سعر الدولار أمام الجنيه المصري اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025    أسعار الخضراوات والفاكهة اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025    إعلام إسرائيلي: «هدنة غزة» مشروطة بنزع سلاح الفصائل الفلسطينية    البرلمان الفنزويلي يعلن مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان شخصا غير مرغوب فيه    رويترز: الجيش الإيراني أجرى استعدادات لزرع ألغام في مضيق هرمز    مدير وكالة الطاقة الذرية: تأكيد الهجوم على محطة زابوروجيه سيكون غير مقبول    راموس: نتقبل الهزيمة من دورتموند برأس مرفوعة    كريم رمزي يكشف تفاصيل عقد يانيك فيريرا مع الزمالك    مريض نفسي.. سقط من شرفه منزله بالمحلة الكبرى    سبب وفاة المطرب أحمد عامر.. وموعد تشييع الجنازة    وزير السياحة يبحث خطة تطوير مسار رحلة العائلة المقدسة في مصر    محافظ البحر الأحمر يكشف تفاصيل حادث «حفار السويس»    وزير الخزانة الأمريكي: مجلس الاحتياطي قد يخفض الفائدة في سبتمبر    الداخلية تنفي مزاعم الإخوان بشأن الترحيل القسري والانتهاكات بمراكز الإصلاح    مدرسة الطاقة الشمسية 2025 بعد الإعدادية.. فرص توظيف (شروط وتنسيق وأماكن التقديم)    رئيس برلمانية المصري الديمقراطي: نرفض قانون الإيجار القديم.. ونطالب بحذف المادة الثانية    لميس الحديدي: شيرين غنت «بلاي باك» وجمهور موازين انزعج    رئيس جامعة المنيا يجري جولة على المستشفيات الجامعية بعد منتصف الليل    أسعار السجائر الجديدة بعد زيادتها 12%.. والتعديلات الكاملة رسميًا    آخر ما كتبه المطرب أحمد عامر قبل وفاته بساعتين    إعلام مسؤول    "بعد المونديال".. 7 صور لخطيبة مصطفى شوبير أثناء انتظاره في المطار    الكشف الطبي على المتقدمين لانتخابات الشيوخ في مستشفى الفيوم- صور    هل تزوجت سمية الخشاب في السر؟.. الفنانة تجيب    لحظة بلحظة.. بروسيا دورتموند ضد مونتيري 2-1    دورتموند يضرب مونتيرى بثنائية جيراسى فى 10 دقائق بمونديال الأندية.. فيديو    احتفال أبيض.. لاعبو الزمالك يشعلون أجواء زفاف محمد شحاتة    تجهيز مركب بحرى يقل غواصين للبحث عن 4 مفقودين فى غرق حفار بترول جبل الزيت    محافظ كفرالشيخ يجري جولة ويلتقى المصطافين ويستمع لملاحظاتهم حول مشروعات التطوير    "بوليتيكو": الولايات المتحدة توقف بعض شحنات الصواريخ والذخائر إلى أوكرانيا    التشكيل الرسمي لمباراة بوروسيا دورتموند ومونتيري في مونديال الأندية    وزير المالية فى اليوم الأول لمؤتمر التمويل من أجل التنمية بأسبانيا: لا بد من التعاون والتنسيق على كافة المستويات    الصحة: 4 وفيات و22 مصابًا في حادث غرق بارجة بخليج السويس.. ونقل المصابين جواً إلى مستشفى الجونة    بكام طن الشعير؟ أسعار الأرز اليوم الأربعاء 2 يوليو 2025 بأسواق الشرقية    الكشف الطبي على المتقدمين لانتخابات الشيوخ 2025 بمستشفى الفيوم العام.. صور    مسلسل حرب الجبالي الحلقة 29، حرب ينتقم لوالده ووالد ثريا في أزمة    حالة الطقس اليوم الأربعاء، انخفاض طفيف بدرجات الحرارة وارتفاع الرطوبة    هل يجوز شرعًا صيام «عاشوراء» منفردًا ؟    