* لقد شهدت مصر في الآونة الأخيرة إبتداءاً من 25 يناير العديد من الحراك السياسي الذي قام به شباب مصر الواعد الذي فجر الثورة الحديثة وأثبت للعالم بأن الشعب المصري شعباً متحضراً ، في التعبير عن القضايا التي تهم الوطن والمواطنين وتهدف إلى الإصلاح السياسي والإقتصادي والإجتماعي والقضاء على الفساد وعلى العوار الذي شاب العديد من القوانين المنظمة للحياة ، وإعتمدت هذه الثورة على وسائل التكنولوجيا الحديثة مما يجعلها ثورة سليمة ، وما يهمنا في هذا المقال ماذا بعد الثورة ؟ وكيفية الإستفادة منها في وضع رؤية مستقبلية للوطن والتغلب على المصاعب السياسية والإجتماعية والإقتصادية التي عانى منها الشعب وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة ، حيث لم يستفيد كثيراً من معدلات النمو الإقتصادية التي حققها الإقتصاد المصري خلال السنوات السابقة ، وما هي الدروس المستفادة ؟. * هناك ثلاث محاور رئيسية نحو تصور لوضع رؤية مستقبلية لمصر وتتلخص هذه المحاور الثلاثة في : * المحور الأول: التشريعات والقوانين، ويشمل هذا المحور وضع دستور جديد يفصل بين الدين والدولة ويوضح الإختصاصات المنوط بها لكل مؤسسات المجتمع ويحدد إختصاصات كلاً من رئيس الدولة ، ومجلس الوزراء وإختصاصات الوزرات " الهيئات " ، وهنا لابد أن تتناسب هذه القوانين مع روح العصر ويجب أن تعكس هذه التشريعات الحديثة والمتقدمة. وليس المهم في وضع الدستور والتشريعات وإنما كيفية تطبيقها وتنفيذها على أرض الواقع ، حيث أن إحترام الدستور والقانون يجب أن يطبق على جميع أفراد المجتمع بدون إستثناء ، كما يجب أن يراعى تحديد إختصاصات السلطات التشريعية ، والقضائية ، والتنفيذية والفصل التام بينها . ويجب أيضاً أن توضح شروط هامة للإنتساب والترشح للسلطة التشريعية المتمثلة في مجلسي الشعب والشورى لأن دورهما هاماً في وضع التشريعات والقوانين التي تنظم الحياة السياسية والإقتصادية لأفراد الشعب . وهنا يستوجب وضع شروط اساسية للترشح مثل السن ، المؤهل ، بالإضافة إلى الغاء نسبة العمال و الفلاحين . كما يجب أن تشمل هذه التشريعات القوانين المنظمة للأحزاب وخلق نوع جديد من الأحزاب التي تستطيع التأثير في المجتمع مما يتيح التنافس بين هذه الأحزاب على أسس فلسفية ومنهجية عمل ، كما يجب أن يراعى فيها دور الجيش ومهامه كمدافع عن الوطن وسلامة أرضه والشرطة المدنية ودورها ، والقضاء ومهامه المنوطة بهذا القطاع الهام والحيوي حيث يضطلعبدور هام في الحياة المستقبلية ، دور المحافظة على الإدارة المحلية وغيرها وهنا يجب أن يتضمن الدستور الجديد التعديلات الخاصة بالإقتصاد والتوجهات المستقبلية حيث أن الدستور القديم أصبح لا يتناسب مع معطيات العصر الحالي . * المحور الثاني : الإستراتيجية الإقتصادية، يهدف المحور الثاني تحديد الرؤى الإقتصادية المستقبلية للإقتصاد المصري وهذا يمثل محوراً هاماً لرؤية الإقتصاد المصري ، وهنا نرى أن توجد رؤية طويلة المدى تأخذ في إعتبارها الإستراتيجية المستقبلية ووضع السياسات الإقتصادية المناسبة