تدور في خاطري هواجس كثيرة .. تخيفني بل ترعبني وتملؤني حزنا وهذا الخوف بل الرعب والحزن مبعثه سؤال واحد الثورة إلى أين ؟ إلى أين نحن ذاهبون ؟ فخريطة المستقبل غامضة .. سماؤها ملبدة بالغيوم ... خطواتنا يعتريها التخبط الشديد فقد قامت الثورة لتغيير الوضع المتردي الذي كنا فيه فهل نحن نسير في الاتجاه الصحيح الذي ينتهي بنا إلى التغيير المنشود ؟ أعتقد أن الإجابة هي لا 0 فإلى أين يذهب بنا القائمون على الأمر ؟ لا ندري .... إنهم يسيرون بنا إلى حيث لا نعلم .... وهم يعلمون .. نعم يعلمون فقد تسلم المجلس الأعلى للقوات المسلحة مقاليد الأمور معتقدا أنه تسلمها من الرئيس السابق ، شاكرا له جميله وحسن صنعه على أنه قد تنحى عن الحكم حقنا لدماء أبناء شعبه ولكن الحقيقة غير ذلك الحقيقة أنهم تسلموا السلطة من صاحب السلطة ألا وهو الشعب الذي قام بالثورة وخلع الحاكم بل خلع النظام برمته فقد أودعكم الشعب رقابه أمانة في أعناقكم فماذا أنتم فاعلون بنا فعندما قامت الثورة أسقطت النظام وكانت النتيجة الطبيعية لذلك هي إسقاط الدستور المعمول به في البلاد وإعداد دستور جديد يكون هو الأساس الذي نبني عليه مصر الجديدة ... مصر الحديثة ولكن ما حدث غير ذلك فما لبث مجلسنا العسكري أن أمسك بمقاليد الحكم حتى أعلن عن تعطيله للدستور القائم وإجراء بعض التعديلات على حفنة من المواد لا تسمن ولا تغني من جوع وقد رأينا ما رأيناه في غزوة الصناديق من اختطاف للثورة وتزوير للإرادة وتوجيه لها على غير علم ( سواء توجيه من قالوا نعم أو توجيه من قالوا لا ) 0 فبعد هذا اليوم العصيب أعتقدت خطأ أن مجلسنا العسكري قد فطن إلى خطورة الأمر وأيقن أن ما يقدم عليه هو الخطأ بعينه 0 فحينما أعلن أن هناك إعلان دستوري سيصدر خلال أيام .. هللت وكبرت .... وقلت لنفسي لقد بدأنا نسير على الطريق الصحيح فقد أدرك القائمون على الأمر أنهم كانوا يسيرون في الاتجاه العكسي فقرروا أن يصححوا المسار – ولا عيب في ذلك – وأنهم سيصدرون إعلانا دستوريا يقضي بأن يتسلم مقاليد الحكم مجلس رئاسي انتقالي حتى لا نثقل كاهلهم بالسلطة ويعودون هم إلى ثكناتهم كما يريدون ، وأنه ستشكل لجنة تأسيسية لوضع الدستور الجديد الذي سيكون هو اللبنة الأولى في البناء والذي على أساسه ستوضع كل القوانين المكملة له والتي على أساسها سينتخب الرئيس ومجلس الشعب ......... غرقت في أحلامي وقلت لنفسي هكذا نبني مصر الجديدة ولكني استيقظت على كابوس مخيف .. مرعب .. فقد تمخض الجبل عن فأر فوجئت بإعلان دستوري ما أنزل الله به من سلطان .. إعلان دستوري أعرج ... لا بل كسيح ساعتها أيقنت أننا لن نبني مصر الجديدة ولا مدينة نصر ولا حتى عشش الترجمان ....! فما هذا التخبط الذي نحن فيه ؟ بداية تعطيل الدستور ... ثم تعديل لبعض المواد واستفتاء عليه ... ثم إعلان دستوري .... ! فما فائدة التعطيل ؟ لا أعلم .. ولماذا جرى الاستفتاء طالما أنه سيكون هناك إعلان دستوري ؟ لا أدري .. وإلى أين يذهب بنا هذا الإعلان الدستوري ؟ لا أعرف فقد ظننت – وأغلب الظن إثم وليس بعضه – أنه بعد ما جرى في غزوة الصناديق سيمهلنا المجلس العسكري الموقر فترة من الزمن لكي يتعرف البسطاء منا على حقيقة الوضع السياسي الذي نمر به 0 وأن يعرفوا ما هو الدستور وما هي القوانين المكملة وما هو قانون مباشرة الحقوق السياسية وما هو ... وما هو .... ظننت أنهم سيمهلوننا فترة كي نعلم أهلنا – وهذا حقهم علينا – كيف يعبرون عن إرادتهم حتى لا يغرر بهم أو تختطف منهم الإرادة كما رأينا في تلك الغزوة الأستفتائية ، ولهذا أعلنوا أنهم بصدد إصدار إعلانا دستوريا ولكن أغلب الظن أثم ...! فهذا الإعلان الدستوري الأعمى يحمل بين طياته الخبث الكثير فقد أبقى على المواد المستفتى عليها .. ثم أبقى على مجلس الشورى ..ثم أبقى على نسبة ال 50% عمال وفلاحين ..ثم أبقى على نسبة كوتة المرأة .. وأبقي أيضا على تعيين رئيس الجمهورية القادم لثلث أعضاء مجلس الشورى وعشرة أعضاء من مجلس الشعب ولا أستبعد أن يأتي قانون مجلس الشعب والشورى ويبقي على الانتخابات بالنظام الفردي التي ستذهب بنا إلى غزوة الصناديق الكبرى إنها المتاهة إذن ...! أليست الرؤية واضحة للجميع .....؟! لماذا تسيرون بنا في الاتجاه العكسي ؟! ألا ترون معي أننا نذهب إلى حيث لا ندري ..؟! رأسي تؤلمني .. ويزداد ألمي يوما بعد يوم قلبي يرتجف من الخوف من المستقبل المجهول فإلى أين نحن ذاهبون بثورتنا ؟! هل من مجيب ؟؟؟؟