في 31 مارس 1914 وبإحدى ضواحى مكسيكو عاصمة المكسيك، ولد الأديب والشاعر المكسيكي، أكتافيو باث، أو «باز» كما يكتبه بعض العرب، لأب مكسيكى وأم من جنوب إسبانيا. وكان والد «باز» محامياً وسياسياً مؤيداً لثورة «زاباتا» التى اندلعت في1910، ولقى حتفه فى حادث قطار، أما أمه فكانت منذ طفولته تحثه على الدراسة، وفيما بعد حثته على كتابة الشعر والأدب كما تأثر أيضا بجده لأبيه الذى كان يحب الأدب وكان مفكرًا ليبراليًا وقاصًا. وفى 1937 أنهى «باث» دراسته الجامعية وسافر لمدينة يوكاتان، للبحث عن عمل، وزار إسبانيا أثناء الحرب الأهلية، وتضامن مع الجمهوريين، وعكست قصائده هذه هموم مواطني دولته والتوجهات السياسية التي كانت سائدة آنذاك، واهتم فى الكثير من أعماله بالهوية والتاريخ المكسيكى ومع ذلك كان بعض السياسيين والمفكرين على خلاف كبير معه، حتى إن الشاعر الشيلى، بابلو نيرودا، قطع علاقته معه لانتقاده ستالين، وبعدها بسنوات فى المكسيك أهان نظام كاسترو ووصفه بالديكتاتورية، وفى 1984 وفى فرانكفورت، أثناء تسلّمه إحدى الجوائز الدولية أكد أن ثورة نيكاراجوا صودرت من قِبل قادتها. ونشر «باث» أول أشعاره وهو فى السابعة عشرة من عمره، ثم التقى الشاعر التشيلى بابلو نيرودا، وتأثر بشعره وفى 1945 التحق بالسلك الدبلوماسى وعمل به لمدة 23 عاماً، وعين سفيراً لبلاده بكل من فرنسا وسويسرا والهند واليابان، وكانت له صلات وثيقة بأقطاب الحياة الثقافية فى كل البلدان التى عمل بها، إلا أنه استقال فى 1968 احتجاجاً على سياسة حكومته تجاه الطلبة عندما قامت السلطات فى المكسيك باستخدام العنف فى قمع مظاهرات الطلبة ومات 300 طالب. بعد ذلك تفرغ «باث» للعمل فى الصحافة، وإصدار مؤلفاته التى تنوعت بين الشعر والفن والدين والتاريخ والسياسة والنقد الأدبى، ونشرت له 5 دواوين شعرية صدر أولها في 1949 وآخرها سنة 1987. ومن أهم أعماله «متاهة العزلة» الذى صدر1961، و«حرية تحت كلمة» وحصل بها أكتافيو على عدة جوائز أدبية عالمية ومنها جائزة «ثير بانتس» فى 1981، وجائزة «ت. س. إليوت» عام 1987، كما رشح لجائزة نوبل عدة مرات خلال الثمانينيات، ولكنه لم يفز بها إلا في 1990 إلي أن توفي فى 19 أبريل 1998. وبعد أن علم الرئيس الأرجنتينى آنذاك، أرنستو ثيديو، بوفاته، أمر الطيار الخاص بطائراته بأن يعاود الرجوع فورًا إلى المكسيك لإعلان وفاة «باث»، حيث كان في مسافرًا. ويقول الشاعر والمترجم، رفعت سلام، عن أوكتافيو باث، أنه «واحد من أهم علامات الشعر في القرن العشرين وكأنه شقيق لوركا أو توأمه الشعري الذي جاء متأخرا بعده بقليل ليقدم قصيدة حارة ساخنة تليق بأمريكا اللاتينية لا ببرودة الغرب الأوروبي وذهنيته الذائلة، وللأسف فلم تعرض الترجمة العربية حتي الآن ترجمة تليق بهذه الشعرية الباذخة ليظل القارئ المصري والعربي بمنأي عن العدوى الشعرية التي تصيب كل من يقرأ أوكتافيو باث».