لتحقيق هذه الأهداف ومن الرؤى المطروحة وهي التركيز على سياسة دعم الصادرات مع تنمية الطلب المحلي ، مع ضرورة وضع السياسات الأقتصادية الداعمة للقطاع الخاص حيث يمثل عصب التنمية الإقتصادية المستقبلية . خاصة الصناعات الصغيرة والمتوسطة ، ووضع التشريعات والقوانين الدافعة للإستثمارات الأجنبية والمحلية ، والتركيز على إدارة الموارد الإقتصادية على أساس الكفاءة وخلق المناخ المتاح لتنمية الإمكانيات البشرية والإقتصادية . إضافة إلى السياسات الداعمة لتنمية القطاعية مثل قطاع الزراعة الذي يمثل جزءاً هاماً من المنظومة الإقتصادية ، والقطاع الصناعي بالإضافة الى القطاع الخدمي . تمثل الإستراتيجية الإقتصادية المستقبلية الاسس والإطر التي تؤدي إلى التنمية الإقتصادية والتي تنعكس آثارها المباشرة وغير المباشرة على أفرد المجتمع . * المحور الثالث : الإستراتيجية الإجتماعية، يمثل الفرد أهم غايات التنمية الإقتصادية والإجتماعية كما أنه يمثل أيضاً المحور الفاعل فيها ، حيث لا توجد تنمية بدون القوى البشرية ، ولقد عانى هذا القطاع من العديد من السلبيات والقصور التي إنعكس اثارها السلبية على أفراد المجتمع وخاصة الطبقات الفقيرة والمتوسطة . وتتلخص المبادئ الأساسية لهذا المحور في وضع إستراتيجية للتعليم الأساسي والجامعي حيث يؤدي النظام الجديد الى خلق جيل يقوم على التفكير والإبداع وليس على الحفظ والتلقين مع ضرورة ربطه بسوق العمل حيث تمثل ضعف الكفاءات أهم المعوقات في وجه التنمية في مصر . وضع الإستراتيجية الصحية حيث تمثل أحد أهم الركائز للإطار الإجتماعي ، كما أن وجود نظام طبي محترم يراعي الأفراد شئ أصبح من الضروريات التي يسعى إليها أفراد المجتمع . وبناء البنية الأساسية والتي يدخل في نطاقها الطرق والكباري والمجاري ومياة الشرب والمطارات وغيرها تمثل أيضاً محوراً هاماً وضرورياً ويمثل أحد ركائز التنمية المستقبلية ويؤدي أيضاً بدوره إلى ربط الأسواق وزيادة معدل الرفاهية للأفراد . التنمية المتوازنة وتقوم على الإهتمام المتوازي بالمحافظات الآخرى. ومن خلال تشجيع الإستثمارات فيها وإنشاء الوحدات الصحية والمستشفيات والمدارس والطرق خلافه . بالإضافة إلى ما سبق هناك ايضاً عامل آخر لابد من التركيز عليه وهو تنمية عامل الإنتماء حيث يشعر المواطن أنه يعيش في دوله تقوم على إرساء العدالة ، الحرية ، تكافؤ الفرص . إن الإستراتيجية الإقتصادية المستقبلية يجب أن تركز على وضع أهداف محددة من خلال جدوى زمني محدد التنفيذ . هذه بعض المقترحات التي يمكن النظر إليها على أنها تمثل رؤية حول مستقبل مصر ، ولقد صنعت ثورة الشباب الأخيرة الأمل في أن مصر تستحق منا جميعاً التضحية والعمل الجاد وتطبيق العدالة التي هي اساس الملك . ومن الدروس المستفادة في هذه الأزمة هي أن الديموقراطية لا توهب وإنما تؤخذ ، والشفافية وتوافر المعلومات هما الداعمان للحرية ، والقمع لا يقيم نظاماً ، والفساد آفة تلتهم الجميع ، الشباب ومقدرته على التوافق والتكييف مع التكنولوجيا الحديثة . والله من وراء القصد