كانت محافظة أسوان هى اختيار الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية USAID لينطلق منها مشروع «الغذاء للمستقبل بمصر لدعم الأمن الغذائى والأعمال الزراعية» FAS، وهو أحد مشروعات برنامج «التنمية الزراعية وزيادة الدخل الريفى»، الذى تموله الوكالة الأمريكية. وعلى هامش فعاليات إطلاق المشروع، أَجْرِت «المصرى اليوم» مع مديرة المشروع الأمريكية، ميللى جادبواه، هذا الحوار، الذى قالت فيه إن المشروع تعطل منذ 10 سنوات، وإن الوكالة تعمل على إحيائه، وإن الصعوبات فى مصر زادت بعد ثورة 25 يناير، وإنهم يتعاملون بصدر رحب مع تلك الصعوبات، وأضافت أنها لا تعرف سر تنامى شعور المصريين بكرههم للولايات المتحدة. ■ لماذا اخترتم إقليمى «وادى الصعايدة» و«وادى النقرة» فى أسوان لتنفيذ مشروعكم؟ - إقليما «وادى الصعايدة» و«وادى النقرة» من المشاريع الواعدة فى الزراعة واستصلاح الأراضى فى أسوان، وتم إنشاؤهما بالاتفاق مع برنامج الأغذية العالمى التابع للأمم المتحدة، والوكالة الأمريكية للتنمية الدولية، وعلى سبيل المثال، تبلغ مساحة مشروع «وادى الصعايدة» حوالى 24 ألف فدان، ويضم 6 قرى هى: «الشهامة، وعمرو بن العاص، والإيمان، والسماحة، والأشراف، والنمو»، بإجمالى 4028 منتفعا، بينما يبلغ عدد السكان 20 ألف نسمة، ونحن عملنا فى هذا المشروع منذ أكثر من 10 سنوات، ونجحنا فى توجيه المزارعين لزرع محصول الكنتالوب الذى تم تصديره وقتها بأعداد كبيرة ودر دخلا جيدا لهؤلاء المزارعين، وفى الوقت نفسه، وزع «برنامج الأغذية العالمى» سلة غذائية ربع سنوية، تتكون من دقيق القمح والعدس والزيوت النباتية والسكر، على كل منزل، لكن المشروع توقف منذ أكثر من 10 سنوات، لذا فكرنا: لم لا نعود لاستكمال مشروعنا فى «وادى الصعايدة» مرة أخرى وفى «وادى النقرة». ■ أثناء زيارتنا قرية «الشهامة» بإقليم «وادى الصعايدة» لاحظنا وجود شكاوى عديدة من جانب المواطنين بشأن عدم وجود مياه صالحة للشرب والزراعة واستعمالهم مياه الصرف الصحى، فضلا عن المشاكل الصحية والتعليمية، فكيف ستواجهون هذه المشاكل التى ستؤثر بالتأكيد على مشروعكم؟ - الحقيقة أننى أيضا سمعت عن وجود مشاكل من هذا النوع وأن السكان يعانون بشدة، وكما قلت لك، نحن كنا نعمل فى هذا الإقليم منذ أكثر من 10 سنوات، وحققنا نجاحا، لكن بعد توقفنا عن العمل به لم نعد نعرف ما يحدث هناك، وسأذهب لزيارة «وادى الصعايدة» ورؤية الأوضاع على الحقيقة. ■ هل ستتخذون موقفا لمساعدة هؤلاء الناس أو حل مشاكلهم أو حتى عرضها على الحكومة؟ - لا لن نفعل هذا، لأنه ليس ضمن مهام عملنا، نحن أتينا فى مهمة أخرى، وهى مساعدة المزارعين وإرشادهم وتحسين أوضاعهم. ■ ما آليات الوكالة لمراقبة ومتابعة المشروعات التى تمولها؟ - نحن نبدأ المشروع ونحاول إيجاد كل السبل اللازمة لإنجاحه، لكننا لا نضمن استمرارية نجاح المشروع بعد توقف المشروع، وعامة أنا لست مديرة الوكالة، ولا أعرف تحديدا كيف تتم متابعة المشاريع بعد توقفها. ■ المشروع يهدف لدعم الأمن الغذائى والأعمال الزراعية لتحسين أوضاع المزارعين.. أليست مشكلة استعمال مياه الصرف الصحى فى الشرب والزراعة تأتى ضمن أهداف المشروع؟ - كما قلت لك، هذه ليست مسؤوليتنا، ليس من وظيفتنا أن نحل هذه المشاكل أو أن نتصل بالحكومة لنحدثها عن هذه المشاكل، نحن لدينا وظيفة أخرى. ■ أنتم تعملون بالتعاون مع الحكومة المصرية والمحافظات فى مشاريع مختلفة، فما الصعوبات التى تواجهونها فى مصر؟ - أعتقد أن الصعوبات فى مصر زادت بعد ثورة 25 يناير، لكننا متفهمون هذا الأمر، فمن الطبيعى أن يحدث ارتباك فى أداء الحكومات بعد الثورات، لكننا نتعامل بصدر رحب مع هذه العوائق. ■ هل البيروقراطية فى مصر تؤثر على أداء عملكم؟ - لا أعتقد أنها المشكلة الوحيدة فى مصر، لكننا كما قلت لك لا نجعل هذه المشاكل تعوقنا عن أداء مهامنا، فمثلا نحن على علاقة جيدة بوزارة الزراعة منذ سنوات عديدة، وبشكل عام نجد ترحيبا واستجابة من الحكومة فى التعامل معنا. ■ ما النصيحة التى تقدمونها للحكومة المصرية لتحسين أدائها؟ - أنا لست فى وضع يسمح لى بتقديم نصائح، خاصة أننى حضرت إلى مصر منذ وقت قريب، بعد قضائى 4 سنوات فى نيروبى، لكننى أرى أن الحكومة المصرية تحتاج للتفكير بشكل أكثر عملية وتحررا، ويجب أن يكون هناك تقبل لكل الأشياء الجديدة والمختلفة، وعلى كل حال أرى أن الحكومة بشكل عام ترحب بنا وتحاول التعاون معنا. ■ من واقع تجربتك، ما الاختلاف بين مصر ونيروبى؟ - الحكومة فى نيروبى بالفعل بدأت اتخاذ وتطبيق خطوات إصلاحية واضحة، وفرضت العديد من القوانين الملزمة لتقويض البيروقراطية ومحاربة الفساد، بعكس مصر التى لاتزال تعانى من تلك المشاكل، وأعتقد أن التشابه يكمن فى أن الشعبين يريدان حياة ووضعا أفضل، يريدان أن يتقدما ولديهما الاستعداد للانفتاح على الآخر وتقبل الجديد. ■ ما تعليقك على الاتهامات الموجهة للحكومة الأمريكية بأنها ليس من مصلحتها تشجيع مصر على زراعة المحاصيل الاستراتيجية مثل القمح، فيما تشجع المزارعين الأمريكيين على زراعته، لضمان السيطرة على الشعب المصرى وفقا لمقولة: «إذا أردت السيطرة على شعب.. سيطر على غذائه»؟ - طبعا أسمع هذا الكلام، لكنه غير صحيح، لأننا إذا فعلنا العكس وشجعنا زراعة القمح فى مصر، فسيقولون إن نوايانا ليست طيبة، وإن وراءنا أهدافا خفية ونتدخل فى شؤونها ونريد أن نؤذى مصر، نحن متهمون من المصريين فى جميع الحالات، وأيا كان ما نفعله فلن يلاقى إعجاب المصريين، ولا أعرف سر تنامى الشعور بالكره من المصريين تجاه الولاياتالمتحدة؟! ■ هل تحاولون فعل شىء لمواجهة هذه الاتهامات وتحسين صورة الولاياتالمتحدة؟ - لا أعرف هل هناك خطة لهذا أم لا من قِبَل الحكومة الأمريكية، وأنا لست بصدد الحديث بالنيابة عن الحكومة الأمريكية، خاصة أننى جئت مصر منذ مدة قصيرة، وبشكل عام نحن ماضون فى عملنا بكل حزم، ولا ننظر إلى هذه المعوقات. ■ فى 2013، قالت المديرة السابقة للوكالة فى مصر، مارى أوت، إن الفساد يقوض التنمية فى مصر، فما تعليقك على هذا الكلام؟ - لا أستطيع تحديد نسبة الفساد حاليا فى مصر، وليست لدىَّ فكرة عما إذا كانت قد زادت أم انخفضت، لكن نسب الفساد موجودة فى كل دولة، فمثلا رأينا فيلم «سبوت لايت» الأمريكى، الذى فاز بجائزة «أوسكار» أحسن فيلم هذا العام، يتحدث عن أنه كان يتم منع نشر تحقيق عن قضية رأى عام، وهذا هو الفساد فى رأيى، وكيف أن صحيفة «بوسطن جلوب» الأمريكية حاولت محاربة هذا الواقع الفاسد، ونجحت فى النهاية، وهذا ما يفعله بعض الصحفيين فى مصر حاليا.