هاشتاج #ارحل_يا_سيسي يتفاعل على التواصل مع ذكرى الانقلاب على الشرعية    ملف يلا كورة.. تفاصيل عقد فيريرا.. رحيل ميدو.. وتأهل ريال مدريد    مقتل مسن طعنًا على يد نجله في الدقهلية بسبب خلافات أسرية    ترامب: لا أفكر في تمديد مهلة الرسوم الجمركية التي تنتهي 9 يوليو    بعد تصدرها التريند وخلعها الحجاب.. من هي أمل حجازي؟    4 أبراج «بتتوقع الكارثة قبل ما تحصل».. أقوياء الملاحظة إذا حذروك من شيء لا تتجاهل النصيحة    المجلس الأعلى للجامعات يعلن البرامج الجديدة بالجامعات الحكومية..تعرف عليها (الرابط)    من دعاء النبي.. الدعاء المستحب بعد الوضوء    6 مستشفيات.. وكيل صحة الشرقية يتابع أعمال الكشف الطبي لمرشحي الشيوخ بالزقازيق    نشرة التوك شو| أحمد موسى يهاجم الحكومة.. والبحر المتوسط يواجه ظواهر غير مسبوقة    إيران تدرس شراء مقاتلات صينية متطورة (تفاصيل)    وكيل صحة دمياط يتابع استعدادات الكشف الطبى على مرشحى مجلس الشيوخ    أمين «البحوث الإسلامية»: الهجرة النبويَّة تأسيسٌ لمجتمع قيمي ينهض على الوعي    بالصور.. محافظ بورسعيد يشهد حفل زفاف اثنين من أبطال ذوي الهمم    حادث غرق الحفار إد مارين 12 .. التفاصيل الكاملة    مهرجان إعلام 6 اكتوبر للإنتاج الإعلامى يكرم الفنان الكبير محمد صبحي وإبداعات طلاب كليات الإعلام    وفد من وزارة الشباب يستقبل رئيس الاتحاد الدولي للخماسي الحديث    هل يحق للزوجة طلب مسكن مستقل لضمان استقرار؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي: وسعوا على أهاليكم في يوم عاشوراء كما أوصانا النبي    بدء التشغيل الرسمي لمنظومة التأمين الصحي الشامل في محافظة أسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نافذة صباحي (ويندوز 4)
نشر في المصري اليوم يوم 12 - 03 - 2021


(1)
قالت معذبتي قولها المتكرر: سايب المصايب اللي بتحصل في البلد، وقاعد رايق تكتب مسلسل عن النوافذ، وتستظرف بمذكرات جدك الحجري؟
خجلت من «الروقان» وقلت: إنها الحرب.. سأكتب مقالا ناريًا عن «لعنة الزند في بلاد العند» كما رواها الأقدمون والمحدثون، أو «استحالة العدل تحت إدارة الندل» كما جاء في كتاب القاضي محمد بن عبد المنعم بن أحمد السحيمي، ولما وقعت واقعة الشاويش ضد ورقة جاويش، قلت: هذا دربي.. هذا أفضل، لكن الحوداث توالت كالسيل، والنوازل لم تترك لي فرصة لالتقاط أنفاسي: مركب تغرق بصياديها، وقطار يدهم سيارة بمن فيها، وبلد صار عاليها مثل واطيها، وبينما أنا مذهول وحائر وسط هذه المتيهة (مشوها كده لزوم القافية)، إذا بي أسمع صوت هاتفٍ يخاطبني بالبرتغالية (أي والله بالبرتغالية): «آه لو كانت حياتنا وقوفًا أبديًا أمام النافذة، آه لو استطعنا أن نبقى هناك إلى الأبد مثل سحابة تحلق عاليا وتلون الأفق».!
أفقت من ذهولي، متمسكا بالبشارة، بينما تهلل فرحًا وجه مولانا الشاعر الحكيم فرناندو بيسوا وهو ينهي قولته ويختفي داخل سحابة وردية، فقلت: إذن هي النافذة.. لا تراجع عن النافذة.
