لغط في الشارع السياسي المصري؛ هل هذا هو التوصيف المعبر عما يحدث الآن في الساحة المصرية. فبعد أن كان الحديث عن السياسة حكرا على فئة بعينها؛ شهدت شوارع المحروسة زخما سياسيا غير مسبوق منذ أكثر من ثلاثون عاما. و أضحى تسارع الأحداث خلال الشهرين الماضيين أصعب من أن يتصوره العقل أو يواكبه. بالأمس كان الإستفتاء الدستوري على التسع مواد الذي تقرر منذ حوالي شهر. أول استفتاء شعبي حقيقي تشهده مصر و كما قال السيد إبراهيم عيسى إشارة إلى النتيجة أنها أول نعم حرة شفافة نزيهة. أرى أنه من الأمانة هنا أن نتحدث و لو في عجالة ونسجل و نرصد؛ و هكذا دائما يتناول التاريخ ماحدث و يحدث بالرصد و التحليل ؛ فليس لنا أن نجرم أو ندين أو نطلق أحكاما؛ ثم تمضي السنون و يأتي آخرون ليتناولوا ماقمنا به بالنقد أو الإشادة بعدما تكون الثمار قد جنيت. فلا أحد منا ينكر أن ساحة الإستفتاء قد شهدت نزاعا طائفيا حقيقيا بين الإخوان و السلفيين وكافة التيارات الإسلامية من جهة؛ وبين الأقباط من جهة أخرى. وعبثا ما حاول الطرفين نفي ذلك الأمر؛ إلا أن الساحة ملأى بالعقول المفكرة التي ليس من السهل العبث بها أو تسييسها. فقد أصبحت نعم واجبا شرعيا لدى المسلمين و صارت لا هي الطريق إلى الفردوس لدى الأقباط. لا ألوم الأخوان رغم أنه قد ساءني ما حدث؛ و لكنها السياسة بلا قلب و كل شئ مبرر في الحرب يا سيدي؛ كما أنني لا أكتمكم أن هذا قد ساهم في وضوح الرؤية بقدر كبير لدى من كانوا حياديين تجاه الأخوان. فهم فصيل له احترامه و ثقله السياسي في مصر وهذا لا يمكن إنكاره؛ لكنه مستعد لأي شئ في سبيل إحكام قبضته وسطوته على مقاليد الأمور حتى و إن كان السبيل إلى ذاك التلويح بعصا الدين وهذا أمرغير مقبول؛ و قد اندفعت الكنيسة وراء الإخوان في جدل لا طائل من ورائه و لا فائدة منه. على العموم فقد كان إندفاع البعض لنعم له ما يبرره بمبعد عن الأسباب الدينية؛ فطول الفترة الإنتقالية قد يهدد الثورة بانقلاب عسكري محتمل في صفوف الجيش؛ ويهدد أيضا بسحب رؤوس الأموال من البلاد؛ الأمر الذي يمثل كارثة حقيقية و يهدد بثورة جياع. أنا واثقة بأن الله قد اختار لمصرنا الخير قبل اختيارنا؛ ولكن يبقى لنا أن نقول ما نقول من أجل راحة ضمائرنا و ليحفظ الله شعبنا و يكلل سعينا بالنجاح. 21 مارس 2011