عندما انتفضت الشعوب العربية فى ثورتها ضد الحكام العرب و الاستبداد عن بكرة أبيها أقلق ذلك مضاجع الغرب و اسرائيل خوفا من ان تعود فكرة الوحدة العربية فى جسد واحد و عندما انفجرت الثورة التونسية ألهمت الشعوب العربية الاخرى و انتظر تلك الشعوب مصر لانها قلب العالم العربى و عندما نجحت الثورة المصرية فى الاطاحة برأس النظام السابق دفعت الشعوب العربية الصامتة لتعبر عن إرادتها الحرة فى وجه الحكام العرب و كانت تعلن رفضها لكافة السياسيات التى تتبناها حكومات الدول العربية التى تجعلها تابعة للغرب و منساقة الارادة لارادة الغرب و تحقيق اهدافه و مصالحه ثم تعالت اصوات الشعوب العربية التى نجحت ثورتها من اجل تحقيق الوحدة التى طال انتظرها و هذا من وجهة نظر الغرب يهدد المصالح الغربية فى الشرق الاوسط وخطر على أمن اسرائيل و كانت تعمل المخابرات الاسرائيلية فى العقود الماضية على تخريب الجسد العربى و اختراقه وخاصة وسائل التخريب التى تستهدف الشباب من خلال نشر المخدرات فى العالم العربى و خاصة قلب هذا العالم مصر و ايضا نشر التفسخ الاخلاقى من خلال اعلام عربى ماجن ينشر الرذيلة و يشجع عليها ويدعو الى الانحراف و الشذوذ الجنسى بحيث تصبح العقلية العربية غارقة فى افكار انحرافية عابثة و التسلل الى العقل العربى بطريقة ناعمة عن طريق تكرار الرسالة الاعلامية و التأكيد على تلك الافكار العبثية من خلال دعاوى التحرر و التنوير التى تعنى التحلل من كل القيم و التقاليد البالية و التمرد على العادات و التقاليد و القيم العربية الاصيلة التى تدعو الى الشرف و الامانة و كان الهدف الاساسى من هذا التخريب هو خلق حالة من التيبس فى المجتمع العربى و هى وسيلة واضحة للقضاء على جميع عناصر التغيير بحيث يتحول المجتمع الى جثة هامدة و كانت وسائل تخريب العقول عن طريق ما يعرف بالتخريب المعنوى سواء بجذب تلك العقول الى الخارج او بتحويلها الى عناصر مغتربة فى الداخل او بتوظيفها ضد مصلحة وطنها الحقيقية و خلق التحلل فى ذاتيتها النفسية و ذلك بتسميم العقول و اعادة تشكيل نظام القيم و لكن الشباب العربى و العقول العربية فى ثورتها كانت كالمارد الذى خرج من القمم دون ان يلحظه احد نتيجة ان الشباب بطبيعته متعطش الى التغيير و يحدوه الامل نحو مستقبل افضل للعالم العربى فكانت المفاجأة التى أذهلت العالم تلك الثورات العربية وخاصة الثورة التونسية فى المغرب العربى و الثورة المصرية فى المشرق العربى لان عوامل الانفجار فى البلدين الشقيقين كانت متشابهة وان الشعب المصرى كان متضامنا مع الشعب التونسى اثناء ثورته و عندما نجحت الثورة التونسية فرح الشعب المصرى بنجاحها و تضامن الشعب التونسى العظيم فى ملحمة عربية لم تكن فى حسبان احد و ايضا عندما خرجت الجموع العريضة من الشعب المصرى للثورة على الاستبداد تضامن الشعب التونسى مع الشعب المصرى و قاموا بدعم الشعب المصرى بالنصائح الغالية التى لا تقدر بثمن وكانت الدعوات ترتفع الى بارئها من قلوب الشعب التونسى لينصر الله الشعب المصرى وعندما انتصرت الارادة الوطنية للشعب المصرى فرح الشعب التونسى فرحا