جاء فى كتاب الله العزيز بسورة البقرة الآية الكريمة: «وإذ قال إبراهيم رب أرنى كيف تُحيى الموتى قال أولم تؤمن قال بلى ولكن ليطمئن قلبى».. خطر فى بالى هذا الحوار الإلهى البشرى المُعجز فى كلماته ومعناه وأنا أتابع هذه الأيام تلك البرامج الحوارية، التى لا حصر لها كل مساء على شاشات التليفزيون، يختلف فيها الضيوف ومقدمو البرامج فى أشياء عديدة، ولكنهم جميعاً يتفقون على شىء واحد وهو الثقة التامة فى السادة أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة، الذى يُدير شؤون الدولة منذ الانتصار الجزئى لثورة الشعب المصرى فى الخامس والعشرين من يناير، وأعنى به تنحية رأس النظام عن الحكم وإبعاده عن قصر الرئاسة بالعروبة إلى قصره الذى كان يحكم منه بالفعل فى شرم الشيخ. إننى أتعجب من هذا الأسلوب فى التعامل مع المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يذكرنى بأيام سوداء- لا أعادها الله- كان فيها مُدعو الشجاعة والبطولة من الإعلاميين المنافقين فى وسائل الإعلام المختلفة، يكيلون الاتهامات ويرفعون الأصوات ويدينون بأقسى العبارات أى مسؤول فى هذا البلد عدا اسم الرئيس أو حرمه أو أنجاله وربائبهم المُقربين الذين كانوا يُشكلون المجلس الأعلى للفساد.. فهؤلاء لا يجوز حتى الإشارة إلى إظهار عدم الثقة فيهم، وحبذا لو كانت هناك إشادة بنقائهم وطُهرهم وفضائلهم!! سمعت فى برامج عديدة خاصة تلك التى استضافت أعضاء من المجلس الأعلى للقوات المسلحة وقرأت لهم أحاديث تحاول أن تُشعر الناس- الذين هم أصحاب الثورة الحقيقيون- بالطمأنينة فى الحاضر والمستقبل طالما هم يثقون فى وطنيتهم وصدق نواياهم وحرصهم على مصالح البلاد والعباد. ليس لى أنا أيضاً أى شك فى ذلك، ولكنى أقول لهم كما قال أبوالأنبياء إبراهيم لربه عندما سأله «أولم تؤمن»؟ فأجابه بقولته الخالدة «بلى ولكن ليطمئن قلبى».. نحن نثق فيكم أيها السادة الأفاضل أعضاء المجلس العسكرى ولكن نريد أن تطمئن قلوبنا.. نريد أن نرى أشياء نحسبها أساسية لطمأنة شعب دفع ثمناً باهظاً من أرواح أُزهقت ودماء سالت وعيون عمت حتى وصل إلى ما وصل إليه الآن، وياله من ثمنِ غال وعزيز.. وما يمكن أن يفعله المجلس الأعلى فى هذا الشأن كثير.. إن الشعب المصرى لا يفهم هذا التعتيم الرسمى عن مكان إقامة وتحركات الرئيس وحرمه ونجليه.. ما هى حدود نشاطاتهم واتصالاتهم وحراساتهم ومن يدفع فواتيرها؟ هل ينتظر المجلس العسكرى أدلة ووثائق لإثبات ما فعله قيادات من الحزب الوطنى فى الشعب طوال سنوات الكذب والتضليل والنصب والتدليس والتزوير موثقة بالصوت والصورة على مدى عقود؟ هل يحتاج السيد جمال مبارك لأدلة وبراهين على ضلوعه فى الأوامر بالتصدى بكل السُبل لمقاومة الثورة والثوار والجميع يعرف أنه كان الآمر الناهى فى القصر الرئاسى فى السنوات الأخيرة، هل يحتاج السيد صفوت الشريف- بتاريخه المعروف- لأدلة على ضلوعه فى تخريب منظومة العمل الإعلامى فى مصر، وكذلك العمل الحزبى والصحفى؟ هل يحتاج فتحى سرور إلى أدلة وبراهين على تقصيره، بعد أن تبين من تصريحات المستشار جودت الملط أن العديد من تقارير الجهاز المركزى للمحاسبات التى تتضمن مخالفات مالية صارخة كان يضعها فى درج مكتبه ولا يُخرج منها شيئاً إلا بتعليمات عليا ينفذها، وليذهب صالح الوطن إلى الجحيم؟ ألا تكفى التغطية والحماية التى وفرها زكريا عزمى لرفيقه وشريكه ممدوح إسماعيل الذى تسبب فى غرق أكثر من ألف مصرى فى حادث العبّارة الشهير، لفتح ملف جرائم استغلال النفوذ لهذا الرجل فى الدولة والحزب؟ هل إقصاء كل من كان يتعاون بفجاجة وبجاحة وفُجر لا حدود لهم فى وسائل الإعلام المختلفة، خاصة كل من تولى المناصب القيادية فيها، مع النظام الفاسد المستبد لتبادل المنافع والمصالح، بكل ما استلزم ذلك من التقول والكتابة نصباً وخِداعاً وتدليساً على الشعب المصرى، وكله موثق بالكلمة والصورة والصوت- هل يستلزم ذلك كل هذا الوقت وتركهم فى مواقعهم إلى الآن؟ أرونا أيها السادة الأفاضل أعضاء المجلس الأعلى للقوات المسلحة شيئاً تطمئن به قلوبنا، ولكم فيما ذكره القرآن الكريم عن قصة أبى الأنبياء إبراهيم وربه العِظة والعِبرة. [email protected]