في كل موسم عودنا البرميرليج على ظهور فريق أو أكثر بشكل متميز، لينطبق عليهم مصطلح «الحصان الأسود»، وهو المصطلح الذي يطلق على مفاجأة الموسم. ليستر سيتي ضرب كل قواعد العقل والمنطق خلال هذا الموسم، بعدما حوَّل نفسه من فريق مرشح للهبوط للدرجة الأدنى، إلى منافس على لقب البرميرليج بعد انقضاء الدور الأول للمسابقة، معلناً حلول الفريق في المركز الثاني، وحافظ على هذا المركز مع انطلاق فعاليات الدور الثاني. قصة ليستر سيتي قد تبدو خيالية للعديد، فهذا الفريق كان يحتل مؤخرة الترتيب في نفس التوقيت الحالي من الموسم الماضي، وكان الفريق قريبا من الهبوط حتى الجولات الأخيرة من البطولة في الموسم الماضي، قبل أن يقدم ما يعرف ب«الهروب الكبير»، وينجح في البقاء بالبطولة في الرمق الأخير. بداية موسم الإعداد شهدت رحيل واحد من أهم أسلحة الفريق وهو الأرجنتيني إستبان كامبياسو، ومن بعده جاء القرار المثير للجدل بإقالة المدرب نايجل بيرسون بسبب خلافه مع إدارة الفريق، وعليه تمت إقالة المدرب ومن بعدها تم استقدام المدرب المخضرم كلاوديو رانيري. سمعة رانيري لم تغير من اعتبار الفريق مرشحا للهبوط، خصوصاً أن سجل المدرب السيئ مع الفرق الكبرى في إيطاليا وإسبانيا، بل وفي إنجلترا أيضاً (مع تشيلسي) جعل العديد من المحللين والصحفيين الرياضيين يرشحون الفريق للهبوط مع القيادة الفنية للإيطالي. موسم انتقالات الفريق لم يشهد قدوم أي أسماء مميزة، أيضاً مباريات الفريق التحضيرية للموسم لم تشهد أي مستويات مبشرة، بالإضافة لانتقاء خصوم في غاية السهولة من الدرجات الأدنى للبطولة. بداية الموسم جاءت بشكل ساحر للفريق، واحتل أداء الفريق المميز عناوين الصحف الإنجليزية، فالفريق بدأ الموسم بتحقيق الفوز في أول مباراتين، ثم تعادل في المباراتين التاليتين بعد أن كان متأخرا في النتيجة ليحتل الفريق المركز الثالث في جدول الترتيب بعد مرور 4 جولات من البطولة. الجولة الخامسة شهدت واحدة من أشهر مباريات الفريق في الموسم الحالي عندما حول تأخره بهدفين نظيفين أمام أستون فيلا إلى انتصار بثلاثة أهداف مقابل هدفين في 19 دقيقة فقط بداية من الدقيقة 70، وقتها أيقن الجميع أن ليستر سيتي لن يكون بالفريق السهل أبداً. ليستر سيتي تعرض لأولى هزائمه في الجولة السابعة عندما تعرض لهزيمة ثقيلة أمام أرسنال بخمسة أهداف مقابل هدفين، ثقل الهزيمة وهشاشة الفريق الدفاعية الواضحة أعطت للجميع تصورا أن الفريق سيبدأ في مرحلة الانهيار. ليستر سيتي انطلق من بعد هذه الهزيمة الثقيلة وحقق 8 انتصارات في 10 جولات، وتعادل في المباراتين الأخيرتين، ليجد الفريق نفسه بعد 17 جولة على صدارة الترتيب على حساب كبار البرميرليج، وأصبح الجميع يتساءل: هل يفعلها الثعالب حقاً؟. ليستر سيتي فشل في الفوز في آخر جولتين من الدور الأول متلقياً هزيمته الأولى خارج ملعبه في الجولة 18 أمام ليفربول، قبل أن يتعادل سلبياً في ختام الدور الأول أمام المرشح الأول للبطولة، مانشستر سيتي، وبالرغم من ذلك الفريق لم يبتعد عن القمة، لكنه حل ثانياً بسبب فارق الأهداف فقط. أداء ليستر هذا الموسم تميز في الشق الهجوميً، فالفريق نجح في التسجيل في أول 17 جولة متتالية من بداية الموسم، لم يفشل في التسجيل في أي مباراة إلى أن وصل إلى الجولة ال18، ووصل إجمالي أهدافه إلى 37 هدف ليصبح ثاني أكثر الفرق تهديفاً في المسابقة متفوقاً على أسماء كبيرة مثل أرسنال ومانشستر يونايتد وتشيلسي وليفربول. الفريق أيضاً قدم أسماء متميزة هذا الموسم، هيمنت على الأسماء الكبرى أصحاب الملايين في البطولة الأضخم والأغلى في القارة والعالم كله. ليستر سيتي قدم جيمي فاردي، هداف البطولة الحالي برصيد 15 هدفا، واللاعب الذي حقق رقما مميزا هذا الموسم عندما نجح في التسجيل في 11 مباراة على التوالي ليصبح أول لاعب في تاريخ البرميرليج يحقق هذا الرقم. كذلك الفريق قدم الجزائري رياض محرز، اللاعب الذي سطع اسمه هذا الموسم على حساب لاعبين أمثال ادن هازارد وألكسيس سانشيز ودافيد سيلفا. رياض محرز ابن الجزائر والنجم العربي المتألق سجل هذا الموسم 13 هدفا، وصنع اللاعب 7 أهداف لزملائه، وأصبح أول عربي في البرميرليج يسجل «هاتريك»، في فوز الفريق على سوانزي سيتي بثلاثية نظيفة في الجولة 15. هذا الثنائي هو ألمع ما قدمه الفريق، اللاعبان سجلا للفريق إجمالي 28 هدفا من أصل 37 هدفا سجلها الفريق مع نهاية الدور الأول. نجولو كانتي وهو لاعب وسط فرنسي غير معروف، انتدبه المدرب رانيري خلال موسم الانتقالات الصيفية ويقدم مع الفريق أداء مثاليا في دور لاعب الوسط الدفاعي، واللاعب يحتل مراكز القمة بين لاعبي الوسط بالبطولة من حيث قطع الكرة والتدخلات الناجحة وكل الإمكانيات الدفاعية التي يتطلبها مركزه. دور المدرب رانييري كان واضحا مع الفريق من خلال النتائج والأرقام الهجومية، لكن المدرب أيضاً أشعل روح وحماس الفريق في الملعب، ففريق ليستر هو أكثر فرق البطولة تداركاً للنقاط، ونجح في تحقيق 10 نقاط من وضعية المهزوم، ومن هنا يبرز دور المدرب في تحفيز وتشجيع لاعبيه، بالإضافة لتدخلات التكتيكية المتميزة. ليستر سيتي بدون أدنى شك هو أكبر مفاجأة شهدها البرميرليج منذ بداية المسابقة في موسم 92/93، والفريق الأن بعد مرور 19 جولة أثبت للجميع أنه ينافس على اللقب ويستحق هذه السمعة بأدائه ومستوياته المميزة.