عظيما للمصريين و بدأت الدعوات من اجل الوحدة بين الشعبين الشقيقين تظهر امام العالم و هذا ما لا يريده الغرب و اسرائيل التى تسعى جاهدة الى تفتيت الامة العربية الى اجزاء متقطعة بل الى تفتيت البلد العربى الواحد الى دويلات صغيرة لتصبح لقمة سائغة يسهل عليهم اكلها و هضمها بسهولة و امتصاص آخر قطرة من الثروات العربية فمثلا فأن اشاعة الفرقة فى داخل الشعب الواحد بين اطراف الطوائف المختلفة و مثالها الواضح لبنان و نظامها السياسى الطائفى و ايضا الآن يحدث فى مصر من خلال اثارة النعرات الطائفية بين ابناء الشعب المصرى الواحد بين المسلمين و المسيحيين و بين السنة و الشيعة وبين الاخوان و السلفيين و الجماعة الاسلامية عن طريق تصارعهم و تنافسهم على الحكم و بين الاصوليين و العلمانيين و اثارة قضايا بدو سيناء و اهالى النوبة و يصبح المشهد السياسى فى مصر طائفى وطبعا هناك فرقة خطيرة بين الطبقة المثقفة المصرية وبين الطبقات الاخرى وهى ظاهرة واضحة فى بعض المجتمعات ذات التقاليد الثابتة مثل المجتمع المصرى و ظهرت تلك الفجوة بين الشباب المصرى المثقف وبين الشعب المصرى عندما نجحت القوى السياسية من تغييب الشعب المصرى عن طريق التأثير عليه و حثه على قول نعم للتعديلات الدستورية و نجاحهم فى ذلك مما اظهر بأن هناك فجوة حقيقية بين فكر شباب الثورة وبين البسطاء من هذا الوطن وهناك ايضا السلام الخداع والعلاقات العربية الاسرائيلية ان هذه العلاقات يسيطر عليها فكرة الحرب النائمة ففى لحظات السلام هناك رغم ذلك حرب مستترة خفية انها حرب غير معلنة و لكن حقيقية العلاقات انها مرحلة الاعداد للارض التى سوف يتعين على جيش الدفاع ان يجتازها يجب ان يتم حرث تلك الارض بطريقة معينة بحيث تصير رخوة ممهدة لا تملك اى عنصر من عناصر المقاومة فعندما تتعالى الاصوات لوحدة بين الدول العربية وفى نفس الوقت تتعالى الاصوات فى ميدان التحرير شهداء على الاقصى رايحين فهذا امر يزعج و يقلق القيادة الاسرائيلية و العملية الان تدار باحتراف مع خونة من الداخل هدفهم تفريغ الثورة المصرية من مضمونها و نجد ان ما حدث فى مباراة اليوم بين الزمالك المصرى و الافريقى التونسى هو سياسية هدفها اثارة الفتنة بين الشعوب العربية وخاصة مصر و تونس حتى تستبعد فكرة الوحدة العربية المطروحة بجدية بين الشعوب بل تنقلب العلاقة بين الشعبين الشقيقين الى عداوة وبغضاء و هذا لن يحدث لان المشترك بين الشعوب العربية ضارب بجذوره فى تاريخ الامة العربية و ان الشعوب العربية اصبحت بعد تلك الثورات اصبحت اكثر وعيا بأساليب اعدائها سواء اكانوا من الداخل او من الخارج فلن ينكسر الجسد العربى ابدا و سيتوحد العرب و ما تخاف منه اسرائيل من ان الامكانيات العربية لو قدر لها التنظيم من جانب و الترابط الايدلوجى من جانب آخر و قدرة الجسد العربى على التحدى و يعنى ذلك قدرة الامة المقاتلة على ان تتصدى للسرطان الاسرائيلي تضع حدا لوجوده بالاستئصال الكامل له من المنطقة و تحرير المسجد الاقصى من يد هؤلاء الصهيانة و لن يحدث ذلك الا اذا اصبحت تونس و مصر وسائر البلدان العربية ايد واحدة