رئيس جامعة القناة يوجه بتوفير الدعم الكامل للطلاب ذوي الهمم    البابا تواضروس يصلي القداس الإلهي ب كنيسة «العذراء» بأرض الجولف    عيد القمح وزراعتنا    النفط يسجل خسارة أسبوعية وسط ضغوط محتملة من زيادة إنتاج «أوبك+»    الأونروا: مخطط المساعدات الإسرائيلي الأمريكي بغزة مقدمة لنكبة ثانية    مستعمرون يحرقون 40 دونمًا مزروعة بالقمح فى سبسطية قرب نابلس    مركز الساحل والصحراء يعقد مؤتمرًا عن "الإرهاب فى غرب أفريقيا".. صور    ريمونتادا قاتلة.. سندرلاند يعود للدوري الإنجليزي الممتاز بعد غياب 8 سنوات    «نحارب بمفردنا».. أول تعليق من مدرب بيراميدز بعد التعادل مع صن داونز    مغامرة كأس العالم للأندية    إصابة نجم يد الزمالك بقطع في الرباط الصليبي للركبة    مصرع شخص وإصابة اثنين آخرين في حادث بالطريق الزراعي بالقليوبية    بدء امتحانات الفصل الدراسي الثاني ب8 مدارس فنية للتمريض بالإسكندرية    تأجيل محاكمة أكبر مافيا لتزوير الشهادات الجامعية    3 أفلام تتنافس على عيدية الجمهور فى موسم الأضحى السينمائي    «من الفيوم».. محمد رمضان يحتفل بعيد ميلاده من داخل لوكيشن فيلمه أسد    فرقة الغنايم تقدم «طواحين الهوا» على مسرح قصر الثقافة    موعد افتتاح المتحف المصري الكبير 2025.. هل يوافق إجازة رسمية؟    لقاء سويدان: حياة أحمد السقا ومها الصغير ملكهم وحدهم    ابتلعه قبل 4 أشهر دون أن يدري أحد.. أطباء مستشفى ناصر يستخرجون هاتفا من معدة مريض بشبرا الخيمة    وزارة الأوقاف الأردنية تحتفي بوداع حجاج المملكة إلى الديار المقدسة    تأجيل محاكمة متهمي اللجان النوعية    وزير البترول يتفقد المجمع الحكومي للخدمات الذكية خلال جولته بالوادى الجديد    "ملكة جمال الكون" ديو يجمع تامر حسني والشامي    ملك المونولوج.. ذكرى رحيل إسماعيل ياسين في كاريكاتير اليوم السابع    مصر للتأمين تفتح باب التقديم لبرنامج التدريب الصيفي لعام 2025    كونتي ضد كابيلو.. محكمة تحدد المدرب الأفضل في تاريخ الدوري الإيطالي    بمشاركة منتخب مصر.. فيفا يعلن ملاعب كأس العرب    ذا أثليتك: أموريم أبلغ جارناتشو بالبحث عن نادٍ جديد في الصيف    محمد صلاح يعادل إنجاز رونالدو وهنري ودي بروين    اتحاد الصناعات: الدولة تبذل جهودا كبيرة لتعميق صناعة حديد التسليح محليًا    سيد عطا: جاهزية جامعة حلوان الأهلية لسير الاختبارات.. صور    النائب مصطفى سالمان: تعديلات قانون انتخابات الشيوخ خطوة لضمان عدالة التمثيل    وزيرة التنمية المحلية تعلن انتهاء الخطة التدريبية لسقارة للعام المالي الحالي    وزير الداخلية اللبناني: الدولة لن تستكين إلا بتحرير كل جزء من أراضيها    تسجل 44.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس في مصر: موجة شديدة الحرارة تضرب البلاد ل48 ساعة    سقوط عدد من "لصوص القاهرة" بسرقات متنوعة في قبضة الأمن | صور    يديعوت: تأجيل تفعيل آلية توزيع المساعدات الأميركية في غزة لأسباب لوجستية    القوات الروسية تسيطر على 3 بلدات في شرق أوكرانيا    بيرو تفتح تحقيقاً جنائياً بحق جندي إسرائيلي بعد شكوى مؤسسة هند رجب    المرصد الأورومتوسطي: إسرائيل تصعد سياسة التهجير والتجويع تمهيدًا لطرد جماعي للفلسطينيين    محافظ قنا يكرم باحثة قانونية لحصولها على الدكتوراة في العلوم السياسية    المانجو "الأسواني" تظهر في الأسواق.. فما موعد محصول الزبدية والعويسي؟    