من «إسبانيا» إلى «كوستاريكا» .. الزي الأبيض «فأل شؤم» أم «بشرة خير»

«لقيته داخل علي لابس أبيض في أبيض»، جمله سمعناها كثيرًا في مسلسلات وأفلام عربية، والرداء الأبيض الكامل يمثل فيها فأل خير على من يرتديه، إلا أن كرة القدم لا تعترف بمضمون الأحلام، حيث مثل الرداء الأبيض فأل شؤم على فرق كبيرة اعتادت الفوز، فكان الأبيض هو رداء الهزيمة بالنسبة لها، فيما كان نفس اللون هو تميمة الحظ لفريق ظن أنه قدم للمونديال فقط للتصوير مع نجوم المنتخبات الآخرى.
لم ترتد إسبانيا الأبيض في مسيرتها في كأس العالم الماضية التي فازت بلقبها، ولم تفز بأي كأس عالم أرتدت فيه الزي الأبيض، إلا أنها لم تكترث لهذه المفارقة، فعادت لإرتدائه في المونديال الحالي، أمام هولندا، التي لا تزال تتذكر هزيمة «الماتادور» لها في نهائي كأس العالم الماضي، لكن الرداء الأبيض عاد بلعنته على الإسبان ليخسروا بنتيجة تاريخية 1-5 أمام آريين روبين ورفاقه، محققين ثاني أكبر هزيمة للمنتخب الإسباني منذ أكثر من نصف قرن.
المنتخب الإنجليزي كذلك، ارتدى الأبيض في مباراته أمام إيطاليا، الأحد، ورغم الأداء الجيد، إلا أن المنتخب الإيطالي نجح في كبح جماح الإنجليز، وهزمه بهدفين لهدف.
إيطاليا نفسها لها قصة مع الرداء الأبيض، حين لاقت المنتخب الفرنسي في نهائي يورو 2000، وارتدت الزي الإحتياطي، الأبيض، فيما ارتدت فرنسا زيها الأساسي، الأزرق، وحينها تقدمت إيطاليا بهدف حتى الوقت الضائع من المباراة، فيما بدا وأنها في طريقها لإحراز اللقب، إلا أن المنتخب الفرنسي نجح في التعادل قبل صافرة النهاية، وحسم المباراة لصالحه بالهدف الذهبي، في الوقت الإضافي، بقدم دافيد تريزيجيه، وقد وصف حينها الرداء الأبيض للمنتخب الإيطالي بأنه «نحس» على «الآتزوري».
نفس اللقاء تكرر في نهائي مونديال ألمانيا 2006، فرنسا في مواجهة إيطاليا، هذه المرة إيطاليا تبتعد عن لعنة الأبيض وترتدي الأزرق، أما فرنسا، فأرتدت الزي الإحتياطي، الأبيض بالكامل، وكأن اللون يحمل لعنة ما، تكرر سيناريو عام 2000، لكن بشكل معكوس، فتقدمت فرنسا بركلة جزاء للأسطورة، زين الدين زيدان، لكن المنتخب الإيطالي سرعان ما تعادل، ثم طرد زيدان بعد نطحته الشهيرة لماركو ماتيراتزي، مدافع إيطاليا، ويمتد اللقاء لركلات الجزاء الترجيحية، وكالعادة يفشل صاحب الرداء الأبيض في حسمها، لتفوز إيطاليا وتحقق الثأر من الفرنسيين.
الزي الأبيض الكامل له تاريخ أيضًا في المونديال مع أكثر الفرق فوزًا بالبطولة، البرازيل، حيث كان الرداء الرسمي للمنتخب البرازيلي حتى عام 1950 هو الأبيض، قميصًا وسروالًا، لكن حين آتى مونديال 1950 إلى بلدهم، ووصلوا إلى النهائي، وامتلأ ملعب الماراكانا الشهير عن آخره لرؤية منتخب بلادهم يهزم منافسه، الأوروجواي، ويحرز لقب البطولة، إلا أن الأوروجواي لم تهدي تلك الجماهير اللحظة التي تمنوها، فهزموا البرازيل «البيضاء» في قلب ساو باولو، ليتشائم البرازيليون من ردائهم الأبيض ويتم تغييره فيما بعد هذه الواقعة للأصفر.
للزي الأبيض واقع مختلف مع الفرق الصغيرة في هذا المونديال، فمباراة أوروجواي وكوستاريكا، شهدت ارتداء كوستاريكا للزي الأبيض الكامل، أمام الزي السماوي المميز لأبطال العالم مرتين، أوروجواي. كوستاريكا الذي آمن الكل بأنها ستكون «ضيف شرف» في المونديال الحالي، فجرت مفاجأة كبيرة، بإذلالها لرفاق إديسون كافاني بثلاثية مقابل هدف، ليكون الرداء الأبيض، على العكس، نظير خير.
كذلك، قرر منتخب الجزائر إرتداء الزي الأبيض الكامل في مونديال البرازيل، تفاؤلًا به، حسب تصريحاتهم، بعد النتائج الجيدة التي حققوها بهذا الزي في مباريات التصفيات التي قادتهم إلى البرازيل. ويبقى التساؤل حول ما إذا كان المنتخب الجزائري سيثبت صحة المفارقة، التي يبدو فيها وأن الزي الأبيض هو «بشرة خير» للصغار ولعنة على الكبار.