(2)
في الرسمة المنشورة لإسلام جاويش أشاهد شخصًا في الداخل المضئ يطل على عالم مظلم، وفي الرسمة غير المنشورة التي أحتفظ بها في خيالي لحمدين صباحي، شاهدت نافذةً وحيدةً مضيئة، وسط آلاف البيوت والبنايات الغارقة في ظلام المدينة، تحت سماء سوداء لا يكسر عتمها سوى «قمر أخضر». كان حمدين ساهرا يتأمل الليل الساكن وعيناه مأخوذتان إلى مستطيل من النور في بناية معتمة بعيدة، شغله كثيرا ذلك الساهر البعيد.. ترى فيم يفكر؟، وماذا يمنعه من النوم؟، تحول السؤال إلى نوع من «الونس» مع ساهر غامض لا يعرف عنه أي شيء، وتحولت نافذة الضوء في الليالي التالية إلى رفيق أمل، وشراكة يقظة، وأمل في فجر آتٍ، وشمسٍ قادرة على محو العتمة وجلب النهار الذي يوسع مجال المشاركة ليتسع لملايين بدلا من رفقاء السهر القليلين في نوافذ الانتظار.
(3)
في ذلك اليوم من سنوات الثمانينات، كنت أنظر إلى اللوحة بدهشة وأنتقد استخدام اللون الأخضر في رسم القمر، لكن حمدين يضحك ويقول: لقد رسمت لوحة أخرى بشمس خضراء.
سألته مستنكرًا: وهل الشمس خضراء؟.
قال أحبها خضراء.. أحب كل شئ أخضر.
يومها لم أقتنع، وقلت له ضاحكا: عموما دي نصيحة لمصلحتك، لكن واضح إنك مش حريص على مستقبلك التشكيلي، ضحك حمدين، وتصورت أن شمسه الخضراء مزحة يبرر بها عدم احترافه للرسم، وبعد سنوات تأملت النصائح الكثيرة التي كان حمدين يهملها من أصدقائه بالرغم من أنها في مصلحته، وتأملت أيضا النصائح التي يقبلها باقتناع ولهفة، ووجدت أنه لا يقبل نصيحة في مصلحته إلا إذا كانت في مصلحة الناس، وقد يرفض ما ينفعه لو لم يكن ينفع الناس، لذلك عدت بذاكرتي إلى ذلك الموقف وتلك الليلة، لأعيد فهمها مجددا في ضوء نافذة إسلام جاويش
(4)
كان حمدين يسكن في شقة صغيرة على نيل القناطر الخيرية، وفي تلك الليلة زاره ابن عمه «علي» الذي يدرس الفنون الجميلة، وبعد نقاشات الفن والسياسة على صوت الموسيقى دخل «علي» لينام، وسهر حمدين وحيدا، عندما راودته علبة ألوان «علي» عن نفسها، فشعر برغبة في التعبير بالرسم على الورق، لم يكن يفكر في القواعد الاحترافية ومحاكاة الواقع بقدر ما كان يعبر عما بداخله، ولما كان حلم صباحي أخضرًا، فلم يجد غضاضة في أن يكون القمر أخضر، والشمس خضراء، وأن يظل يحلم دائما ببيت تطل نافذته على الأخضر. فكل من يعرف حمدين عن قرب يعرف أن الأخضر ليس مجرد لون يحبه، لكنه هدفُ في الحياة.. إنه فردوسه المنشود، ونافذته المضيئة في صحراء الواقع.
(5)
عندما شاهدت بالأمس نافذة إسلام جاويش، كأنني شاهدت الطرف الآخر من «نافذة صباحي».. النافذة من الداخل، حيث يقف الرفيق الذي فكر فيه حمدين كثيرا متأملا في نقاط قليلة مضيئة ربما بينها نافذة صباحي نفسها، وقمره الأخضر، وساهرون آخرون من سكان النوافذ، لا يعرفهم في الواقع جاويش ولا صباحي، ربما تكون أنتَ، أو تكونين أنتِ من بينهم، لهذا فأنا عندما اخترت أن أكتب من النافذة وعن النافذة لم أكن أغيب عن الواقع، ولم أكن بعيدا عن القضايا المسفوح دمها في حلبات الأخبار، واستعراضات الكلام، لكنني كنت أفكر بهدوء يناسب الساهرين، بعيدا عن ضجيج النهار، كنت أهمس لتسمعني بعقلك قبل أذنك، وبقلبك قبل عقلك.
لهذا اسمح لي أن أواصل معك غدا حديث النوافذ من جديد بفهم أعمق وبحب أقوى.
................................................................................................
(طلة)
«في هذه الغرف المظلمة
قضيت أيامًا ثقيلة
أتحرك مثل البندول جيئة وذهابا
باحثًا عن نافذة»
(قسطنطين كفافيس)
جمال الجمل
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.