكون هناك نقابات للجريمة المنظمة مختصة بعمليات مافيا الاراضى التى عانت منها مصر خلال فترة الحكم السابق و ذلك لمحاصرة الفساد و التحكم فيه فلابد من وجود كيانات رقابية مستقلة عن الدولة غير رسمية الى جانب الكيانات الرسمية التقليدية و ايضا تكون تلك الاجهزة الرسمية تتمتع بالحصانة ضد التدخلات الخارجية وضمان خلوها هى نفسها من اى فساد فضلا عن ضرورة المراجعة المستمرة و تحليل النتائج و المردود لكل عمل و استنباط الأدوات و الوسائل لمكافحة أى انحرافات و ان عملية مكافحة الفساد يمكن ان تمتد للقطاع الخاص لحماية الاسواق من الاحتكار والتلاعب بالاسعار و حصول بعض المسؤولين فى الدولة على مزايا من القطاع الخاص من أجل تمرير مشروعات قوانين تحمى انحرافات ذلك القطاع و تجعلهم قادرين على الهروب من المساءلة باسم القانون و تصبح انحرافاتهم مشروعة بالقانون تلك هى بعض المبادئ التى لابد ان نحافظ عليها و نسعى الى تحقيق البعض الآخر بالتدريج و ارساء قواعدها فى تلك المرحلة الانتقالية التى تمر بها البلاد لننقل مصر الى مصاف الدول التى تتبنى فكرة بناء نظام ديموقراطى مبنى على مبادئ واعية قادرة على صنع مستقبل حضارى حر له خصائصه التى تميزه بحيث يصبح نموذجا يحتذى به فى دول أخرى تسير معنا فى نفس الاتجاه و خاصة دول المنطقة العربية لتعود مصر قائدة للعالم العربى الذى أصبح بلا قيادة تعبر عن مصلحة الشعوب العربية