محافظ الإسماعيلية ووزير الرياضة يشهدان لقاء القيادات الشبابية بمعسكر القرش (فيديو وصور)    داليا مصطفى: لا أحب العمل في السينما لهذا السبب    النزول من الطائرة بالونش!    رئيس الوزراء يفتتح المقر الرئيسي الجديد لهيئة الإسعاف    نائب وزير الصحة يبحث مع وفد منظمة الصحة العالمية واليونيسف تعزيز الحوكمة ووضع خارطة طريق مستقبلية    جامعة كفر الشيخ تسابق الزمن لإنهاء استكمال المنظومة الطبية والارتقاء بالمستشفيات الجديدة    مباشر.. أسرة سلطان القراء الشيخ سيد سعيد تستعد لاستقبال جثمانه بالدقهلية    براتب 20 ألف جنيه.. تعرف على فرص عمل للشباب في الأردن    رئيس جامعة الأزهر: القرآن الكريم مجالًا رحبًا للباحثين في التفسير    خلي بالك.. رادارات السرعة تلتقط 26 ألف مخالفة في يوم واحد    فتاوى الحج.. ما حكم استعمال المحرم للكريمات أثناء الإحرام؟    حكم طلاق الحائض عند المأذون؟.. أمين الفتوى يُجيب    الداخلية تضبط المسئول عن شركة لإلحاق العمالة بالخارج لقيامه بالنصب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 24-5-2025 في محافظة قنا    هل يجوز الحج عن الوالد المتوفي.. دار الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«زينب المهدى».. أحرقتها الحقيقة قبل أن تنضج
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 11 - 2014

«بنضحك على نفسنا علشان نعرف نعيش».. عبارة قصيرة اختتمتت بها «زينب المهدى» الناشطة السياسية آخر كلماتها عبر موقع الفيس بوك قبل أن تغلقه إلى الأبد، عبارة تختزل كل معاناتها وتداعيات نفسها وأسئلتها الحائرة المعلقة، عبارة اختصرت فيها المسافة نحو المجهول , فتأبطت مخاوفها وانطلقت سريعا دون أن تلتفت لا للزمان ولا المكان حتى لا تجبن أو تضعف سريرتها فيما عقدت العزم عليه .
كانوا يرونها لماما وعندما غابت وطال اختفاؤها لم يسأل عنها المفترض أنهم اصدقائها، وعندما لوحت بالانتحار أخذوا كلامها على محمل الهزل، من تبقى لها منهم أساء تقدير معاناتها وحجم مأساتها التي لم يلتفت إليها أحد أو حتى ينتبه لها , طرحت أسئلتها دون أن تتلقى الاجابات التي انتظرتها ربما تروى عطشها لمعرفة ما يدور من حولها , أو تشفى غليلا كان يحاصر خطواتها منذ أن انشقت عن جماعة الاخوان المسلمين وانضمت إلى حملة الدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح في الانتخابات الرئاسية عام 2012 (بهذا الشغف والاقبال والتفانى ) كما وصفها أحد أصدقاءها .
أدركتها لحظة الحسم مبكرا قبل أن تعثر على الاجابات الملتبسة في عقلها ووعيها، فقدرتها الذاتية لم تستطع تحمل المرحلة المرتبكة التي لا تدعو للتفاؤل ويشوبها الكثير من الشكوك، يهرب منها اليقين ويجافيها الأمان وجلاء الحقيقة التي اندست بين ركام هائل من الاكاذيب والمغالطات .
أخلصت لمبدأها فتعثرت، وتماهت في عقيدتها فانتكست، لأنها ببساطة تطرفت! ولم تعرف الوسطية طريقا لها , والتطرف في أي شئ يفقد صاحبه المنطق والاتزان , انحرفت البوصلة لايمانها المتطرف بفكر الاخوان ومن ثم الانفصال عنهم واللجوء لمعادلهم الدكتورعبدالمنعم أو الفتوح , ثم تركت هذا وذاك فقررت خلع الحجاب , وغاصت في فوضى الأفكار فتلقفتها أوهام فكر الملحدين وهو أيضا فكر متطرف لا ينتمى للعقلانية بشئ عكس ما يدعون , في الوقت الذي تخلى عنها أصدقائها , فنهشتها الوحدة وتعمق تشتتها في أفكار جدلية.. «تعبت.. استهلكت ومفيش فايدة».. ثم اختفت وطال غيابها الذي لم يأبه به أحد من المقربين اليها أو يحاول الاستفسارعنها كما قال زميلها عمار على صفحته الشخصية في الفيس بوك .
