المنتخب البوسني يتحدى «متلازمة البلقان» وقوة مجموعته في المونديال البرازيلي

بعدما تحدى المنتخب البوسني لكرة القدم اللامبالاة وأحيانا الازدراء من نصف مواطني البوسنة وأحرز إحدى بطاقات التأهل المباشر من القارة الأوروبية إلى بطولة كأس العالم 2014 بالبرازيل، يبدو أن كل ما فعله المنتخب البوسني تبدد في الشهور القليلة الماضية وأنه يحتاج إلى تحد جديد في مواجهة نظرة المواطنين إليه.
ويتمتع المنتخب البوسني بمواهب حقيقية ونقاط قوة هائلة على أرضية الملعب ولكنه يحتاج أولا إلى النجاح في التحدي مع فئة تصف مشاركة الفريق في المونديال «بمتلازمة البلقان».
ويحتاج المنتخب البوسني أولا إلى أن يهزم هذه الفئة اليائسة إذا أراد ألا يسقط حتى قبل أن تبدأ مشاركته في المونديال البرازيلي حيث يستهل مسيرته في البطولة بلقاء صعب للغاية في مواجهة نظيره الأرجنتيني أحد أبرز المرشحين للفوز باللقب العالمي.
وتشير تقارير «متلازمة البلقان» إلى سقوط الفرق الموهوبة والقوية من منطقة البلقان في البطولات الكبيرة التي تشارك فيها بمختلف الرياضات.
وتتباين الأسباب ما بين شعور لاعبي هذه الفرق بالثقة الزائدة إلى التطفل والسعي القوي من الفرق الأخرى غير المرشحة للقفز على منصات النجاح
وعاند الحظ العديد من فرق يوغسلافيا السابقة واستمر مع فرق البلدان التي أسفر عنها تفكك يوغسلافيا وكانت الفرق الكرواتية هي الاستثناء الوحيد من هذا.
وعانت البوسنة بشدة من التقسيم والصراعات منذ اندلاع الحروب في هذه المنطقة أوائل التسعينيات من القرن الماضي. وانتهت المشكلة بالتقسيم الفعلي والعرقي للبوسنة إلى قسمين الأول يضم المسلمين والكروات والثاني به الصرب.
ويشجع معظم كروات البوسنة المنتخب الكرواتي الذي تأهل هو الآخر للمونديال البرازيلي بينما سيحظى المنتخب البوسني بتشجيع عدد قليل للغاية من صرب البوسنة رغم فشل المنتخب الصربي في التأهل للمونديال البرازيلي.
ويحظى المنتخب البوسني بتأييد المواطنين المسلمين كما تعتمد تشكيلة الفريق على أغلبية من اللاعبين المسلمين.
وفجر تأهل الفريق المباشر إلى المونديال البرازيلي ودون خوض الملحق الفاصل موجة هائلة من الاحتفالات في شوارع سراييفو ولكن هذا لم يكن الحال في أماكن تجمعات الكتل الصربية والكرواتية في بانيالوكا وموستار.
وقال أمير سباهيتش قائد الفريق، بعد الفوز على المنتخب الليتواني في عقر داره بالجولة الأخيرة من التصفيات وحسم الفريق بطاقة التأهل للمونديال، «الشكر للجميع في البوسنة والهرسك على هذا الوقت الجميل. والشكر أيضًا لمن كان ضدنا. هؤلاء اللاعبين يستحقون أكثر كثيًرا».
ورغم هذا، تهدد «متلازمة البلقان» المنتخب البوسني حاليًا حيث أشارت وسائل الإعلام البوسنية إلى تراجع أجواء تأييد ودعم الفريق بعدما استدعى سافيت سوسيتش المدير الفني للمنتخب البوسني ابن شقيقه زفن سوسيتش لاعب خط وسط هايدوك سبليت الكرواتي إلى صفوف الفريق.
وكان المدرب سوسيتش أحد نجوم اللعبة في يوغسلافيا السابقة كما قاد المنتخب البوسني بشكل رائع للمونديال البرازيلي ونال إشادة الجميع ولكن الحال انقلب حاليا حيث تطلق عليه وسائل الإعلام البوسنية "بيتكو البوسني" في إشارة إلى إيليا بيتكوفيتش مدرب منتخب صربيا ومونتنجرو السابق والذي سقط بالفريق في الدور الأول (دور المجموعات) لبطولة كأس العالم 2006 بألمانيا.
وأشارت التقارير إلى أن بداية سقوط بيتكوفيتش وفريقه كانت منذ أن استدعى نجله دوسان إلى صفوف الفريق.
ودفعت الانتقادات القاسية للمدرب البوسني إيفيكا أوسيم الاب الروحي للكرة البوسنية إلى الرد قائلا «الناس يجدون دائما شيئا ينتقدونه. إننا نفسد أجواء الفريق وهذا أمر خاطئ».
ولكن الأجواء السلبية حول الفريق تفاقمت واستمرت بعد الهزيمة «0-2» أمام المنتخب المصري وديًا في الخامس من مارس الماضي والتي كانت أول مباراة يخوضها الفريق في 2014 .
ويحتاج سوسيتش الآن لإعادة الانضباط إلى الفريق واستعادة المساندة من وسائل الإعلام حتى تكتمل أدواته في الفترة المقبلة وتتضاعف فرصه في العبور من هذه المجموعة الصعبة التي ينافس فيها بالدور الأول للمونديال والتي تضم منتخبات الأرجنتين ونيجيريا وإيران.
ويعتمد المنتخب البوسني على خط هجوم قوي بقيادة إدين دزيكو نجم مانشستر سيتي الإنجليزي وفيداد إيبيسفيتش مهاجم شتوتجارت الألماني حيث سجل الأول عشرة أهداف والثاني سبعة أهداف في التصفيات الأوروبية المؤهلة للمونديال البرازيلي مما جعل من الفريق صاحب رابع أقوى هجوم في التصفيات بعد منتخبات هولندا وألمانيا وإنجلترا.
أما اللاعب الأكثر أهمية في صفوف الفريق فهو ميراليم بيانيتش نجم روما الإيطالي لأنه المنظم الأساسي للفريق والخطر الأكبر على مرمى المنافسين.
كما يتألق في صفوف الفريق سباهيتش مدافع باير ليفركوزن وأسمير بيجوفيتش حارس مرمى ستوك سيتي الإنجليزي المحنك وحارس ميدونيانين لاعب وسط غازي عنتاب التركي علما بأن الأخير يمثل اللاعب "الجوكر" الذي يعتمد عليه سوسيتش كثيرا حيث يستطيع اللعب في الهجوم ويجيد أداء الواجبات الدفاعية وهو ما قد يحتاجه الفريق كثيرًا في مواجهة منتخبي الأرجنتين ونيجيريا.
ولكن على ما يبدو أن أكثر المشجعين تعصبا وحماسا للفريق لا يستطيعون التخلص من فكرة «متلازمة البلقان».
واعترف سوسيتش نفسه بأن المنتخب الأرجنتيني هو المرشح الأقوى للفوز بصدارة المجموعة ويؤكد أن فريقه يحتاج إلى التغلب على كل من المنتخبين النيجيري والإيراني إذا أراد العبور مع التانجو الأرجنتيني إلى دور الستة عشر.