كتب: جاسر هشام فى البداية أودُ أن أتفق مع القارىء على أمرين هامين قبل أن أطرح تساؤلى؛ أولاً يجب أن نرقى بأنفسنا فوق فكرة "التصنيف" بدءاً من "مسلم ومسيحى" مروراً ب"سلفى وعلمانى" وحتى "زملكاوى وأهلاوى"، وأن ننحى جانباً جميع خلافاتنا الفكرية والسياسية والدينية ونفرغ المجال لمناقشة موضوعية بين "مصريين" لايبتغون فى النهاية سوى هدف واحد هو مصلحة وطنهم، وإن اختلفت طرقهم فى الوصول إلى هذا الهدف. ثانياً أعتقد أنه لا خلاف على أن الشريعة الإسلامية هى شريعة كاملة متكاملة وتصلح لكل زمان ومكان لأنها منزّلة من الخالق عز وجل، وأن الجدل يدور حول المنهج الذى ستطبق به الشريعة الإسلامية للوصول إلى نموذج يحاكى الدولة الإسلامية فى عهد الرسول (صلى الله عليه وسلم) والخلفاء الراشدين (رضى الله عنهم) والذى كان يحمى حقوق الأقليات غير المسلمة قبل حقوق المسلمين نفسهم، ولا يصل بنا فى النهاية إلى النموذج السعودى الذى وإن كان يطبق الشريعة الإسلامية "اسماً" إلا أنه وبكل تأكيد لا يطبق "جوهر" الشريعة الإسلامية. نصل الآن إلى التساؤل محور هذا المقال، وهو موجه إلى كل من ينادى بالدولة الإسلامية؛ من هو الشخص الذى سيقوم بتطبيق الشريعة الإسلامية التطبيق الصحيح وما هو الإطار العام والخطط التى سيعمل وفقاً لها للوصول إلى الدولة الإسلامية التى تطبق "جوهر" الشريعة الإسلامية والتى اتفقنا آنفاً على كمالها؟؟ كل ما أريده هو رؤية واضحة وملموسة للدولة الإسلامية، كما فعل أنصار الدولة المدنية، تتيح لى كمواطن مصرى "محايد" المفاضلة الموضوعية بين مزايا وعيوب كل من الرؤيتين (أقصد هنا عيوب المنهج الذى ستطبق الشريعة وفقاً له وليس الشريعة نفسها والعياذ بالله)، آخذين فى الاعتبار اتفاق الفقهاء والمحللين السياسيين على أن من سيحكم مصر فى الفترة القادمة سيكون شخصاً معروفاً وله منهجه الفكرى المعلوم، وذلك لأن ضيق الوقت لا يسمح بظهور شخصيات جديدة على الساحة السياسية وتكوينها قاعدة جماهيرية قبل موعد الانتخابات.