ترى ما الذي دار بخلدها قبل أن تقرر الابتعاد ومن ثم الرحيل؟؟ ماذا جال بخاطرها لحظة الفصل بين الحياة والموت؟؟ أسئلة قدرية لن يجيب عليها أحد طالما حطت رحالها إلى مصيرها المحتوم بارادتها دون الالتفات إلى عالمها الذي ضاق عليها، كحبل المشنقة الذي نصبته لنفسها واختارته لينهى حياتها القليلة المثخنة بالآلام والعذابات والتساؤلات !!
نعم أحرقتها تجربتها القصيرة في الحياة فلم تطق صبرا للجنوح نحو الموت، بدلا من نضوجها وانتزاع عالمها الفكرى من براثن التشويش والأفكار الملتبسة في وطن أصبحنا سبايا لمتناقضاته الفكرية، تحتضر انسانيته فأصابه فيرس الاكتآب , تعلق فيه المشانق لكل منحرف عن المسار دون أدنى اكتراث بآدميته الانسانية ..«كلهم ولاد كلب.. واحنا بنفحت في مايه.. مفيش قانون خالص هيجيب حق حد بس احنا بنعمل اللى علينا أهى كلمة حق نقدر بيها نبص لوشوشنا ف المراية من غير ما نتف عليها.. مفيش عدل.. وأنا مدركة دا ومفيش أي نصر جاى ..» !.
الكل شارك في ذبح براءة زينب بالقول أو الفعل، دمر براعم الأمل داخلها دون أن يرف له جفن، لقنها التطرف دون تفسير منطقى , وعندما حاولت الفهم لم تجد إلا جدران عالية تحول بينها وبين الوصول للأجوبة على تساؤلاتها القدرية والمصيرية , انتمت للاخوان وهى لا تعرف من أمور الدين إلا فتاتا , وعندما حاولت الفهم والاعتراض نُبذت وتحولت إلى عنصر شذ عن القاعدة , وحينما جرفها تيار الالحاد لم تهدأ روحها ليقينهم الذي حاولوا بثه فيها , بل ازدادت ضياعا فقررت إنهاء تلك المهزلة في غفلة من المحيطين بها ورحلت ...!!
زينب نموذج مصغر لمجتمع ضاعت فيه الأحلام ولم يعد يمتلك مستقبله، فكم من منتحر أصبح عنوان لخبر في صحيفة يومية ؟؟.. «فلان وجد مشنوقا على لوحة إعلانية في الطريق الصحراوى».. «عاطل يشنق نفسه لعدم قدرته على مواجهة ديونه».. «أب يقتل أولاده وينتحر لعدم مقدرته الانفاق عليهم» وو.. وهكذا أصبح يطالعنا صباح كل يوم جديد على خبر مشؤوم من هذا النوع وتحول إلى ظاهرة مجتمعية مفزعة، وكأننا أصبحنا في سويسرا بلاد السحر والرومانسية وأعلى نسبة انتحار في العالم لامتلاكهم كل شئ , مع الفارق أن المنتحر هنا قد ضاقت به الدنيا لافتقاده كل شئ!! الأمن والأمان والاستقرار واليقين , الذين استبدلوا بانتشار الجريمة وانهيار الاقتصاد وتمدد الارهاب حتى بات قاب قوسين أو أدنى من كل بيت.. ذلك الشبح الذي فرضته إرادة متطرفة مارقة تحت ستار الدين , وتريد فرضه عنوة على المجتمع ببث الأفكار المسمومة في شباب لا يفهم معنى الوسطية أو حتى لديه الاستعداد للفهم , يتلقن ثم ينفذ ثم يعيث خرابا ثم يُقتل , تلك هي رسالته المضللة في الحياة ومن أجل تحقيقها زُرعت المجموعات الارهابية على اختلافها في فراغ المعرفة وغفلة ذوى الأمر .
فهل نصبح أسرى عالمنا الافتراضى هروبا من عالمنا الحقيقى حتى لا نلق مصير زينب، واقعنا الذي بخل علينا بكل شئ، لم يتحقق فيه عدالة اجتماعية ولا حرية ولا أدنى حدود الآدمية , فلا يزال الفساد مستشريا وقمع الحريات طاغيا ونسائم الحرية بعيدة عن المنال ..؟؟
اشترك الآن لتصلك أهم الأخبار لحظة بلحظة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.