من الأوانى المنزلية إلى هياكل الطائرات والسيارات والقطارات، هذا ما كان مخططا لشركة مصر للألومنيوم، ولهذا أطلق عليها لفظ «مجمع»، فمنذ قرر الرئيس جمال عبدالناصر إنشاء هذا الصرح الصناعى العملاق فى صحراء نجع حمادى، ليستوعب الطاقة الكهربائية الصادرة عن السد العالى، وليساهم فى تشغيل أيد عاملة فى صعيد مصر، وليكن مجمعًا يضم العديد من الصناعات التكاملية القائمة على معدن الألومنيوم، الذى تنتجه الشركة وتبيعه خامًا، دون إعادة تصنيعه مرة أخرى، ما يسمح بإنشاء العديد من المصانع التكاملية القادرة على استيعاب الأيدى العاملة فى الصعيد، والتى تسمح أيضًا بتصدير منتجاتها للخارج أو تقليل استيراد نظيراتها على الأقل، ما يوفر النقد الأجنبى للدولة. عشرات الملايين من الجنيهات كانت تحصلها شركة مصر للألومنيوم كأرباح سنوية، حتى عرف مؤشر أرباحها طريقه إلى الهبوط خاصة مع قرار رفع الدعم عن الطاقة، وهو ليس السبب الوحيد لتدهور صناعة الألومنيوم، رغم تحقيقها أرباحًا حتى الآن، فإهدار المال العام داخل المجمع له وجوه متعددة، سواء فى ماكينات بعشرات الملايين متوقفة عن العمل، وتدمير أصولها مثل مزارع الفواكه والمحاصيل والماشية والأغنام، وغيرها من أمور تهدد بقاء صناعة الألومنيوم فى مصر. 100 ألف مواطن يعملون فى ورش الألومنيوم فى ميت غمر فقط. 168 مليون جنيه شهريا قيمة استهلاك شركة «مصر للألومنيوم» للكهرباء. 28 ألف طن ألومنيوم إجمالى إنتاج الشركة شهريا. 3 ملايين جنيه قيمة مكبس خبث تم شراؤه فى 2011 لإجراء دراسة ولم يتم استخدامه بعد ذلك 8 مراكب تمتلكها شركة «مصر للألومنيوم» لتصدير منتجاتها واستيراد المواد الخام. 140.4 دولار قيمة استيراد الطن الخام من مادة الألومينا المستخدمة فى صناعة الألومنيوم. صناعة استراتيجية على حافة «الانصهار» صناعة الألومنيوم خلال زيارة قام بها وفد من نقابة المهندسين، العام الماضى إلى مجمع مصر للألومنيوم بنجع حمادى، قال نقيب المهندسين، طارق النبراوى، إن عدم دعم صناعة الألومنيوم، وعدم الوقوف إلى جانبها، يعد خيانة للوطن، وفى حديثه ل«المصرى اليوم» أثناء إعداد التحقيق، قال النبراوى إن «مجمع الألومنيوم هو إحدى أهم قلاع الصناعة الاستراتيجية فى مصر، فهو المجمع الوحيد الذى ينتج الألومنيوم، الذى يدخل فى أغلب الصناعات فى مصر، قبل أن تشتريه مصانع أخرى لإعادة تشكيله». ويضيف النبراوى فى تصريحات ل«المصرى اليوم»: «أثناء زيارتى للمصنع مع وفد من النقابة العام الماضى، تناقشت مع مجلس الإدارة، وكانت أهم المشاكل التى تواجههم هى ارتفاع أسعار الكهرباء، التى تعد عنصرًا رئيسيًا من عناصر إنتاج الألومنيوم، وهنا أطالب السيد رئيس الوزراء بالتعامل مع صناعة الألومنيوم بنفس الروح التى استمع بها لصناع الحديد، قبل أن يقرر خفض سعر الغاز، الذى يتم توريده لمصانعهم، أطالبه بالتعامل بالمثل وتخفيض أسعار الكهرباء التى يتم توريدها لمجمع الألومنيوم بنجع حمادى حتى يسترد عافيته ويعود للإنتاج كما كان». من جانبه، يقول المهندس نميرى عساى، مدير إدارة ال CNC (ماكينات حديثة تنتج قطع غيار) بالإدارة العامة للورش الإنتاجية، بشركة مصر للألومنيوم، ل«المصرى اليوم»: «للأسف يعتقد الكثير من المصريين بل من المسؤولين بالدولة أن الصناعة الأساسية بهذا الصرح العملاق هى الأوانى المنزلية، ووصل الأمر أن طالب البعض بغلق هذا المجمع الضخم من أجل توفير الكهرباء، فبعد رفع سعر الكهرباء عدة مرات، وأصبحت مصر ثانى دولة فى العالم فى سعر الطاقة الكهربية، اعتقد البعض أن إغلاق المصنع وتوفير الكهرباء هو أفضل للبلد فى الوضع الراهن».