مدريد وبرشلونة ..قصة مدينتين «سيناريو تخيلي»

دلف مدرب ريال مدريد الإسباني إلى مكتبه بمدينة فالدبيباس الرياضية بعد انتهاء حصة التدريب المسائي، ثم جلس على إحدى الأرائك الموجودة به ممسكًا بدفتره، ثم تنهد ونظر إلى شعار النادي الملكي المطبوع على الحائط الموجود أمامه.
استرجع «بنيتيز» ذكرياته حينما كان مجرد مدرب في قطاع الناشئين بالنادي ومسيرته التي قادته إلى هذه اللحظة.. «إنها العودة للمنزل»، بعد مشوار تدريبي شمل منحنيات للصعود والهبوط وقيادة أندية مثل فالنسيا وإنترناسيونالي وتشيلسي وبالطبع ليفربول.
«ما أحلى ذكريات ليفربول!».. قال «بنيتيز» لنفسه هذه الجملة وهو يعدل من وضع نظارته بيده اليسرى ويكتب باليمنى في دفتره بعض الملاحظات عن أداء اللاعبين في تدريبات اليوم، فهو يعلم أن مهمته لن تكون سهلة بالمرة.
بعدها بدقائق فتح حاسوبه والملف الذي يحتفظ بالمقال الساخر الذي نشرته جريدة «ماركا» الإسبانية عنه، عقب الأنباء المؤكدة عن وقوع الاختيار عليه لتدريب الريال بعنوان «رافا؟ هل تمازحني؟»، ووصفته فيه بالمدرب الذي «فاز بثاني وآخر لقب دوري له حينما كان خاميس رودريجز عمره 13 عامًا فقط، ولم يبق في منصبه بالإنتر سوى أربعة أشهر» ضمن الكثير من الأشياء الأخرى.
سجل «بنيتيز» على الحاسوب بعض البيانات التي كان يرغب في الاحتفاظ بنسخة إلكترونية منها بجانب دفتر الملاحظات، وهم بالنهوض من على الأريكة متوجهًا نحو الباب، ولكن رنين هاتفه استوقفه.. كانت مكالمة من الرئيس فلورنتينو بيريز، الذي أخبره بأنه يرغب في الاجتماع معه في غضون 10 دقائق، حينما أنهى «بنيتيز» المكالمة نظر إلى مرآة موجودة في المكتب، توقف لحظة حينما شاهد بطنه المنتفخ ولكنه ضحك حينما تذكر ما قاله البرتغالي جوزيه مورينو ردًا على تصريحات زوجته وطلب منها «الصمت والاعتناء بنظام زوجها الغذائي» وهو يقول بعد أن ربت على بطنه «وكأن عندي وقت لهذا يا رجل!».
عدل المدرب الإسباني من وضعية بنطاله ثم شرع في التوجه نحو مكتب الرئيس وهو يتساءل عما إذا كان استجاب لمطلبه وأصبح قريبًا من التعاقد مع رأس حربة آخر، أم أنه سيبلغه بقرار أشبه بالكابوس بالاستغناء عن إيسكو أو كريم بنزيمة وضرورة تقبله للأمر، على الرغم من المهمة الصعبة المتمثلة أمامه في ضرورة تحقيق ألقاب كبرى هذا الموسم، وستبدأ بمواجهة سبورتنج خيخون، وإلا فإن مصيره سيكون الرحيل مثل الإيطالي كارلو أنشيلوتي «رجل العاشرة».
على الجانب الآخر وفي شمال شرق إسبانيا استيقظ المدير الفني لبرشلونة لويس إنريكي بعدها بساعات مفزوعًا وهو يتعرق بشدة، ولكنه لم يشأ إيقاظ زوجته إلينا كوليل، التي كانت تغط في نوم عميق.
توجه «إنريكي» بالقرب من شرفة الغرفة وبدأ في ممارسة بعض تمارين الضغط، فهو عكس «بنيتيز» لايزال يهتم بالحفاظ على جسده الرياضي، ولكن ذلك الكابوس الذي ظهر فيه حاصد الأرواح قادمًا بسلاحه نحوه في إحدى غابات إقليم الباسك قبل أن تلتهمه بعض الأسود بلا رحمة لايزال حاضرًا في ذهنه.
«24 25 26 27..اللعنة!».. أنهى مدرب برشلونة الإسباني العد وهو ينطق بهذه الكلمة، ولا مئة تكرار من تمارين الضغط يمكنها أن تشتت ذهنه عما يؤرقه.. إنها المباراة الأولى في الليجا وأمام من؟ أثلتيك بلباو! فتح «إنريكي» الشرفة واستنشق بعض الهواء.. المناخ في برشلونة كان جيدًا وليس مثلما كان عليه الأمر منذ أسبوعين في ذهاب كأس السوبر الإسباني بإقليم الباسك، حينما خسر برباعية نظيفة من أثلتيك بلباو، كانت الخطوة الأولى في ضياع حلم السداسية.. ذلك الكابوس الذي تحقق بالفعل في مباراة الإياب التي انتهت بالتعادل بهدف لمثله.
وتشاء الأقدار أن تكون مواجهته الأولى في الليجا أمام نفس الأسود الذين كانوا أبطال هذا الكابوس وداخل تلك الغابة المتوحشة المعروفة باسم ملعب سان ماميس.. «لابد من وجود حل، سأتوصل له و(ميسي) سيتألق بكل تأكيد».. طمأن «إنريكي» نفسه بهذه العبارة وهو يرقد فوق الفراش مجددًا، ثم طبع قبلة فوق رأس زوجته محاولًا العودة للنوم مجددًا.
قبل كابوس لويس إنريكي ومكالمة فلورنتينو بيريز لرفائيل بنيتيز، كان «سيميوني» يستمتع في حفلة شواء أرجنتينية مع عدد من الأصدقاء وعناصر الجهاز الفني، وذلك في تقليد اعتاد عليه قبل انطلاق كل موسم.
«سنذبحهم، ولكن على غفلة، سنكرر نفس مسلسل (مباراة تلو الأخرى)، الذي خطفنا به لقب الليجا في الموسم قبل الماضي».. قال «سيميوني» هذه العبارة ضاحكًا ليده اليمنى، مساعده خيرمان «المونو» بورجوس، الذي دون نصيحة من «مورينيو» تمكن من خفض وزنه قبل بداية هذا الموسم.
يعلم «سيميوني» جيدًا أن فريقه ربما يكون الأكثر جاهزية والأفضل في الصفقات هذا الموسم، خاصة بعد عودة فيليبي لويس واستعارة كايو وشراء كل من الكولومبي جاكسون مارتينيز والصربي ستيفان سافيتش والأرجنتيني لوسيانو فييتو والبلجيكي يانيك كاراسكو، والحصول بصورة نهائية على خدمات البرتغالي أندريه جوميش.
أمسك المدرب الأرجنتيني بقطعة من اللحم المشوي الساخن الموضوع أمامه ووضعها في فمه قائلًا: «إنها طرية وسهلة المضغ»، ليرد عليه «المونو» مبتسمًا «مثلما سيكون لاس بالماس في الجولة الأولى»، لينفجر الاثنان في الضحك.