4- الولي على باب المتولي باب زويلة أو باب المتولي أحد أبواب السور الجنوبي للقاهرة وأهمها، لو تكلمت أحجاره لقالت الكثير، ولكن كثيراً مما ستقوله ليس ساراً أو مفرحاً، وإن كان مثيراً ومرعباً ربما كانت أحجار البوابة الكبيرة ذات البرجين المتوجين بمئذنتي مسجد المؤيد هى التي تستطيع وحدها أن تحصي كم رأس قطعت عند الباب أو أتى بها لتعلق على هذا الباب الدموي النهم إلى رؤوس البشر يتزين بها حتى ولو كانت تقطر دماً ساخناً .. رؤوس أمراء .. شحاذين .. قضاة .. لصوص .. شيوخ .. زنادقة .. سلاطين .. حثالة .. مسلمين .. أقباط .. عرب .. عجم .. إفرنج .. تتار .. حالمين .. مغامرين . لم يحدث مرة أن رفضت البوابة رأساً .. فعندها تتساوي الرؤوس .. لا فرق بين رأس ملك من الملوك ورأس أي صعلوك .. وقد عرفت البوابة طعم الرأس الطازجة التي تعلق بعد قطعها مباشرة وطعم الرأس المحفوظة التي أتى بها من مكان بعيد فلزم حفظها حتى لا تفسد .. وكم من رأس كانت محشوة علماً أو شعراً أو ألحاناً أو أحلاماً أو طمعاً أو .. أو .. وصارت محشوة تبناً ومعلقة على باب زويلة .ألقى متولي الشرطة نظرة على الباب من فوق ظهر فرسه .. ليست هناك رؤوس معلقة .. لكز فرسه بالمهماز فتحرك الفرس وتحرك أتباع والي الشرطة خلفه على الدرب الأحمر .. الدرب الذي يتصاعد حتى يسلم من يسلكه إلى القلعة مقر السلطان والسلطة. قاد حاجب الحجاب والي الشرطة إلى مجلس السلطان .. لم يهتم السلطان بدخول والي الشرطة فقد كان يرقب معركة الظلمة والنور، وما أن بدأ هروب فلول النور حتى وخز والي الشرطة بنظراته .. أجفل والي الشرطة .. تذكر حصانه حين لكزه بالمهماز .. أشفق عليه وانطلق " : وجدته يامولاي .. يتنكر في هيئة درويش شامي .. يتكلم بلهجة الشوام .. يقيم في خانقاه سعيد السعداء .. تأكدنا أنه هو يامولاي .. تبعه واحد من البصاصين حين دخل حمام المؤيد ورأى آثار الجروح التي في صدره وظهره .. حتى أثر القيد في رجله .. يمضى معظم الوقت في محششة " أبو رجيلة " المواجهة لباب زويلة .. لم يقابل أحداً لا يتكلم في السياسة .. يدخن الحشيش بشراهة .. العيون حوله في كل مكان ترافقه كظله، ولكن لا سبيل أن يفطن إليهم أو يتعرف عليهم" .. أحسنت ياوالي الشرطة " خفض والي الشرطة نظراته إلى الأرض وارتفع صوت قرقرة نارجيلة السلطان .. أحس والي الشرطة بشئ من الراحة حين سمع السلطان يأمره بالجلوس. استمر السلطان يسحب أنفاساً من نارجيلته وهو ينغم القرقرة، وسرح والي الشرطة وحلق في أجواء الحريم .. لابد أنه سيضيف أمرأة أخرى إلى حريمه .. لتكن شركسية عذراء .. ولامانع من نوبية .." لا تمسوا شعرة من رأسه .. وادن منى واحرص على تنفيذ ما أقوله لك " همس السلطان بكلمات لم يسقط حرف منها خارج أذن والي الشرطة الذي سارع بتحية السلطان والخروج.