اتهمت هيئة حقوقية في جنوب السودان طرفي النزاع في جوبا بارتكاب «جرائم حرب ومجازر عرقية»، خلال ثلاثة أشهر من منذ اندلاع الصراع الدائر وأعمال عنف التي تجتاح البلاد، ما أسفر عن مقتل 600 مدنيا في جوبا وحدها و2000 آخرين في ولايات أخرى. وذكر تقرير أصدرته مفوضية حقوق الإنسان في جنوب السودان «حكومية»، وتلقت وكالة الأناضول نسخة منه، أن «القوات الحكومية التابعة للرئيس سلفاكير ميارديت، وقوات المتمردين الموالية لريك مشار النائب المقال للرئيس ارتكبت جرائم حرب»، و«انتهاكات لحقوق الإنسان على نطاق واسع في أعقاب اندلاع العنف منذ 15 ديسمبر الماضي». وأشار التقرير إلى وقوع أعمال عنف مستهدف ومجازر عرقية بين أفراد قبيلتي «الدينكا» التي ينتمي إليها الرئيس كير، و«النوير» التي ينتمي إليها مشار. وخلص التقرير إلى أن «القوات الحكومية بدأت مجزرة راح ضحيتها المئات من عرقية (النوير) في جوبا وحدها يوم 16 ديسمبر». وأوضح أنه «بعد بداية المواجهات داخل وحدة الحرس الجمهوري في منتصف ديسمبر، قام أفراد منهم باستهداف المواطنين التابعين لقبيلة النوير الموجودين بجوبا، حيث قاموا بحصارهم داخل منازلهم والإجهاز عليهم"، فكانت نقطة التحول التي اتخذت معها أعمال العنف السياسي منحى عرقيا». ولفت التقرير أيضا إلى أن قوات «المتمردين» الموالية ل «مشار» نفذت عمليات قتل انتقامية ضد عرقية «الدينكا» في ولايات أخرى، وتشمل: «جونقلي» (شرق) و«أعالي النيل» (شمال شرق)، و«الوحدة» (شمال) و«واراب» (وسط). وأفاد التقرير أن عدد القتلى في جوبا خلال الأيام الثلاثة الأولى من النزاع 600 قتيل ومعظمهم من عرقية النوير، فيما قتل أكثر من 2000 مدنيا من عرقية «الدينكا» على أيدي المتمردين في مدينة بور عاصمة ولاية جونقلي، في أعقاب مجزرة جوبا، علاوة على عدة مئات آخرين في حوادث مختلفة في ولايات أخرى، لم يحدد التقرير عددهم. وقالت المفوضية إنها ستقوم بتسليم تقريرها إلى جهات صنع القرار بالدولة خاصة البرلمان القومي ومجلس الولايات، محذرة من مخاطر الإبادة الجماعية التي تلوح في الأفق ما لم يتم حل النزاع بشكل عاجل، بالنظر إلى أن قبيلتي «الدينكا» و«النوير» المتنازعتين تمثلان أكبر المجموعات الإثنية التي تمتلك السلاح في جنوب السودان. ولفتت إلى أن هناك شهود عيان أفادوا بأنهم رأوا أسرا من «النوير» يتم قتلهم في منازلهم، فيما شاهد آخرون أفرادا من «الدينكا» يرتدون أزياء عسكرية رسمية ويحملون أسلحة اوتوماتيكية يقومون بتفتيش المنازل بحثا عن «النوير». ويوثق التقرير الصادر في 13 صفحة النتائج التي توصلت إليها المفوضية، والآراء بشأن أوضاع حقوق الإنسان المرتبطة بالنزاع، ويستند على الملاحظات وروايات شهود العيان فضلا عن تحليل تقارير الوكالات الوطنية والدولية الأخرى لحقوق الإنسان. وأجلت الجولة الثانية من مفاوضات جنوب السودان (كانت مقررة في 20 مارس الجاري)، التي تجري في أديس أبابا بين وفدي الحكومة والمعارضة، إلى موعد غير محدد. وتدور الخلافات بين الجانبين حول مطالب المعارضة بانسحاب القوات الأجنبية ونشر قوات حفظ السلام الأفريقية، والإفراج عن باقي المعتقلين من قادة المعارضة. وتشهد جنوب السودان منذ منتصف ديسمبر الماضي، مواجهات دموية بين القوات الحكومية ومسلحين مناوئين لها تابعين لريك مشار النائب السابق للرئيس سلفا كير، الذي يتهمه الأخير بمحاولة الانقلاب عليه عسكريا، وهو الأمر الذي ينفيه الأول. ووقع طرفا الأزمة في جنوب السودان اتفاقا خلال الجولة الأولى من مفاوضات للسلام بينهما بوساطة أفريقية، في 23 يناير الماضي، يقضي بوقف العدائيات بين الجانبين وإطلاق سراح المعتقلين من قادة المعارضة، وتبادل الطرفان اتهامات بانتهاكه.