في شارع التحرير بمنطقة الدقي، وفي إحدي «الصرافات»، يدخل شاب عشريني على وجة ملامح الترقب ينظر يسارا للشاشة الإكترونية المزينة للحائط قبل أن يسأل الموظف القابع خلف سياج حديدية… هو بكام الدولار النهارده؟ يرمقه الموظفة بنظرة فاحصة قبل أن يجيبة «أنت معاك كام؟» بين «بكام النهارده» و«معاك كام» تكمن أزمة الدولار في مصر … أو لنكن أكثر دقة أزمة «تسعير الدولار في مصر» لست بحاجة أن تكوا خبيرا اقتصاديا كي تلاحظ أن الفارق يزداد بجنون بين سعر بيع الدولار الرسمي في البنوك (7.18 قرش)، وسعره في الصرافات الخاصة أو ما يطلق عليها السوق السوداء ( 7:80 قرش). لكن لماذا هناك أزمة في الدولار؟ وما سبب هذة الأزمة؟ وما نتائجها؟ وأخيرا هل يمكن حلها؟ السبب المعلن أو ما يقال لنا هو أنه حينما قامت ثورة 25 يناير وقبل أن تغلق البنوك لقرابة الأسبوعين لأسباب أمنية، كان الاحتياطي النقدي لدى البنك المركزي 36 مليار دولار أمريكي، وعقب الإطاحة بمبارك، وكنوع من الإجراءات التطمينية التي ارتَأى المجلس العسكري حينها أنها ستشعر الناس بالأمان، قرر البنك المركزي أن يتيح للناس شراء دولارات أمريكية من البنوك بسهولة وييسر. ويضيف أصحاب هذا الرأي أن هذا القرار وإن كانت له مبرراتة السياسية حينها، إلا أنه من وجهة نظر اقتصادية كان قرار خاطئا، نجم عنه أن الاحتياطي النقدي تهاوى من 36 مليار دولار أمريكي إلى ما يقرب من 23 مليار دولار أمريكي، قطعا لم يكن هذا القرار هو السبب الوحيد للتهاوي، لكن تزامن ذلك مع توقف السياحة التي كانت أحد أهم مصادر الدخل الأجنبي إلى مصر، وفي خلال الثلاث سنوات الأخارى ومع ما شهدتة مصر من اضطرابات سياسية أفرزت حالة من القلق المسيطر على المستثمرين توقف تقريبا ضخ أموال جديدة وأعرض المستثمر الأجنبي عن السوق المصري. ومؤخرا تعرضت الحصيلة الدولارية في مصر لهزة جديده، فمع توتر العلاقات المصرية القطرية قررت الحكومة المصرية إعادة 2.5 مليار دولار (قيمة وديعة) لقطر، وإن كنا قد حصلنا خلال نفس الشهر على «منحة» لا ترد بقيمة مليار دولار من الكويت، لكن إعادة الأموال القطرية أثرت مما لا شك فيه.. أضف إلى ذلك اننا قد سددنا قرابة 1.5 مليار دولار خلال عام مضى لشركات النفط الأجنبية العاملة في مصر. كل هذة العوامل ...دفعت الاحتياطي النقدي للانكماش، إلى أن وصلنا للحظة الحالية 15.8 مليار دولار…. أي أننا الأن نملك نصف ما كنا نملك حين قامت الثورة، ولا تنسى أن الأسعار العالمية للسلع والمنتجات ارتفعت ولم تقل. لكن «د.بسنت فهمي» الأستاذة بالأكادمية العربية للعلوم المصرفية ورئيس مجلس إدارة إحدى بيوت الاستشارات الاقتصادية البارزة.. تطرح وجهة نظر أخرى في أزمة الدولار الحالية بمصر «كلام فارغ» ...هكذا تبدأ «بسنت فهمي» حديثها حينما تسمع الاسباب السالف ذكرها لازمة الدولار بمصر اليوم… «استلمتم البلد من مبارك والاحتياطي 36 مليار دولار، الاحتياطي اليوم 15.8 مليار دولار».. السؤال الأول هنا أين ذهبت أموالنا ؟ تضيف «بسنت» مع العلم أنه في الأيام الأولى من حكم المجلس العسكري وبعد الإطاحة بمبارك مباشرة، تدفقت وأنا أعنى هنا الكلمة «تدفقت» أموال من الخارج على مصر أبرزها كانت تحويلات المصريين في الخارج والتي في أقل التقديرات بلغت 46 مليار فضلا عن «منح» لا ترد أتت لكم.. إذن ماذا فعلتم بتلك الأموال؟ وأين ذهب الاحتياطي؟ ثانياً: أموال قطر التي تتحدثون عنها هي «وديعة» كيف تحسبونها من ضمن الاحتياطي؟ «فالاحتياطي النقدي» هو ما سوف تستخدمة في سد اقساط الديون الخارجية وشراء المواد الخام الاساسية للمصانع، والغذاء. بأختصار كونك تحسب «الوديعة» جزء من «الاحتياطي النقدي» هذا خطأ فني جسيم. الحقيقة المؤلمة….ان الاحتياطي النقدي تهاوى لأن «الفلوس خرجت بره» هذا ما يجب بحثه بمنتهى الشفافية، كيف خرجت كل هذة الاموال ومن المسؤل عن تهريبها ؟ «عمر الشنيطي» الخبير الاقتصادي يشرح لنا علاقة البنك المركزي بأزمة الدولار اليوم قائلاً: أزمة الدولار هي ازمة قديمة، حدثت مرارا من قبل، ونحن مازلنا في طور «السيطرة» فالفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق السودا مازال في حد الامان نسبيا. ودور البنك المركزي هنا هو مجرد منظم وضابط للسوق، وتدخلة يكون دوما للسيطرة على السعر قبل ان يصل لحد الانفلات« من جانبها شددت الحكومة حملاتها على شركات الصرافة الخاصة، للتأكد من التزام الجميع بسعر الصرف الرسمي أحد العاملين بأدارة «المراقبة على النقد الاجنبي» بالبنك المركزي والمسؤلة عن متابعة ملف «شركات الصرافة» (طلب عدم ذكر اسمه) يقول «حملاتنا مكثف هذة الايام، واي شركة تضبط تيبع بسعر غير السعر الرسمي، يحرر لها محضر فوراً. يضيف قائلاً شركات الصرافة (المخالف منها) يكون هدفها هو لم الدولار من السوق ثم اعادة تدويره بالبيع للمسثمرين وهو ما يضر قطعا بالاقتصاد الوطني… من ناحية أخرى طالعتنا جريدة المصري اليوم في عددها الصادر السبت27 ديسمبر بتصريح في صفحتها الاولى لمصدر مسؤول بالبنك المركزى أن هناك إجراء سيختار محافظ «المركزى» توقيته، لإقرار سعر موحد للصرف، والقضاء على السوق السوداء، مع تجنب إغلاق شركات الصرافة، أو اللجوء إلى إجراءات بوليسية. وفي السياق نفسه صرح سكرتير عام شعبة شركات الصرافة بالاتحاد العام للغرف التجارية المصرية، على الحريري،، إن البنوك أوقفت منذ أول أمس، استبدال العملات الأجنبية والعربية (ريال، درهم، فلس، ين، يورو وغيرها) بالدولار لشركات الصرافة. في خطوة عدها الكثيرين ضربه موجهة لشركات الصرافة. الحملات المكثفة، والتضبق على شركات الصرافة، فضلا عن التصريحات الواردة من البنك المركزي، بثت حالة من القلق والتوتر في شركات الصرافة. «الحاج/ محمد شلتوت» -مالك احدى شركات الصرافة- يقول «الحكومه عاوزة تشيلنا الليلة» يضيف «شلتوت» نحن نتعامل بالسعر الحقيقي للدولار، العرض والطلب هو الفيصل، فحين يشح الدولار من السوق فطبيعي ان يرتفع سعره اما حين يتوفر فينخفض بسهوله. إذا كنتم تريدون حل الأزمة «وفروا دولارت» وسيتخفض السعر تقائياً، نحن مرأة للوضع الحقيقي، لا ما تريد «الحكومة» تسويقة. لكن ما الذي يدفع التجار أو رجال الاعمال لشراء الدولار من السوق السوداء رغم ارتفاع سعرة في حين انه يمكنه شراءه بسعر ارخص من البنك؟ «واحنا كنا لقينا وما اشتريناش» ...يقولها ساخرا «جورج بسيلي» -مستورد- يضيف «بسيلي» انا مستورد، البضاعة تأتيني من اوربا، والدفع بالدولار، حالياً البنوك لا توفر دولارات لك إلا حال كونك تستورد ما يعتبرونه هم حيوي وضروري، كلبن الاطفال وبعض المواد الداخة في الصناعة، ويجب عليك تقديم فواتير شحن وايصالات وعقود ….الخ وهي عملية مزعجة والآن حتى حال كونك تستورد ما يتوافق مع توجه الدولة، اصبح عليك الانتظار فترة حتى يوفر لك البنك الكمية المطلوبه، وهو ما يعد كارثة، إذن ليس أمامي سوى الشراء من السوق السوداء. اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة