تدمير الأشباح سعيد رمضان على / مصر [email protected] بعض الناس يتكلمون كل يوم لغة، ويرتدون كل يوم قناعا،إلا شباب ثورة مصر، رغم الفقر والتعب والتنكيل والترهيب والموت، لم يتغيروا ولم يتنكروا ، ظلوا حاملين رسالتهم وهم يرون الجراح تنزف كل ساعة و الشهداء يتساقطون كل يوم.. وكانوا على استعداد ليتبعوهم دون نكوص .. وكان ثم أيمان عميق يحركهم بأن الرسالة سوف تصل .. وان أحلامهم ستتحقق .. وأفكارهم ستهزم الجبروت وتنتصر .. وقد ظل شباب الثورة يتربعون على عرش النيران كاشفين حقيقة الحاكم والسلطة ، مدركين أن هناك من يتربص بثورتهم ، من فئة تنتمي إلى مجموعة حماة الفساد .. فئة تحاول أن تعود بنا إلى سراديب الظلام وعصر التكفير والاعتقال.. ومنذ أن بدأ الشباب بالثورة في 25 يناير وهم يعرفون جيدا مايريدون, والدور المطلوب منهم .. لقد قامت الثورة ببساطة لأن المجتمع في حاجة إليها .. كان بحاجة لناس تحطم القيود ولا تخشى الخطوط الحمراء ولاحتى الموت في سبيل دفاعها عن الحرية وتحرير المجتمع من أثقال عقود, كبلت روحه وسحقت تطلعاته وأحلامه .. وطول رحلة الثورة وحتى الآن كانت تقفز فوق الأشواك وتواجه اعتي الناس ممن تحجرت قلوبهم ونهبوا خيرات بلدهم .. أن الثورة تعرف أين هي جحور الثعابين وأعشاش مصاصي الدم .. لكنها بالتأكيد تعرف الفرق بين الرسالة المنزهة عن الأغراض الشخصية, وبين من يحاولون ركوب الثورة لتحقيق أهداف سياسية ومصالح شخصية .. الثورة لا تعبر عن حزب وليست لسان فئة دون فئة. وليست الثورة حكرا على فترة دون فترة.. بل هي روح متوثبة حملت بلدها مصر ووضعتها في قلب الدنيا ومستقبلها.. روح متحررة تفيض ببهاء مبطن، حاملة شعلة الأمل .. تضيء كل درب مظلم .. لم يعد هناك فتنة طائفية .. مسلم ومسيحي ، رجل وامرأة .. شاب وشيخ، بل ذوبان بين الجميع ، وذوبان بين الأجيال، روح واحدة تنساب من كل قلب .. متطلعة إلى أفق تسطع فيه النجوم مشكلتنا الآن ليست الشعارات التي تطلق من هنا وهناك ، أو ثورة مضادة، فثورتنا التي أوصلت شرف لرئاسة الوزراء محمولا على أكتاف الشعب، لايهمها الترهيب ولا التنكيل ولا التخويف، لأن رسالتها هي مصر ومستقبلها .. وهو مستقبل مرهون بشبابها مشكلتنا لن تجد حلها في الحماسة العاطفية التي يمكن أن تخمد .. لا .. بل مشكلتنا مصير شعب .. ومصير حضارة .. وإذا كانت الثورة أسقطت شرعية النظام وأعلنت شرعيتها، فلنسند تلك الشرعية بأسس ديمقراطية ... وأول الديمقراطية هو الاعتراف بوجود الرأي المخالف .. وبوجود آخر مختلف .. وأن ندمر أشباح تصيد الأخطاء، وتصفية الحسابات مع مخالفينا السابقين .. التي تعكر نومنا وتمنع انطلاقنا، ذلك أول الديمقراطية وبداية الحوار الصحيح لمصر متقدمة وشامخة. -----------------