المزيد «ميت غمر»ثانى قلاع الألومنيوم.. تواجه شبح الإفلاس صناعة الألومنيوم منذ بداية إنشائها فى ستينيات القرن الماضى، والهدف من إنشائها أن تصبح إحدى قلاع الصناعة فى المنطقة العربية، غير أنه جاءت الرياح بما لا تشتهى السفن، حيث توقف نشاط شركة مصر للألومنيوم على إنتاج المعدن الخام وبيعه دون أى عمليات تصنيعية أخرى، كما كان مخططًا لها فى عهد الرئيس عبدالناصر، وتعمل الشركة على تصدير إنتاجها وكذلك بيعه لشركات مصرية خاصة تعمل على إنتاج الأوانى المنزلية والكابلات وغيرها، وكذلك عشرات الورش المنتشرة فى مدينة ميت غمر، التى تعد ثانى مدن مصر فى صناعة الألومنيوم بعد نجع حمادى، والمدينة الأولى فى صناعة الأدوات المنزلية من المعدن ذاته. يقول نائب رئيس غرفة الصناعات المعدنية باتحاد الصناعات، محمد المهندس: «مصنع الألومنيوم فى نجع حمادى هو الأب الشرعى للألومنيوم فى مصر بصفة عامة، وكنا نعتبره هرمًا رابعًا فى مصر، لكن للأسف الشديد مع مرور الوقت لم يطور نفسه ولو يوجد لنفسه بدائل للطاقة، ما أثر عليه بالسلب، ما انعكس على صناعة الألومنيوم كلها فى مصر، إلى جانب مشاكل أخرى مثل عمليات الإغراق التى كانت تتم للمنتجات النهائية المصنعة من الألومنيوم، والمستوردة من الخارج مثل دول جنوب شرق آسيا والصين فى المقام الأول وكذلك من تركيا».المزيد «مصر للألومنيوم».. إهدار الملايين فى معدات «معطلة» صناعة الألومنيوم تحت شمس صعيد مصر الحارقة، وتحديدًا فى مصنع مصر للألومنيوم بنجع حمادى، حمل العامل ذو البشرة السمراء ككل أبناء الصعيد، والأفرول الأزرق ككل عمال الشركة، كرتونتين على كتفه، يسير الرجل بخطوات متسارعة إلى جوار «مسبك 2»، وإلى جانبه أيضًا عدد من قطع الغيار المتهالكة، الملقاة فى شوارع الشركة، وكذلك ألواح ضخمة من الألومنيوم غير المطابق للمواصفات، الذى ينتظر صهره وإعادة تشكيله مرة أخرى. يستوقفه أحد زملائه ويسأله: «كراتين إيه دى؟»، فيرد العامل: «مزيل الصدأ». يضع العامل الكرتونتين على الأرض ويفتح إحداهما، ليخرج علبة «سبراى» مكتوبا عليها بالإنجليزية «tooimates crown»، مع إشارة إلى أنها «منظف مواد إلكترونية». يسأل الشخص العامل مرة أخرى، فى مقطع الفيديو، الذى حصلت «المصرى اليوم» على نسخة منه: «فى كتير منه»، ليرد العامل بالإيجاب، موضحًا أنها مازالت جديدة، ثم يعرضها عليه قائلًا: «عايز تاخدها خدها»، فيسأله مرة أخرى: «يعنى فى كميات كتير منها»، فيرد العامل بالإيجاب، ويرد الشخص: «خلاص ناخد طالما فيه كميات».المزيد إهدار المال العام داخل مجمع نجع حمادى ب«الأمر المباشر» صناعة الألومنيوم لم يكد ينتهى شهر ديسمبر من عام 2012، حتى أصدر رئيس الشركة القابضة للصناعات المعدنية، زكى بسيونى، قرارًا بتعيين السيد عبدالوهاب، رئيسًا لمجلس إدارة الشركة المصرية لبلوكات الأنود الكربونية، بعد أن كان قبل استقالته فى بداية الشهر ذاته، من رئاسة مجلس إدارة شركة مصر للألومنيوم، التى تولاها خلفا له عبدالظاهر عبدالستار، عضو مجلس إدارة «المصرية لبلوكات الأنود». قبل التاريخ المذكور بعامين، كان المهندس السيد عبدالوهاب على رأس اجتماع لشركة مصر للألومنيوم، وافق فيه مجلس الإدارة بالإجماع على المساهمة فى الشركة المصرية لبلوكات الأنود، بنسبة 20% من رأسمالها بما يعادل 32.451 مليون جنيه، وذلك بناء على الدراسة الفنية المقدمة من شركة المركز الدولى للتجارة والاستشارات الاقتصادية، التى تمتلك 25% من أسهم الشركة ذاتها، والتى كان رئيس مجلس إدارتها فى نفس التوقيت، يشغل منصب رئيس مجلس إدارة الشركة المصرية لبلوكات الأنود. وبحسب تقرير إدارة مراقبة حسابات الصناعات المعدنية، التابعة للجهاز المركزى للمحاسبات الصادر فى أكتوبر 2012، فإنه تمت ملاحظة أن «العنوان وأرقام التليفونات المدونة بالمراسلات الواردة من الوكيل- (شركة) المركز الدولى للتجارة والاستشارات الاقتصادية، ومثيلاتها للشركة المصرية لبلوكات الأنود واحدة».المزيد
