مساء الخير على الجيل الكبير، انتم الخير و البركة. أنا اسمى أحمد و إسمى الحركى بهظ، واحد من الشباب اللى طلعوا يوم 25؛ شاب و بس لا قيادة و لا يحزنون. أنا كاتب مجموعة من المقالات علشان الجيل اللى أكبر مننا بيتسائل دائما عن الطريقة التى يفكر بها الشباب، فدى محاولة شخصية جدا لتوصيل الطريقة التى يعمل و يفكر بها الشباب. سأحاول ان افعل هذا بلغتكم و ليس بلغتنا – فرغم ان كلاهما عربى إلا إن لغتنا تختلف فى أسلوبها عن لغتكم - المقال ده محاوله لبدء حوار صحى بين الأجيال المصرية، بما أننا بدأنا صفحة جديدة و نبنى وطن جديد، سأقوم بتقسيم الموضوع على عدد من المقالات التى أرجو فيها ان تحيطوا علما بكيف يفكر الشباب، و لماذا. قل عصر المعرفه و لا تقل عصر المعلومات لكى تفهم كيف يفكر الشباب، يجب أولا أن تدرك العصر الذى نعيشه. فنحن الان نعيش ما يسمى بعصر المعرفة. فالبشريه بدأت بالعصر الحجرى و استمر الى الاف السنين، و بعدها العصر الزراعى و استمر هو الاخر الاف السنين ايضا، ثم الثورة الصناعية من القرن السادس عشر الى القرن التاسع عشر، و تلاها عصر المعلومات (و لم يستمر أكثر من مئه عام )... و خلافا لما قد تظن فنحن الأن فى عصر جديد بدأ منذ حوالى خمس الى عشر سنوات و هو عصر المعرفة. و شتان الفارق بين عصر المعلومات و عصر المعرفه، ففى عصر المعلومات كنا نهتم بالمعلومات و كيف نحصل عليها... و من هنا بدأ الحاسب الالى و شبكة الانترنت تلعب دورا كبيرا فى هذا المجال حتى أستطعنا ان نجعل جميع المعلومات متوفرة. فبدأ عصر المعرفه الذى بدأ ينصب أهتمامه بكيفية تنظيم المعلومات التى حصلنا عليها لأنتاج معرفه جديدة. فالسمه الاساسية لعصر المعرفه هى التراكم الأسى للمعلومات، بمعنى أن المعلومات تتضاعف سنويا، و التضاعف كمبدأ يختلف عن التراكم، فعملية التضاعف تصل مع الزمن الى أرقام لا نهائية فى كبرها. هل سمعت قبلا عن العالم الذى طلب من الملك ان يعطيه خردل أرز عى احد مربعات لوحه الشطرنج و يضاعفها له فى المربع الذى يليه ثم يضاعفها له فى المربع الذى يليه و هكذا حتى تنتهى لوحه اللعب ... استهزء الملك بالعالم و بطلبه و كانت النتيجه انه أفلس و لم يسدد دين العالم، فالملك كان عليه ان يسدد ما مقداره (4,611,686,018,427,387,904)- (أربعه كونتيليون خردل أرز- و هو أربعه و بجانبها 18 صفر) فى المربع قبل الأخير ثم يقوم بمضاعفه هذا الرقم فى المربع الأخير. هل تدرك الان يا اخى الأكبر قوه التراكم الأسى للاشياء، نفس الشئ يحدث للمعلومات الان، ففى عام 2010 فقط تم انتاج معلومات جديده حول العالم تساوى حجم الانتاج البشرى بالكامل منذ بدء عمليه تدوين التاريخ حتى نهايه عام 2009 ، و نحن الان فى عام 2011 من المتوقع ان يستمر الانتاج المعرفى البشرى فى التضاعف فنحصل فى نهايه العام على حجم معرفه يساوى كل حجم المعرفه منذ بدايه التاريخ و حتى نهايه العام 2010 ... بمعنى ان لو كان عدد الكتب التى تم كتابتها منذ بدء التاريخ حتى نهايه 2009 هو 100 كتاب ... ففى 2010 وحدها تم انتاج 100 كتاب جديد ... و من المتوقع ان يتم انتاج 200 كتاب فى 2011 وحدها. فى عصر المعرفه لم يعد انتاج المعلومه على قدر أهميه الوصول اليها، فغالبا المعلومه موجوده و لكن المهم هو كيف نصل اليها ، و هذا ما تقوم شبكه الأنترنت بعمله بكفائه. هذه هى السمه الرئيسيه للعصر الذى نعيشه –عصر المعرفه- فبالتالى استاذ الجامعه الذى لا يطالع المستجدات من الانتاج العلمى الجديد سيكون مثل طالب الابتدائى امام طالبه الذى يتابع العلوم الحديثه اولا بأول .. و هنا يكمن الفارق فالشباب و إن كان لا يدرك هذا التنظير و لكنه يجيد استخدامه .. فهو متابع جيد لكل ما يحدث حوله من مستجدات و يتنظرها بشغف و هو ما يجعله بالتأكيد يتفوق على استاذه فى كثير من الاحيان. التراكم الأسى للمعرفه يجعل التنبؤ بمستقبل العمل اشبه بالمشى فى شوارع اليابان لاول مره و بدون خريطة للبحث عن محل قصب مصرى، و هذا ما يجعل النظر فى السياسيات المكونه للتعليم ضروره ملحه، فمثلا لك ان تعلم ان 70% من الوظائف الموجودة فى الولاياتالمتحدة فى عام 2010 لم تكن موجودة فى عام 2006 .. بمعنى انه كان يتعين على المدرسين فى الجامعات ان يعدوا الطلبة لنوعية وظائف لم تكن موجوده وقت دخولهم الجامعه !!! هذه السمات هى التى تشكل فى عقل الشباب النهم للمعرفه ... فهم يدركون انه و قبل اى شئ مفتاح النجاح فى الحياة هو مقدار ما تمتلكه من متابعه جيدة للتطور من حولك و قدرتك على الوصول السريع للمعلومات و لا يهم إمتلاكها.. فلا يهم اليوم ان كنت محترفا فى لغه البيزك (لغه برمجة للحاسب الالى) التى قامت انظمه التشغيل على اكتافها .. بل المهم هو ان تعرف كيف تبرمج الأي فون لكى تجد عملا ... الشباب يدرك ان مفتاح التقدم هو المعرفه و فى هذا لا يختلف عن الجيل الاكبر منه و لكنه فقط يستخدم ادوات اكثر ذكاء.