لا يستطيع منصف أن يسلب المجلس الأعلى للقوات المسلحة حقه المشروع كحام لثورة هذا الشعب، وربما شريك فيها على الأقل بهذه الحماية، وهذا الحسم فى الاختيار الذى انحاز مباشرة ودون مواربة ومنذ اللحظة الأولى لميدان التحرير. هذا الجيش الذى لم يطلق رصاصة واحدة لحماية النظام أو محاولة منحه قبلة حياة بعد أن أصدر الشعب حكمه النهائى برحيله، يجب ألا يكون هدفاً للهجوم أو التأثير فى عزائم ضباطه وجنوده الذين تحملوا أمانة هذا الوطن بشرف، ويبدو من كل ظواهر الأمور أنهم متجهون لتسليم تلك الأمانة فى أسرع وقت. لابد، إذاً، أن ندرك جميعاً أن وقوع «فتنة» بين الشعب والجيش هو خطر فادح، وأن ضمان عدم الانزلاق إلى هذا المنحدر يظل فى التمسك بمعادلة «الشعب يريد والجيش يحمى إرادته»، وعندما تدعوك «المصرى اليوم» ألا تنجر وراء هجوم على الجيش قد يحدث وقيعة وفتنة، لا تدعوك فى الوقت نفسه لتقيد حقك فى التعليق على الأداء السياسى بالشكل الذى يصون كرامة الجميع. لكن قبل أن تفرط فى تعليقاتك وانتقاداتك لابد أن تراعى أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة أكد فى كل مناسبة التزامه بتطهير البلاد من رموز الفساد جميعهم، لكن ذلك من المؤكد أنه يحتاج إلى وقت بالمقارنة ب43 ألف بلاغ أمام النائب العام حالياً، وعلى الرغم من ذلك فقد بدأت المحاكمات والتحقيقات فعلياً مع جميع رموز النظام السابق الذين تشوب حولهم شبهات الفساد المالى والسياسى. إيماننا بأن الجيش هو ضمان لحماية الثورة والحفاظ على مكتسباتها، وهو أيضاً ضمانة عدم نجاح أى محاولة ل«الثورة المضادة» فى الالتفاف على حقوق الشعب - هو الذى يدعونا لتوجيه هذه الدعوة. لتكن «جمعة التطهير» هى «جمعة تحفيز» للجيش على مواصلة العمل الجاد والسريع لتحقيق مطالب الشعب، وليست «جمعة الهجوم» على الجيش ومحاسبته، فالوطن يحتاج شعبه الحارس لثورته ويحتاج ظهره الصلب الذى يحمى إرادة هذا الشعب، ويضمن سلامة بلوغه لآماله، ومادام هناك اتفاق على الهدف القريب فلنمد أيدينا ليساعد كل منا الآخر، وليبق شعار «الجيش والشعب إيد واحدة» متجسداً على أرض الواقع.